عيد الصعود
وانتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء ( ٣ )
انتصار مريم :
وأخيراً، الذي جعل انتصار مريم كاملاً، لأنها كانت موضوع تعظيم وتمجيد وتكريم الملائكة والقديسين الذين كانوا برفقتها في إنتقالها إلى السماء، و كانوا يُسبحونها ويمدحونها على نحو ما مدح به العبرانيون يهوديت الجليلة: ” انتِ مجد أُورشليم!
انتِ اعتزاز إسرائيل العظيم! أنتِ فخر نسلنا العظيم! صنعتِ كلّٓ ذلك بيدِيكِ، أحسنتِ إلى إسرائيل، فرضي الله عمّا صنعتِ، بارككِ الربُّ القدير أبد الدهور! ” ( يهوديت ١٥ : ٩ – ١٠ ) .
ولما وصل الموكب أبواب السماء، أخذت الملائكة تهتف ” إرفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية لتدخل ملكة المجد ” .
وكما أن سليمان الملك عندما دخلت بتشابع والدته لتتكلم في أمر أدونيا، قام لإستقبالها وسجد لها ثم جلس على عرشه ووضع عرشاً لأُم الملك، فجلست عن يمينه ( سفر الملوك الأول ٢ : ١٩ ) . هكذا السيد المسيح قد أجلس أُمه الطاهرة عن يمينه مشيراً إلى سمو مكانتها وعظيم استحقاقاتها مُعلناً ملكها وسيادتها على السموات والأرض .
وإلى ذلك يُشير النبي بقوله : ” قامت الملكة عن يمينك بذهب أُوفير ” ( مزمور ٤٤ : ١٠ ) .
وهذا ما رآه القديس يوحنا الحبيب : ” ثمّ ظهرت آيةٌ عظيمة في السماء: إمرأة ملتحفةٌ بالشمس، والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها إكليل من عشرٓ كوكباً ” ( رؤيا القديس يوحنا ١٢ : ١ )
القديس برناردُس وجميع معلمي الكنيسة يقرون أن المرأة التي تُشير إليها الآية إنما هي بلا شك ” مريم العذراء ” .
وبعد أن جلست العذراء على عرشها، كرّمتها طغمات الملائكة والآباء والأنبياء والرسل والشهداء والمعترفين وجميع القديسين مقرين ومعترفين بملكها، متفانين في خدمتها مُنفذين اوأمرها .
وهذا ما يذكره القديس باسيليوس الكبير بقوله : ” كما أنّ نور الشمس يفوق بهاء نور الكواكب كلها، وهكذا مجد هذه الأُم الإلهية يعلو ويسمو على مجد الطوباويين كافةً ” .
وهذا ايضاً ما يقره العلامة الملائكي القديس توما الأكويني : ” إنّ البتول القديرة التي يفوق استحقاقها إستحقاق الملائكة والبشر كافةً، وجب رفعها فوق جميع المراتب السماوية ” .
وهكذا اتخذ الآب مريم إبنةً له ، والابن أُماً له ، والروح القدس عروساً له .
وهكذا توجها الثالوث الأقدس ملكةً على السماوات والأرض .