القى قداسة البابا تواضروس الثانى عظته هذا اﻻسبوع بعنوان ” حلاوة صلاة المزامير “، مؤكداً أن سفر المزامير له اعتبار خاص فى الكتاب المقدس حيث نظر اليه اباء الكنيسة على انه (قنطرة) بين الكتاب المقدس والكنيسة المقدسة.
وأضاف قداسته أن داود النبى كتب تقريبا نصف سفر المزامير والنصف الثانى اناس متنوعون من الذين ينشدون ويرنمون سواء افراد أو مجموعات، فهو السفر الذى يقدم ويشرح حياة الانسان بكل ما فيها من ضعف أوقوة بكل المشاعر الانسانية … لذلك تجعله الكنيسة عمل كل يوم، لانه الكتاب الذى يمكن ان نسميه كتاب الصلاة.
وقال ” كلمة المزامير هى قطع شعرية قيلت على المزمار فلحنت بالموسيقى وصارت اغنيات روحية، وتقريبا لايوجد في هذا السفر عقائد لاهوتية مشروحة حيث تشمل المزامير الانسان بثلاث مستويات (الفكر والقول والفعل) … فيجعل فكرك لا يفكر الا فى ربنا واقوالك تمجد الله وافعالك ترضى الله … فيصير الانسان فى حضرة الله دائماً “.
وتابع ” هو اكبر سفر فى الكتاب المقدس .. المزمور 119 يسمى المزمور الكبير يقسم الى 22 قطعة (حروف الابجدية العبرية 22 حرف) وكل قطعة مكونة من 8 ايات، كما أنه شغل الراهب حسب التقليد الرهبانى القديم فهو يقرأ السفر كله طول اليوم ويسمى عمل اليوم”.
وأوضح قداسته ” تم تقسيم حوالى 74 مزمور على صلوات الاجبية على حسب ما ترمز اليه من حياة السيد المسيح، فباكر خاصة بقيامة السيد المسيح فجر يوم الاحد، ولذلك نبدأ اليوم بقيامة السيد المسيح ونطلب منه المعونة الالهية، والساعة الثالثة (9 ص) هى تذكار حلول الروح القدس يوم الخمسين...حيث نطلب معونة الروح القدس لنسلك به، أما الساعة السادسة (12 ظهراً) فهى تعنى تذكار صلب السيد المسيح، واليوم السادس يوم خلقة الانسان ونطلب معونة المسيح المصلوب لكى ما يساعدنا على ان نتغلب أو ننتصر على شهواتنا، وهناك الساعة التاسعة (3 م) كتذكار موت السيد المسيح على الصليب، وهى نهاية الصوم الانقطاعى وتمثل 60% من اليوم حوالى 15 ساعة، ثم الغروب (5 م) موعد انزال المسيح من على الصليب، ونقدم الشكر ان الله احيانا الى هذا اليوم، والنوم(6 م) تعبيراً عن دفن السيد المسيحوتذكار نهاية العمر والحياة أى يوم الدينونة ، فاذا عاش الانسان بهذه المشاعر لا يخطئ ابدا، وأخيراً صلاة نصف الليل وتقسم الى 3 خدمات لتمثل المجئ الثانى والسهر الروحى والدينونة والوقوف امام الله“.
وقال قداسته ” عندما ترى كتاب الاجبية ، فانه يساعدك على أن تحيا حياة المسيح وحياتك لأن تكرار هذه الصلاة يعنى حضور المسيح فى حياتنا ” مشيراً إلى أن لصلاة الاجبية بالمزامير عدة فوائد أبرزها أنها تنقل روح الانجيل إلى المصلى، فيعيش الانسان فى بيئة نقية، وهى تعطى حياة معاشة مع المسيح لحظة بلحظة ( فتتحقق مسيحيتك من خلال صلواتك فتصير مسيحيا بالحقيقة) ، كما أن الممارسة الدائمة لصلاة الأجبية تعطى يقظة روحية ليصل الانسان إلى نقاوة القلب فيكون الانسان يقظاً فى كل تصرفاته واقواله، كما أنها تعبر عن أعماق الانسان وتكشف اعماقنا المنظورة وغير المنظورة لأن المزامير تساعدك فى ربط فكرك واهوائك فالكلام بين الناس ينقل الافكار والفنون تنقل المشاعر”.
وتابع ” المزامير تعبر عن نفسى وعن مشاعرى وما لا استطيع أن اقوله، وهى تقدس الوقت وتقدس عمر الانسان وتجعل الانسان فى الحضور الالهى دائماً، وهى قطع مختبره ومعاشة وضعها اناس الله القديسون، كما أنها تحمى الانسان من الفتور أو الجفاف أو الانحدار الروحى...فتحمى المزامير الانسان من كل الحروب الروحية، وهى أيضاً وسيلة مشاركة الصلاة مع كل الناس، فيه صورة الكنيسة الواحدة المصلية فالمزامير تعطى وحدانية، فالعسل لا يعرف طعمه وحلاوته ألا من يتذوقه ، لذلك خذ من المزامير وذوق وتذكر عبارة (ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب)”.
وختم قداسته بقوله “جاهد ان تدخل حجرتك الداخلية وسوف ترى حجرة السماء، وكما قال القديس مار أسحق ( حجرتك الداخلية هى قلبك وحجرة السماء هى الملكوت ) ، فعندما تدخل إلى قلبك تتذوق حلاوة الملكوت، وتقول مع داود النبى فى مزمور 55 “ليت لى جناحا كالحمامة فاطير واستريح “.