ماذا لو كانت شبكة القديس بطرس قد نجحت فى اصطياد السمك من أول مرة؟! ان ما حدث بعد الفشل كان صيداً جديداً بخبرة جديدة و بركة جديدة لقد كان الفشل المتوالى فى كل مرة ألقى فيها شباكه و تعب الليل كله هو بعينه الخطوة الأولى نحو حياة الملء, ملء الشباك و ملء الروح بالايمان و البركة, “خر عند ركبتى يسوع قائلاً أخرج من سفينتى يا رب لأنى رجل خاطىء إذ اعترته و جميع الذين معه دهشة على صيد السمك الذى أخذوه” (لو5 :8 -9), إنه تعبير مكرر فى حياتنا [يا رب تعبت كثيراً و لم أنل شيئاً] , ثق أنه لا يمنع عنك خيراً و انما نناله فى حينه و بالطريقة التى يراها فى صالح نفوسنا و هو قادر ان يعوض لنا تعب سنين كثيرة فى أيام قليلة, فبركته تغنى و لا يزيد معها تعب. من الرائع اننا لو دققنا فى الأمر جيداً نكتشف أن الله الذى أمر السمك أن يجتمع فى شبكة القديس بطرس هو الذى أمره قبلاً ان يهرب منه طوال الليل. هنا يحتاج الانسان فى احباطه ان يعرف ان الله ربما يكون سمح له بالاخفاق مرة و مرات لتدبير اعظم و ليأتى عملاً أجل و أروع.
مواجهة الفشل تحتاج الى أولاً المعرفة.
ثانياً العمل:– وعد الرب جدعون بالنصرة و أخذ العلامة الأكيدة مرة و مرتين و مع ذلك اجتهد و عمل و عمل الرب معه و بالقلة القليلة التى عينها الرب له. لا أحد ينكر ان هناك مشكلات تقابلنا فى الحياة هى فى الحقيقة معضلات و ليست مجرد متاعب لا حل لها عند البشر, ننظر اليها بعين الايمان و الرجاء أن الله بصورة أو بأخرى يعمل فيها كما قلنا, لكن ليس معنى هذا أن نتواكل و نترك الحمل من دون تحريك بل يجب أن نعمل كل ما عندنا و فى كل مرة تقابلنا أمثال هذه الأمور المحبطة نتذكر كلمة السيد المسيح عند قبر لعازر “أرفعوا الحجر” هل من يقيم ميتاً يعسر عليه رفع حجر مهما كبر لكنه يريدنا ان نعمل معه ليس فقط فى المشاكل المادية بل بالاحرى فى الضعف الروحى يطالبنا ان نقترب نحن منه بخطوات ايجابية “أقتربوا الى الله فيقترب اليكم” (يع 4 : 8 ) و من جانبه إذ لم نزل بعيداً يرانا فيركض الينا كما قال عن الأبن الضال “و إذ كان لم يزل بعيداً رآه أبوه فتحنن و ركض و وقع على عنقه و قبله” (لو 15 : 20) مهم جداً ان نتأكد اننا بمجرد أن نأخذ الخطوة الايجابية الأولى تسرع الينا نعمة الله و تؤازرنا, مثلما حدث مع بنىاسرائيل عندما عبروا نهر الأردن مع يشوع كان أنه “عند اتيان حاملى التابوت الى الأردن و انغماس أرجل الكهنة حاملى التابوت فى ضفة المياه وقفت المياه المنحدرة من فوق” (يش 3 : 15). صحيح ان الرب أوقف مياه الأردن عن الجريان و عبر كل بنى اسرائيل فوق قاع النهر اليابس لكن كان لابد اولاً ان تنغمس أقدام الكهنة فى المياه و هم يتقدمون الصفوف حتى يتمم الله المعجزة.
فى احباطنا يمكن ان نحتقر اى شىء يمكن ان نعمله فنتوقف عن العمل تماماً, مع العلم أن قليل الامكانيات الذى يعمل بجهد أكبر يعطى نتائج أفضل, قد تكون طالباً يملك القليل من القدرات و لكن بالاجتهاد و بذل جهد أكبر تحصل على نتائج أفضل ممن هم أكثر ذكاءاً. اعمل بكل امكانيات أعطاها الله لك. بشىء من التردد قال القديس اندراوس للرب يسوع “هنا غلام معه خمسة أرغفة شعير و سمكتان” (يو 6 : 9) و كأنه يخجل ان يضعهم امام الله لكنهم على قلتهم كانوا مفتاح البركة.
فى حرب الاحباط و الفشل اعمل و بفكر منظم لا يشوشه اليأس, إبدأ أولاً بتعريف المشكلة حدد بالضبط مكمن الداء بعدها اجمع معلومات كثيرة عن الموضوع و كيفية التعامل معه و استشر من له خبرات سابقة بعدها اسلك فى أفضل الحلول أخيراً لو أخفقت أعد المحاولة مستفيداً من أخطائك “فالله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة و المحبة و النصح”