تحتفل غداً الاثنين ٢ فبراير، الكنيسة الكاثوليكية ، والسريانية والبيزنطية الأرثوذكسية ، بعيد تقدمة السيد المسيح إلى الهيكل. كل عام والعالم أجمع بخير وسلام..
يسوع والشريعة :
أتمّ رب الشريعة له المجد مع أمه العذراء مريم الشريعة الموسوية ، شريعة التطهير والتكفير ( سفر الأحبار ١٢ : ٦ – ٨ ).
ونقرأ في انجيل القديس لوقا البشير عن تقدمة المسيح إلى الهيكل على يد سمعان الشيخ : ” لما حان يوم طهورهما بحسب شريعة موسى ، صعدا إلى به إلى اورشليم ليقدماه للرب كما كتب في شريعة الرب ” ( لوقا ٢ : ٢٢ – ٢٣ ).
وقف قدوس القديسين ووالدته العذراء مريم الطهارة من وصمة الخطيئة ، وقفا موقف الخاطئين وقدّما تقدمة الفقراء ليعلمانا نبذ الخطيئة والكبرياء والأنانية القتّالة والخضوع لشرائع الرب ووصاياه ، وهي لخيرنا وسعادتنا الروحية والزمنية .
سمعان الشيخ ورسالته النبوية
وكان في اورشليم رجل صديق ، نقيّ ، يدعى سمعان الشيخ . لدى قراءته آية النبي القائل : ” ها إن العذراء تحبل وتلد ابناً تدعو اسمه عمانوئيل (اإشعيا ٧ : ١٤ ) ، خطر له تغيير كلمة ” عذراء ” بكلمة “صبية ” ” بنت ” . ولكن ، سرعان ما كانت دهشته كبيرة عندما رأى في الغد ، كلمة ” صبية ، بنت ” محذوفة، ممحية وكتب مكانها كلمة ” عذراء ” . فأيقن عندئذٍ أن ليس على الله أمر عسير وصعب . وأوحي إليه بالروح القدس أنه لا يموت قبل أن يعاين مسيح الرب . وبات ملازماً الهيكل . مثابراً على الصوم والصلاة ، إلى أن رأى الأعجوبة ، فحمل الطفل يسوع على ذراعيه بايمان راسخ وقلب طافح بالرجاء والمحبة ، وقال : ” الآن تطلق ، يا سيّد عبدك بسلام وفقاً لقولك . فقد رأت عيناي خلاصك الذي أعددته في سبيل الشعوب كلها نوراً يتجلّى للوثنيين ومجداً لشعبك إسرائيل ” . وبارك يوسف ومريم ، ثم قال لمريم أمه : ها إنه جُعل لسقوط كثير من الناس وقيام كثير منهم في إسرائيل وآية معرّضة للرفض . وانت سينفذ سيف في نفسك لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة ” .
وقد تمّت هذه النبؤة في حياة مريم أم يسوع ، لمّا طعن قلبها سيف الآلام والأوجاع ، إذ كانت واقفة عند أقدام الصليب تشارك ابنها سر الفداء . ثم أعطت مريم كاهن الهيكل زوجي يمام أو فرخي حمام . وهذه كانت تقدمة الفقراء لطهور الأم .
وبعد أن أتما واجبات الناموس ، عادا إلى الناصرة مدينتهم .
حنّة تبشّر بالمسيح
وكانت حنة النبيّة بنت فنوئيل لا تفارق الهيكل ، متعبّدة لله بالصوم والصلاة ليلاً ونهاراً . ولشدة ما كان فيها من الشوق إلى رؤية المخلّص ، منّ عليها الله بأن تراه بعين الجسد بعد أن رأته بالايمان. ففي تلك الساعة حضرت حنة إلى هيكل الرب وتحدّثت عن المسيح كل من كان ينتظر فداء إسرائيل ( لوقا ٢ : ٣٦ – ٣٨ ) . هكذا استطاعت أن تكون في طليعة المبشرين بالمسيح .
إن الإحتفال بهذا العيد المبارك يعود إلى عصور الكنيسة الاولى ( سنة ٥٤٠ ) . وتذكاراً لظهور المسيح في الهيكل ، وضعت الكنيسة رتبة تبريك الشموع رمزاً إلى اشعاع النور الذي قال عنه سمعان الشيخ أنه ينجلي للأمم . وما هو إلاّ صدى لقول الرب يسوع : ” أنا نور العالم … من يتبعني فلا يمشي في الظلام ” .
عادات وتقاليد الكنيسة الأرمنية
وجرى التقليد في الكنيسة الأرمنية بقيام حفلة حول النار تبارك اثناءها الشموع وجهات العالم الأربعة. وبعدئذٍ يحمل كل مؤمن شمعة مشتعلة من شمعة الأسقف المحتفل ، ويذهب بها إلى بيته ويحفظها مضيئة حتى شروق النهار ، لكي ينير حياة العائلة ويجعل أعمالها تنبع من حكمة المسيح ويبعد عن المجتمع العائلي والاجتماعي الخصومات والنفور والحروب والمشاكل والصعوبات وكل انواع الشرور .
ظهر هذا النور على الإنسانية وغطّى على كل الأعياد والطقوس والتقاليد الوثنية التي كان يحتفل بها منذ عصور قبل المسيح، والتي أصبحت خرافات لا قيمة لها ولا معنى . وعلى سبيل الذكر يقال أن الشعب الأرمني ، كسائر الشعوب ، كان متعبّداً للظواهر الطبيعية ومنها إله النار ويدعى ” ميهر ” وإله الشمس واسمه “. أرامازد ” ، وشيّد لها المعابد والهياكل .
ومن تلك العادات الوثنية ، كانت الأُمهات يجلبن معهن كمية من رماد حفلة تبريك الجهات الأربعة والشموع وتذره على أسطحة البيوت لتبتعد عن العائلات كل مرض ومكروه وشر . ومن بين هذه التقاليد الوثنية ايضاً ، كانت الفتيات المتزوجات يقفزن فوق النار ليكون نسلهنّ صالحاً ، فيه جميع الصفات الحميدة . والسيدات العاقرات أيضاً كنّ يقفزن فوق النار ليحبلن ويلدن اولاداً .