بعض العناصر التي ترمز إلى السيدة العذراء في العهد القديم ( ١ )
لم يختر الروح القدس بعض الأشخاص فقط التي ترمز إلى السيدة العذراء مريم ، بل أختار أيضاً بعض العناصر تصوّر إحدى صفاتها أو فضيلة من فضائلها:
١ – فهذا الفردوس الأرضي ، وهذه الحديقة الغناء التي غرستها يد الله وروتها مياه نبع جرى وقد أنبتت بواكرها بدون بذور، وحوت شجرة الحياة، وقد أعدّها الله الخالق لتكون سكناً للإنسان الأول بعد خروجه من العدم.. أليس هذا صورة لمريم أجمل فردوس نمت في نفسها الطهارة أبهى زهور الفضيلة، وأشهى ثمار القداسة، جبلها الله تعالى وزينها ورواها من نبع نعمته وهيأها لتقبل في أحشائها ابن الله “آدم الجديد” ، شجرة الحياة الحقيقية ؟ .
٢ – وهذه هي سفينة نوح التي أعدّها نوح بأمر من الله منذ زمن طويل، وكوّنها من خشب عجيب لا يقبل الفساد، وحوت آمال الجنس البشري، وكانت تجري فوق مياه الطوفان، بينما كان العالم كله غارقاً في الماء، أي في الخطيئة.
سفينة نوح هذه، تمثّل السيدة العذراء، تلك السفينة الروحانيّة التي أعدّها الله منذ الأزل، واستخدم لتكوينها أطهر العناصر وأكملها.. وقد حوت في أحشائها آمال العالم ” المسيح يسوع ، مخلّص العالم ” ، وعلت على طوفان الخطيئة، ولا ينجو من الهلاك الأبدي إلاّ من احتمى بها، كما نجا من الغرق كل من احتمى بسفينة نوح .
٣ – هي تشبه قوس قزح، الذي تلألأت فيه كل ألوان الشمس وقد أوجده الله ليكون علامة عهد أبدي بينه تعالى وبين الإنسان.
فمريم العذراء تشّع في نفسها أنوار كل الفضائل، وكمالات شمس النور الحقيقي التي تبدّد الظلام، وتزيل الغيوم إبان العواصف والأمواج، وترد إلى القلوب المضربة والمنكسرة كلّ ثقة وإطمئنان .
٤ – العذراء تشبه سلّم يعقوب، الممتدّ من الأرض إلى السماء، وكان الرب في أعلاه، والملائكة تصعد وتهبط عليها .
هكذا صلوات العذراء ترتفع إلى السماء فيهبنا الله نعمة وخيراته ويسبغ علينا رحمته وبركاته .