تكفيك نعمة الله
يقول بولس الرسول:”ولكن بنعمة الله، أنا ما أنا، ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة. بل أنا تعبت أكثر من جميعهم. ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي”.
ونعمة الله هي امتلاك الرب شخصياً لنا ولحياتنا وامتلاكنا له. فيقول بولس الرسول:”مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ”(غل 2: 20) ويقول يوحنا المعمدان:”ينبغي أن ذاك يزيد، وإني أنا أنقص”(يو3:30).
نعم… أنه بدون نعمة الله لا نستطيع أن ننتصر ونغلب ذواتنا لأنه:”لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود”(زك4: 6).
تخلص وتحرر من إعجابك بنفسك وبرك الذاتي وروح التعالي التي فيك “لا تكن حكيماً في عين نفسك” (أم7:3).
ويقول الوحي أكثر من ذلك:”الرجل الغبي حكيم في عيني نفسه”(أم28: 11).
ولكن الجريمة الكبرى أن يكون الشخص “باراً في عيني نفسه”(أي 32: 1).
فالرب يتلف مزاعم كمالنا لنطلب ما هو أسمى.
رسم شاب صورة رآها في غاية الجمال وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان. فرأى معلمه شغفه بالصورة، فانتهز فرصة غيابه وأتلفها.
ولما رأى الشاب ذلك، حزن حزناً شديداً ولام معلمه وحسب عمله من قبيل القسوة فأجابه المعلم:”تلميذي المحبوب إنك لا تحب الفن فيما بعد صورتك، ولكنك تحب فيه ذاتك. وصدقني إنها لم تكن في حالة من الكمال، حتى ولو ظننت أنت هكذا، بل هي مجرد محاولة واجتهاد ودرس. فأمسك بفرشاتك وأرني صورة جيدة، ولا تندم على هذه التضحية. أطاع التلميذ معلمه ورضخ لحكمته وصار فيما بعد مصوراً عظيماً حق.
كثيراً ما يتلف الرب أعمالنا لأننا نرى فيها ذواتنا، فالرب يحطمها فهو يريد أن نتحرر من الإعجاب بالنفس.
–
اتخذ المتكأ الأخير في المكان الذي توجد فيه
وذلك حسب وصية الرب:”وقال للمدعوين مثلاً وهو يلاحظ كيف اختاروا المتكآت الأولى قائلاً لهم:”متى دعيت من أحد إلى عرس فلا تتكئ في المتكأ الأول لعل أكرم منك يكون قد دُعيَ منه. فيأتي الذي دعاك وإياه ويقول لك: إعط مكاناً لهذا. فحينئذ تبتدئ بخجل تأخذ الموضع الأخير. بل متى دُعيت فاذهب واتكئ في الموضع الأخير، حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك: يا صديقي، ارتفع إلى فوق. حينئذ يكون لك مجد أمام المتكئين معك. لأن كل من رفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع”(لو14: 7-11). وقال بولس الرسول: “مقدمين بعضكم بعضاً في الكرامة”(رو 12:10) لأنه “هكذا يكون الآخرون أولين والأولون آخرين”(مت 20: 16). اتضع واعرف نفسك واتخذ المتكأ الأخير لتصير من الأولين.
–
اقتنع بأنك لست مستحقاً
قال الابن الضال:”لست مستحقاً أن أدعى لك ابناً”(لو 15: 21).
قائد المائة:”يا سيد لست مستحقاً أن تدخل تحت سقف بيتي”(مت8: 8).
يوحنا المعمدان:”لست مستحقاً أن أحل سيور حذائه”(يو1: 27).
بولس الرسول:”لست مستحقاً أن أدعى رسولاً”(1 كو 15: 9).
اسأل نفسك بصدق وإخلاص، هل تستحق ما أنت فيه من عطايا الرب؟
هل تستحق أن الرب يحبك ويفديك بدمه؟ هل تستحق أن تكون ابناً له؟
راجع نفسك وذاتك وافحصها، لتشكر الرب على ما أنت فيه.
–
انظر دائماً وأبداً… إلى شمس البر.
أنه عند شروق الشمس عندما أعطي ظهري للشمس أرى ظلي على الأرض عظيماً، وكذلك عند غروبها، أما إذا وجهت نظري إلى الشمس فلا أرى إلا نور الشمس، ولا أعود أرى نفسي.
هكذا الأمر روحياً، فعندما نولي ظهورنا لنور المسيح نبدو أمام أنفسنا كباراً وعظاماً، ولكن إذا ننظر إليه كشمس البر فلا نعود نرى أنفسنا بل نراه هو وحده. “نظروا إليه واستناروا ووجهوهم لم تخجل”(مز 34: 5).
–
تفرغ من ذاتك… يملأك الله.
حقيقة علمية عظمى يقول “إن ملء الله ينتظر دائماً إناء فارغاً”، وكلما اختبرنا الفراغ أكثر كلما تمتعنا بالملء أكثر. ولهذا يجب أن نتفرغ لأن الله لا يمكن أن يقتسم المكان مع الذات.
قال أحدهم:”لم أكن قط سعيداً بالحقيقة إلا حين كففت عن الرغبة في أن أكون عظيماً:”فعندما نكف عن الرغبة في أن نكون شيئاً ونرضى بأن نكون لا شيء حينئذ نذوق العظمة والرفعة والسعادة.
–
أخيراً نتيجة الانتصار على الذات
– نجد الراحة لنفوسنا قال أحدهم:”لا يمكن للمرء أن يجد الراحة إلا أن ينسى نفسه أولاً”.
– ونحيا للآخرين.
– نتمتع بالله.
قال أحد الحكماء: “اخرج خطوة عن نفسك تجد الله”
وهكذا قال بولس أنه بصلب نفسه مع المسيح، وجد الحياة تفيض فيه.
لينك الجزء الاول ..