تحويل الماء إلى خمر في قانا الجليل صار عيداً خلاصياً و ذلك لأن فيه تمّ استعلان شخص المسيح يسوع وعمله الخلاصي.
• أتى إلى العرس لهدفين:
. تقديس الزواج: الآب أسّس الزواج في العهد اليهودي، الأبن قدس الزواج بحضوره بذاته.
. تحويل الماء إلى خمر:
– يقول القديس إيلاريون: “لم تكن مزيجاً بل خليقة جديدة، اختفت صورة الماء (الصورة العتيقة)، إلى طبيعة الخمر ( الصورة الجديدة )” .
– والقديس كيرلس الكبير يقول: “حضر المسيح العُرس ليُجري هذه المعجزة ليقدس الجنس البشري ولشفاء الطبيعة الإنسانية و إرجاعها صحيحة لتكون لها حياة في أجيالها و ليكن لها أفضل، وليبارك المولود والذين سيولدون، مُقَدّساً مجيئهم إلى العالم”
– أيضاً ليرفع اللعنة التي وقعت على حواء (بالوجع تلدين)، فالذين هم في المسيح (الذي قدّس الزواج)، (هو خليقة جديدة) الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً “(2كو5: 17).
بعض التأملات في المعجزة:
• ستة أجران فارغة:
هذه الأجران كانت تستعمل في التطهير اليهودي حسب الشريعة الموسَويّة. فقد أمر السيد المسيح الخدام بملء هذه الأجران ماءاً مثلما كان يستعمل في الشريعة اليهودية للتطهير بالماء. فقد قال ما جئت لأنقض بل لأكمل (متى5: 17)، لأن التطهير الحقيقي بالدم ” بدون سفك دم لا تحصل مغفرة “(عب9: 22)،و لا مخلّص إلا الله وحده حيث قال في (اش43: 11):” أنا أنا الرب وليس غيري مخلِّص “، و يذكرنا بأن كهنوت المسيح أقدم من الكهنوت اللاوي إذ قدّس ملك ساليم ذبيحةً من خبزٍ و خمرٍ (تكوين 14: 18)، التي هي ذبيحة المسيح (لوقا 22: 19 و 20). و يقول معلمنا القديس بولس أنّ :” غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن “(رومية10: 14)، لذا قال للخدام قدّموا لجميع المتكئين ليشربوا، و هنا يُظهر الخمر الحقيقي و يُظهر كيف يكون التطهير بالمسيح نفسه أي أنه هو برّ الناموس الذي يُبرّر كما يقول الكتاب:” الرب برُّنا “(ار 23: 6)، و” بمعرفته يبرّر كثيرين و آثامهم هو يحملها ” (اش 53 : 11)، و في (اش54: 14) يقول :” بالبر تثبتين”.
• فالناموس لم يخلّص و كانت البشرية في حاجة إلى مخلّص فادي يبرّر أي يحمل عقاب خطايانا في جسده و يبررنا ببرّه كما قال الرسول بولس في (1كو6: 11) اغتسلتم بالتوبة تقدستم بقداسة الله تبررتم بدم المسيح و بروح إلهنا.
• حينما أمر السيد المسيح الخدام أن يملأوا الأجران ماءً ويسقوا الجميع، فكان هذا الماء الذي وضعوه في أجران التطهير هو بمثابة شراب منبه و له طعم الخمر، و هذا يشير إلى دم المسيح الذي يشفي من الأسقام، فذبيحة المسيح تشفي البشرية من الهلاك و تعطي حياة أبدية .
• هذه المعجزة كانت بداية عمل السيد المسيح، فكان يعلمهم كمن له سلطان و ليس كالكتبة (مرقس1: 22).
• ماء التطهير ليس لتطهير الخارج بل الماء الحيّ الذي يعطيه المسيح ينبع حياة أبدية بالفداء الأبدي الذي قدمه لأجلنا.
• الله الكلمة لم يلغِ الشريعة الأدبية التي أعطاها لموسى على الجبل التي منها أكرم أباكَ و أمك، فقد أكرم العذراء أمه و سمع لطلبها ” ليس لهم خمر، و قالت للخدام مهما قال لكم إفعلوه ” قالت هذا لأنها تعرف مَن هو يسوع المسيح.
• حضور المسيح العرس بارك العرس و بارك الأجيال التالية نتيجة الزواج.
• و لأن المسيح هو الكلمة المتجسد، الذي طأطأ السموات و نزل و الضباب تحت رجليه ، بذلك استرضى العروس لكي تمتلئ من الحكمة، فالمعنى السامي لهذه الحكمة هو تقديس حياة البشر و الأجيال الآتية بحضوره، واللعنة التي حلّت على جنس المرأة رُفِعَت و ذلك بنزول ابن الله من السماء و أخذ جسد البشرية ليقدسها بقداسته ” أخذ الذي لنا و أعطانا الذي له نسبحه و نمجده و نزيده علواً “
• جعل الزواج في اليوم الثالث كما يقول في (هوشع 6: 2 و 3):” يحيينا بعد يومين و في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه “. ضُربنا بسبب خطية آدم و في اليوم الثالث شفانا، و أقامنا معه بقيامته فلما صار إنساناً أخذ طبيعتنا الميتة و أعطانا الطبيعة الحية لذا نسميه بكر الراقدين (1كو15: 20).
• الله في العهد القديم حوّل الماء إلى دمٍ ، و الآن الرب يسوع المسيح يحوّل الماء إلى خمر ، فليس من الصعب تحويل الماء إلى دم المسيح ” .
• دخوله قانا الجليل ” جليل الأمم ” كان بسب أنّ اليهود رفضوا المسيح العريس السماوي (راجع صموئيل الأول 10: 19)، أما الأمم فقد قبلوه مخلّصاً(مت 4: 15).
• لا نقدر اليوم أن نقول الآن ما قالته العذراء مريم ليس لهم خمر ، لأنه يوجد كل يوم على المذبح المقدس ما يفرح قلب الإنسان بالروح القدس في كهنوت المسيح المعطى لنا من نفخة فمه الطاهر للتلاميذ الأطهار (يوحنا 20: 21 – 23) .