مدخل دراسي للإنجيل
رسائل بولس الرسول
التحليل الروحي لفكر بولس الرسول
السمات الرئيسية في حياة
1-بولس الرسول كخادم مثالي
حياته
ج-القضية الثالثة:موت المسيح:
في البند السابق تكلمنا عن القضية الثانية التي شغلت فكر معلمنا بولس الرسول وهي القيامة,غير أن القيامة تستدعي الموت الذي سبقها.
وقد ركز تفكيره وتأمله في هذا الموضوع وإن كان في معظم الأحيان يتحدث عن الأمرين معا أي عن الموت والحياة أو الموت والقيامة بل أن هذا التضادOpposition أمر شائع عنده كما في(1كو3:22, 23),(رو8:38).علي سبيل المثال لا الحصر..ولكن قبل أن نستفيض دعونا نسأل:
كيف تكون فكر بولس الرسول عن موت المسيح؟
وللإجابة نقول:إن هناك أربعة مصادر هي:
1-التقليد المسيحي:أي ما تسلمه من الجماعة المسيحية الأولي مثل حنانيا أسقف دمشق الذي كان أول من سلمه الإيمان(أع9:17 و1كو15:3, 4).
2-الاختبار الشخصي:من خلال ما عناه من اضطهادات وآلام أشركته في موت المسيح(رو6),(كو1:24),(1تس2:14-16),(2كو4:7).
3-الوحي الشخصي:الذي كشف له الرب يسوع ذاته وقد أعلنه الرسول مرارا كما في(غلا1:12),(1كو11:23-27).
4-الصيغة اللاهوتية:التيابتكرها ردا علي تساؤلات مؤمني الكنائس التي أسسها وذلك من خلال عدة تعابير مثل:مات-صلب-تألم-ذبيحة-دم الصليب-أسلم-دفن.
هذا وقد استخدم الرسول عدة تعابير لاهوتية للدلالة عليموت المسيح كما يلي:
1-التعبير القانوني:
إن موت المسيح هوالتبرير والحياةفالله وفقا لهذا التعبير هو حاكم يظهر الله في العهد القديم في قضية وحكم مع شعبه(رو2:12),إلا أنه في العهد الجديد يظهر بر الله(رو3:21),المسيح اشترانا وفدانا إذ كنا مباعين للخطية(رو3:12) والنص الذي يوضح هذا التعبير هو(رو6:5-11).
2-التعبير السياسي:
إن موت المسيح هوالتحرير والتحول فالله وفقا لهذا التعبير هوسيدمات لكي يحرر البشر من الناموس والخطية والموت الذي هو آخر عدو يبيده (1كو15:26) بمعني آخر أن المسيح بموته يحرر من عبودية الخطية ليمنح حرية أبناء الله(مثلما كان تحرير الشعب قديما من عبودية مصر إلي حرية أرض الميعاد) كما أن لهذا التعبير بعدا آخر هو التحويل إذ أدرك بولس الرسول أن موت المسيح يبطل سلطان الخطية فتتغير حالة الخطية التي يتميز بها الإنسان وهذا هو الخلق الجديد الذي يناله كثمرة لموت المسيح,وهذا ما نسميه التحويل الذي يمس الأفراد في كيانهم.
3-التعبير الإنساني:
أن موت المسيح هومصالحة واتحاد ليس الله حاكما فقط(ومن هنا التبرير) ولا هو السيد فقط(ومن هنا التحرير) ولكنه أيضا الإله الذي يدخل في علاقة شخصية مع البشر في العهد القديم الذي يقطعه معهم فالمسيح مات لأجلنا وهذا لا يخص المسيحيين بل البشر جميعا في حالة الخطيئة كما أن موته صالح به البشر مع الله,لقد كانت الخطية هي انفصال الإنسان عن الله(رو5:1-2, 10) وكان موت المسيح هو إعادة للعلاقة بين الطرفين لقد أعاد العهد الذي قطعه الله مع البشر ونقده البشر دون وفاء.
ولكن الرسول لايكتفي بأن يظهر محبة الله في المسيح نحو البشر وماترتب عليه من ضرورة الفداء,ولكنه يذهب إلي أبعد حد وأعمق من ذلك فإن العلاقة بين الطرفين يجب أن تؤول إلي أن يصبح المؤمنفي المسيح لامع المسيح أو تحت سلطة المسيح فقط,وهذا أبعد ما يمكن أن يصل إليه المؤمن في علاقته الشخصية بالمسيح,وهذا الاتحاد يتم من خلال ثلاثة أفعال:-الإيمان(1تس4:14).
-المعمودية(رو6:3-5),(كو2:12).
-الأفخارستيا(1كو10:16-17),(1كو11:26).
والخلاصة أن موت السيد المسيح اتخذ في فكر بولس الرسول ثلاثة معايير متكاملة:قانونيا وسياسيا وإنسانيا علي مستويين:وهناك تعمق من تعبير إلي آخر…
-علي المستوي الجماعي:التبرير يؤكد قانونيا التحرر من نزاعات التسلط السياسية والمصالحة تعمق العلاقات الشخصية في الحب…
-علي المستوي الفردي:الحياة تظهر في التحويل الجذري,ولكن الهدف هو الاتحاد بين المسيح والمؤمن.
د-القضية الرابعة:التجسد:
لايسهب الرسول في الحديث عما قبل موت المسيح أي حياة الرب يسوع الأرضية وتجسده لأنه ينظر إلي المسيح بحسب الروح لا بحسب الجسد(رو1:3, 4),(رو9:5).
ويعتبر المقطع(في2:6-11) هو أكثر المواضع في رسائله حديثا عن التجسد والإخلاء كما أنه يورد بعض التفاصيل الخاصة عن حياة المسيح فيسرد أنه مولود من امرأة(غلا4:4) وأنه ابن داود(رو1:4,3) كما يذكر الليلة التي أسلم فيها(1كو11:23) وأنه صلب ومات ودفن وقام وظهر لتلاميذه(1كو2:8),(1كو15:3, 4),(غلا2:20),(غلا3:1) (في2:5),(1كو15:3-8).
ملحوظة أخيرة حول محور المسيح وأعماله..
-أن لفظة خلاص ترد19مرة في رسائله.
-ولفظة بر ترد57مرة في رسائله.
-ولفظة مخلص ترد12 مرة منها 10مرات في الرسائل الرعوية.
-ويصفة عامة فإنه يستخدم أكثر التعابير واقعية وهي الموت,القيامة,مجئ المسيح,ونلاحظ أن كلمةخلاص تختص بخلاص الأمم أكثر منها بخلاص الشعب اليهودي والخلاص يجمع بين:
أ-الماضي(موت/قيامة المسيح).
ب-الحاضر(اشتراك المؤمن في حياة عمل المسيح).
ج-المستقبل(المجئ الثاني للمسيح).
المحور الثاني:الكنيسة جسد المسيح
يعتبر بولس الرسول أكثر كتاب العهد الجديد استخداما لكلمة كنيسة فقد ذكرها 62 مرة في رسائله(3مرات في إنجيل متي,23 مرة في أعمال الرسل,29مرة في الرسائل الجامعة,20مرة في الرؤيا).
ولفظة كنيسة تعريب للكلمة اليونانية المشتقة من الفعل اليوناني دعا أيالدعوة.
فالكنيسة في العرف اليونانيجماعة المدعوين والمسيحية نصرت الكلمة ومدلولها فصارت:الجماعة الدينية التي يدعوها ويجمعها الله(يو17:6) إنها جماعة حقا بمعني أن اختيار الله لشعب,لجماعةوليس لأفراد منفصلين عن البعض وقد أطلق بولس علي الكنيسة صفةبيت الله أوعائلة الله أوكنيسة الله الحي عمود الحق(لاعلانه) وقاعدته(لتثبيته) للحفاظ عليه(1تي3:15).
أ-القضية الأولي:الكنيسة المحلية:
والمقصود هو الكنيسة التي تنتمي إلي بلد معين مثل كنيسة كورنثوس وكنيسة روما وغيرهما من الكنائس,ومدلولكنيسة محلية يرمي أساسا إلي العلاقة بين أعضاء الجسد الواحد أي العلاقة بين أعضاء هذه الكنيسة ويمكننا تلخيص فكر الرسول حول تكوين الكنيسة المحلية كجسد المسيح في الأمور الثلاثة التالية:
1-المعمودية:
هي الباب للارتباط بالمسيح وتكوين جسد المسيح كما أنها توحد المؤمنين فيما بينهم وتجعلهم جسدا واحدا.كأن للمعمودية بعدين هما:
أ-توحد المؤمن بالرب يسوع(بعد رأسي).
ب-توحد المؤمنين بعضهم ببعض(توحد أفقي).
وهذا ما يعلنه الرسول في قولهلأننا جميعنا بروح واحد أيضا اعتمدنا إلي جسد واحد…(1كو12:13).
2-التناول:
فالاشتراك في جسد المسيح ودمه يكون جسده حقا أي كنيسته,كنيسته في كورنثوس,وكنيسته في روما فللتناول أيضا بعدان:
أ-يوحد بالمسيح الإنسان المؤمن(بعد رأسي).
ب-يوحد المشتركين بعضهم ببعض (بعد أفقي).
وهذا مايعبر عنه الرسول في(1كو10:16) فإن كانت الكنيسة تصير بالمعمودية جماعة المسيح,فإنها تظل وتنمو ككنيسة بالعشاء الرباني.ونستنتج من ذلك أن الاتحاد بالمسيح هو أساس الاتحاد بين المشتركين وهذا ما نسميه حياة الشركة.
3-المواهب:
كان بولس الرسول يبني تأسيس الكنيسة وتكوينها ونموها علي شخص السيد المسيح لكنه كان يبنيها أيضا كجسد المسيح علي عمل الروح القدس الذي بمواهبه يبني الجسد فكنيسة المسيح واحدة مع تعدد مواهب أعضائها(1كو12:12, 13).
ويسمي أصحاح(1كو12) أصحاح المواهب المتنوعة وأيضا كل موهبة لها بعدان:
أ-إنها عطية مجانية من عند الله (بعد رأسي).
ب-إنها تعطي لخدمة الآخرين(بعد أفقي).