الإرادة هي قوة فعّالة تساعدك على مواصلة طريقك يوماً بعد يوم. طاقة جبارة تعينك على التغلب على العقبات التي تواجهك في الحياة. فهل تتمتع بارادة قوية؟
– ما معنى الإرادة : للإرادة تعريفات عديدة نستعرض منها:
– الإرادة ملكة (صفة) عقلية تتجه نحو الخير، وتميل إلى تحصيل الأشياء التي ترغب فيها.. لأنها تبدو للإرادة نافعة أو سارة. فبمجرد أن يثير موضوع رغبتنا، تتجه الإرادة نحوه، ويزداد اندفاع الاتجاه كلما بدا موضوع رغبتنا جذاباً، وحتى أقل الناس عزيمة، تستيقظ إرادتهم عندما تثيرها قوة عنيفة.
– الإرادة هي اشتياق النفس، وميلها الشديد إلى فعل شيء ما، تجد أنها راغبة فيه، مدفوعة إليه. أنها قوة مركبة من الرغبة والحاجة والأمل.
– الإرادة تدل في جملتها على نزعة نهائية مستقرة، وميل قوي، يحمل صاحبه على فعل شيء ما. والشخص القوي الارادة هو الذي يتصف بتلك النزعة الواعية المتمكنة من نفسه، التي تدفعه إلى عمل الشيء، بالرغم من مقاومة النزعات الاّخرى.
– الإرادة هي القدرة على الشعور الأقوي تجاه الغاية التي اختارها الشخص… وما أن يحسم اختياره، حتى يبدأ في محاولة تحقيقها. وقد ارتبطت الإرادة بمعنى العزيمة، وذلك لأنه إذا كانت رغبتنا في الشيء قوية، كانت عزيمتنا لتحقيقة أقوى. فصاحب الإرادة القوية هو دائماً صاحب عزيمة قوية لتحقيها.
وبالرغم من أن الإنسان حر الإرادة ، إلا أن إرادته محكومة بملكاته الإنسانية العقلية والجسيمة والروحية، ولذلك فقد يفعل الإنسان ب “إرادته” ما لا يحقق مصلحته، لأن ملكاته العقلية أو الجسمية قد تقصر عن إدراك الأفضل.
مراحل رئيسية للفعل الإرادي:
1- تحديد الهدف: بمجرد رغبة الإنسان في القيام بعمل معين ويكون ذلك دليلاً على أن لديه إرادة لتأدية هذا العمل يبدأ تجهيز نفسه للوصول لتحقيق الإرادة. فإذا كان العمل في قدرته، أو يتطلب مجهوداً في استطاعته، فهنا تقوى الإرادة… ويتجدد الهدف.
2- التفكير الجيد، صراع الدوافع : إنه مرحلة التساؤل عن المشكلات والصعوبات المحتمل مواجهتها، وتحديد مدى النجاح المحتمل… ثم يجب مواجهة المشكلات التي تطرأ وتضطرنا إلى أن نغض النظر عن هدفنا.. وهذا ما نسميه بصراع الهدف.. أي الموازنة بين احتمال النجاح والإخفاق.
3- القرار: على ضوء نتائج التفكير، وصراع الدوافع، يتم التصميم واتخاذ القرار.
أما عن اضطراب الإرادة ، يظهر إضطراب الإرادة بعدم مقدرة المريض على اتخاذ أي قرارات، وبالسلبية المطلقة في التصرفات، فيعطي عنها مبررات واهية، فمثلاً يبرر عدم انتظامه في الذهاب إلى عمله بأنه يعاني من الصداع، أو من اضطرابات نفسية، أو بسبب قوى خارجية. ويتخلل هذه السلبية نوبات من العناد والصلابة، والتثبث بالرأي، لكنه سرعان ما يعود إلى تردده، كأنه يغير كلية بأخرى، دون الوصول إلى هدف… ويرجع ذلك إلى ضعف في الارادة، وعدم القدرة على اتخاذ قرار والاستمرار والثبات عليه لمدة طويلة.
أن الإنسان المزعزع الإرادة يفتقر إلى الحزم والصلابة. فيترك للحوادث العارضة توجيهه كأنه قطعة من الفلين فوق سطح الماء… أي أن اتفه الأعباء تُهبط ارادته، وتقودهُ إلى العجز والجمود.
هكذا الشخص المندفع وراء أول فكرة تَخطر له.. قد يبدو قوي الشخصية.. لكنه سريعاً ما يكشف عن ضعف مقاومته.. لسبب هام، هو أنه أقام إرادته على أساس من التخيلات والعصبية… وحتى لو توصل لنجاح، فقد يصبح له سبب بلاء، لأنه جمع إرادته على غير تروي أو اهتداء بأنوار العقل والذكاء.
في المقابل هناك الإرادة عمياء، وفي تعريف الفلاسفة للإرادة : إنها ملكة عقلية تتجه نحو الخير، وتميل إلى تحصيل الأشياء التي ترغب فيها… لأنها تبدو للإرادة نافعة أو سارة. فبمجرد أن يثير موضوع رغبتنا، تتجه الإرادة نحوه، ويزداد اندفاع الاتجاه كلما بدا الموضوع جذاباً لها. وحتى أقل الناس عزيمة، تستيقظ إرادتهم عندما تستثيرها لذة عنيفة.
لكن الإرادة عمياء… فهي في حد ذاتها، ليس لديها معرفة بالموضوع الذي يجذبها إليه.. لذلك لابد من أن يعيرها الذهن (العقل) بصيرته النفاذة، لتكون لها مرشداً يوجهها توجيهاً صائباً.. مثل ربان السفينة. ويراقب الذهن مسار الإرادة، ليضمن استمراه في الاتجاه المرسوم.. وذلك بالتروي والتفكير في اختيار الهدف.. أما القرارات التي لها ما بعدها، فهي تحتاج إلى تفكير عميق.. مثل اختيار دراسة معينة، أو زواج.. أو إلتزام لزمن طويل ..لأنها أعمال تغير مجرى الحياة.
وأن كان الذكاء يهدي الإرادة، ويشير عليها بالهدف الذي يجب أن تتجه إليه، لكن لابد أيضاً ان يكون لدينا الوسائل النفسية لاجبارها على العمل والنشاط، مثل القاطرة التي ينبغي أن تتجه الاتجاه الصائب، ثم على السائق أن يتولى ضبط ضغط البخار أو تحديد سرعة مناسبة، لكي تتحرك القاطرة بسرعة كافية مضبوطة نحو الهدف.وعواطفنا هي القوة التي توازي قوة البخار في القاطرة. فالإرادة في الإنسان قدرة انفعالية أوعاطفية، ولهذا تبلغ اعظم قوتها تحت ضغط الحماسة. وبقدر النجاح في تحريك الرغبات العظيمة، يكون توقع الحصول على أكبر طاقة من الإرادة…وأعظم مجهود.
لقد بات من العسير أن نقتلع أنفسنا من أنفسناِ، إذ ليس هذا في طاقة البشر. ومن الواضح من خلال تجاربنا، أن الدوافع المختلفة التي نستخدمها، كالأخلاق والتدين، والتمسك بالمثل العليا، وممارسة العبادات، والإنتماءات المختلفة، لم تستطيع جميعها أن تحرر قلوبنا، ولم تطلق ارواحنا في حرية حقيقية، ولم تحقق لنا صفاء قلبياً دائماً، أو سلاماً روحياً ثابتاً.
فإرادة التوبة مثلاً ليست مجرد الرغبة والشوق، لكنه أيضاً الوعي والفهم والادراك والإستنارة، التي تدفعنا إلى إدارة وجوهنا نحو الاتجاه الصحيح، أي إنها الرغبة الداخلية الحازمة والمستقرة، التي تقاوم كل نزعة، وكل مقاومة اّخرى.
لقد أعطانا الله حرية الإرادة، وترك لنا حرية الاختيار، فهو لا يرغمنا على طاعته، ولا يجبرنا على الرجوع إليه، لكنه يترك هذا تماماً لنا، وعلينا أن نحسن الاختيار.إنه لا يجبرنا على شيء رغم إرادتنا ولا يدفعنا إلى توبة لا تنبع من اختيارنا. أذن فإرادة التوبة لا بد أن تتأيد بالاختيار الحازم، والقصد التام، والرغبة القوية، والتصميم المطلق، وهكذا كله يفحصه الله فينا، ليقبل دموع توبتنا.
أن إرادتنا هي (عجلة القيادة) التي تحدد الاتجاه. ولكن (المحرك) هو روح الله، الذي يدفعنا إلى الأمام نحو مقاصد الله.