اليوم ١٤ سبتمبر ، وفي كل عام وبنفس التاريخ ، تحتفل الكنيسة الجامعة بعيد الصليب المقدّس ما عدا الكنيسة القبطية الارثوذكسية الشقيقة ، التي تعتمد التقويم القبطي
قراءة من رسالة القديس بولس الاولى إلى أهل قورنتس ( ١ : ١٨ – ٢٥ ).
يا إِخوَتِي ، إِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الهَالِكِينَ حَمَاقَة ، أَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ المُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ الله ، لأَنَّهُ مَكْتُوب : ” سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الحُكَمَاء ، وأَرْذُلُ فَهْمَ الفُهَمَاء ! ” .
فَأَيْنَ الحَكِيم ؟ وأَيْنَ عَالِمُ الشَّرِيعَة ؟ وأَيْنَ البَاحِثُ في أُمُورِ هذَا الدَّهْر ؟ أَمَا جَعَلَ اللهُ حِكْمَةَ هذَا العَالَمِ حَمَاقَة ؟
فَبِمَا أَنَّ العَالَمَ بِحِكْمَتِهِ مَا عَرَفَ اللهَ بِحَسَبِ حِكْمَةِ الله ، رَضِيَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ بِحَمَاقَةِ البِشَارَةِ الَّذِينَ يُؤْمِنُون ،
لأَنَّ اليَهُودَ يَطْلُبُونَ الآيَات ، واليُونَانِيِّينَ يَلْتَمِسُونَ الحِكْمَة .
أَمَّا نَحْنُ فَنُنَادِي بِمَسِيحٍ مَصْلُوب ، هُوَ عِثَارٌ لِليَهُودِ وحَمَاقَةٌ لِلأُمَم .
وأَمَّا لِلمَدْعُوِّينَ أَنْفُسِهِم ، مِنَ اليَهُودِ واليُونَانِيِّين ، فَهُوَ مَسِيحٌ ، قُوَّةُ اللهِ وَحِكْمَةُ الله ،
فَمَا يَبْدُو أَنَّهُ حَمَاقَةٌ مِنَ اللهِ هُوَ أَحْكَمُ مِنَ النَّاس ، ومَا يَبْدُو أَنَّهُ ضُعْفٌ مِنَ اللهِ هُوَ أَقْوَى مِنَ النَّاس .
الانجيل المقدّس للقديس يوحنا ( ١٢ : ٢٠ – ٣٢ ) .
كَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين . فَدَنَا هؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الجَلِيل ، وسَأَلُوهُ قَائِلين : “يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع ” . فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس ، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع .
فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً : ” لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ٱبْنُ الإِنْسَان .
أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم : إِنَّ حَبَّةَ الحِنْطَة ، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ ، تَبْقَ وَحدها . وإِنْ مَاتَتْ أخرجت ثمراً كثيراً كَثِير .
مَنْ أحبّ حياتهُ فقدَهَا ، ومَنْ رَغَبَ عنها في هذَا العَالَمِ حَفِظها للِحَيَاةٍ الأَبَدِيَّة .
مَنْ أرادَ أن يخدُمني ، فَلْيَتْبَعْنِي . وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا ، يَكُونُ خَادِمِي . ومَنْ خَدَمَنِي أكرمَهُ أبي .
الآنَ نفسي مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول ؟ يَا أَبَتِ، نَجِّنِي مِنْ تلكَ السَّاعَة ؟ وما أتيتُ إلاّ لتلك السَّاعَة .
يَا أَبَتِ ، مَجِّدِ ٱسْمَكَ “. فانطلق صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول : ” قَدْ مَجَّدْتُه ، وسَأُمَجِّدُه ايضاً “
فقال الجَمْعُ الذي كان حَاضِراً وسمعَ الصوت ، فَقَالُوا : ” إِنَّهُ دَويُّ رَعد “. وقَالَ آخَرُون : ” إِنَّ مَلاكًا كَلّمَهُ ” .
أَجَابَ يَسُوعُ وقَال : ” لم يكن هذَا الصَّوْتُ لأَجْلِي ، بَلْ لأَجْلِكُم .
اليوم دَيْنُونَةُ هذَا العَالَم . اليوم يُطْرَدُ سيدّ هذَا العَالَمِ ( إبليس ) إلى الخَارِج .
وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ منِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الناس أجمعين ” .
” فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ “
إنّه الصليب الذي صالح الإنسان مع الله ، وحوّل الأرض إلى سماء ، وجمع الجنس البشري بالملائكة . هو الصليب الذي أطاح بحصن الموت ، ودمّر قوّة الشرير ، وخلّص الأرض من الخطيئة ، وأرسى أسس الكنيسة . الصليب هو إرادة الله الآب ومجد الابن وبهجة الروح القدس .
نور الصليب يسطع أكثر من الشمس ، وبريقه يفوق وهج أشعّتها ، لأنّ الشمس عندما تُظلِم ” ولمّا مات يسوع ، خيّم الظلام على الأرضِ كُلِّها ” ( متى ٢٧ : ٤٥ ) ، يتألّق نور الصليب . والظلام هنا لا يعني أنّ الشمس تتوارى عن الأنظار ، بل أنّ روعة الصليب تقهرها . الصليب : ” مَحا ما كانَ علَينا مِن صَكٍّ وما فيه مِن أَحْكامٍ ( قولسي ٢ : ١٤ ) ، وكسر سلاسل الموت . الصليب تعبير عن محبّة الله لنا : ” فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه ، بل تكون لهُ الحياةُ الأبديّة ” ( يوحنا ٣ : ١٦ ) .
شرّع الصليب أبواب الفردوس وأدخل إلى رحابه الرجل المجرم ، ” ولمّا وصلوا إلى المكان المعروف بالجُمجُمة ، صلبوا يسوع والمجرمين ، أحدهما عن اليمين والأخرُ عن الشمال فقال يسوع : ” يا أبتِ اغفر لهم ، لأنّهم لا يَعلَمون ما يفعلون ” . وأخذ أحد المُجرمين المُعلّقين على الصليب بشتمهُ ويقول : ” ألست المسيح ؟ فخلّص نفسَكَ وخلِّصنا ” فانتهرهُ الآخر قال : ” أوما تخاف الله وانتَ تُعاني العقاب نفْسَهُ ! أمّا نحنُ فعِقابُنا عدْل ، لإننا نلقى ما تَستوجِبُهُ أعمالنا . أما هو فلم يعمَلْ سُوءاً ” . ثمّ قال ليسوع : ” أُذكُرني يا يسوع إذا ما جئتَ في ملكوتِكَ ” . فقال له يسوع : ” الحقّ أقولُ لكَ : ستكون اليومَ معي في الفردوس ” ( لوقا ٢٣ : ٣٣ – ٤٣ ) ، وأعاد إلى ملكوت السماوات الجنس البشري المحكوم بالموت .