مريم العذراء سلطانة الحبل بلا دنس : الخطيئة الأصلية ( ٣ )
العقل والمنطق وعقيدة الحبل بلا دنس:
اما العقل والمنطق فيسلمان بهذه الحقيقة، إذ لا خلاف ولا نزاع في أن مريم هي: ” أُم الله “، وأنّ ابنها يسوع المسيح هو :
” قدس الأقداس ، وقدس القديسين ” .
وهذه حقيقة أعلنها مجمع أفسس ضدّ تعاليم نسطوريوس الخاطئة. وهذه العقيدة هي موضوع احترام وتعظيم جميع القديسين .
فكان من الطبيعي أن يختار الله أُماً بتولاً لائقة به، أُماً كلية القداسة وكاملة الطهارة، أماً مكرّمة وحكيمة، أُماً ممدوحة وقادرة،
أُماً حنونة وأمينة.
على أنّ مريم العذراء ليست فقط أُم الله، إنما اختيرت لتكون وسيطة العالم بين الله والبشر، كما يلقبها القديس افرام السرياني بقوله : ” السلام عليكِ يا مصالحة البشر مع خالقهم ” .
ومن البديهي إنّ من يتوسط يجب أن يكون ذو حظوة لدى من يتوسط إليه، وبالتالي أن يكون بينه وبين صاحب المقام والعفو مكان رفيع، لذلك العذراء مريم لم تكن مدّنسة بالخطيئة ولم تظهر أمامه تعالى بشائبة العداوة له، بل كانت بكليتها ابنةً وخادمةً ” أنا أمة الرب ” ( لوقا ١ : ٣٨ )، و صديقةً له، وبريئة من كل عيب، ” كلكِ جميلة يا مريم ولا عيب فيكِ ” .
امام هذه الحقائق والاجماع الشامل على هذه الحقيقة، عملت الكنيسة على التمسك بها، ووضعت لها صلوات خاصة وعيداً
خاصاً، وأغنتها بالغفرانات، واعتمدت الرهبانيات والجمعيات والأخويات التي أنشئت تكريماً لها، وأعطت تصاريح وسمحت للمدن والمقاطعات والممالك بأن تتخذ ” العذراء سلطانة الحبل بلا دنس ” شعاراً لها.
وبإختصار، حرصت الكنيسة كل الحرص على الدفاع عنها، ومعاقبة كل من يجرؤ على إنكارها أو الإساءة إليها.
وحينما اعتلى البابا بيوس التاسع عشر السدة البطرسية، أخذ يجمع كل الحقائق وكل ما كان يصبو إليه العالم المسيحي لتكريم العذراء بإذاعة جميع فضائلها وسامي امتيازاتها. فبعد فحص دقيق، وفي يوم ٨ ديسمبر ١٨٥٤، وبحضور بطاركة وأساقفة من جهات العالم الأربعة، أعلن قداسته في براءته الرسولية ” الله الذي لا يوصف” والتي بدأها بقوله :
” عقيدة الحبل بلا دنس الخطيئة، عقيدة إيمانية ثابتة، لا يجوز لأي شخص أن ينكرها، وإلاّ يعتبر منفصلاً عن وحدة الكنيسة.” وكان يوم إعلان عقيدة الحبل بلا دنس، يوماً من أسعد وأمجد أيام المسيحية.
صلاة : أيتها العذراء القديسة، التي حُبل بكِ بلا دنس الخطيئة الأصلية، إننا نعترف بعظيم نعمكِ التي لا مثيل لها، فاطلبي لنا من ابنك الإلهي يسوع فضيلة الطهارة ونعمة القداسة، حتى نكون حقاً أبناء أمناء لكِ ولإبنكِ المتجسّد منكِ، ونستحق أن نكون بالقرب منك في السماء ومعكِ نمجّد الثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس، آمين.
يا مريم الطاهرة، سلطانة الحبل بلا دنس، صليّ لأجلنا.