حوكم بولس الرسول حوالى ثلاث محاكمات.. وفى كل محاكمة كان بدون محام لكن الروح القدس الذى سكن فيه كان ينطق على لسانه.. ومع الوالى فيلكس كاد أن يقنع فيلكس بأن يصير مسيحياً.. لولا مركزه الاجتماعى أو السياسى الذى يحتفظ به فى دنياه.. ولذلك رفض أن يقتنع..
هناك موجة من الشك تسود العالم.. والشكوك والحروب هى من صنع الشيطان.. والشيطان له مطلق الحرية على كل العالم.. لكنه لا يستطيع أن يؤذى أولاد الله إلا بالقدر الذى يسمح له به الله.. كما فى قصة ايوب..
ظل بولس يتحدث وفيلكس يستمع.. تحدث بولس عن الدينونة التى يهرب كل فلاسفة هذا العصر منها تحدث عن البر والتعفف والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب.. لكن كما تمسك بيلاطس البنطى بالكرسى الرومانى ولم يطلق المسيح رغم تأكده أنه برئ.. هكذا تمسك فيلكس الوالى بالكرسى رغم أنه مقتنع بكلام بولس الرسول.. وهذا الأمر ليس بغريب فالشاب الغنى تمسك بأمواله ولم يتبع المسيح رغم أن السيد المسيح بنفسه وجه له الدعوة فلم يستمع له.. ولابد أن ندرك أنه هناك فرق بين من يرفض العلم وبين من هو يجهل التعليم..
فمن يرفض العلم لا يعترف لا بالمدرسة ولا بالمدرسين ويقنع نفسه أنه أحسن منهم جميعاً وأن فهمه يعلو فهمهم..
أما الذى يجهل التعليم فهو يذهب إلى المدرسة ويثابر.. ويصبر بل وأحياناً يستعين بمن يشرحون له ما يعسر عليه فهمه ويظل هكذا إلى أن يزيل آثار الجهل من عقله.. نعم كان بولس يعظ ويعلم وسط شعب مختلف الثقافات.. منهم الرومان واليونانيين.. وعبدة الأوثان وأشهرها أرطاميس ذلك لأن الإله الذى هبط من زفس كما يعتقدون.. وكان ذلك من أكثر من 20 قرناً من الزمان..
ورغم أنه كان هناك ثقافات وعبادات إلا أنهم كشعوب وقبائل مختلفة لم يقتنعوا بهذه الآلهة كلها.. لأنها لا تؤخر ولا تقدم.. وكلها من صنع البشر.. والمنتفعين من ورائها كصانعى الذهب الذين كانوا خبراء فى صنع تماثيل للآلهة ورغم تعدد الآلهة إلا أنهم صنعوا مذبحاً لإله مجهول لم يستطيعوا أن يتخيلوه أو يصوروه لأنه فوق الإدراك والعقل البشرى.. ومن هنا بدأ بولس الرسول يحدثهم عن هذا الإله.. الذى يتقونه ولا يعلمون شيئاً عنه.. والذى خلق السماء والأرض.. بعكس آلهتهم العاجزة التى لا تفيد ولا تنفع.
لذلك هناك فرق بين الذى يشك ويرفض بل ويهرب من المعرفة.. وهناك آخر يريد أن يتعلم..