تحتفل كنيستنا في هذا الشهر بعيد التجلي و هو عيد يعلن فيه ربنا يسوع مجده الالهي.. كما يظهر فيه التقاء العهد القديم بالجديد ” فيلتقي موسي و ايليا مع بطرس و يعقوب و يوحنا في حضور الرب”
ولكن عيد التجلي يعلن ايضا عن موقف روحي ضروري نحتاجه جميعا في حياتنا الروحية, و هو موقف الشبع بالمسيح , فعندما نظر بطرس الي وجه الرب في موقف التجلي صرخ قائلا ” جيد يا رب ان نكون ههنا ” (مت17 : 4 ) وهو موقف استطاع فيه بطرس ان يتخلي عن كل ملذات العالم لانه شعر انه قد اكتفي و شبع برؤية الرب .
والجوع الداخلي في حياة الانسان يظهر في صور كثيرة كجوع المشاعر او الجوع الي شهوات العالم, او الجوع الي تحقيق الذات و تمجيدها، او الجوع الي المال .. الخ.. من صور الجوع الداخلي التي قد تظهر في العديد من صور الادمان، والانحرافات النفسية او السلوكية . والعلاج الوحيد لذك الجوع هو الشبع بالمسيح .
والكتاب المقدس يقدم لنا عدة امثلة للنفوس الجائعة مثل بلعام الذي اشتهي المال و بهذه الشهوة تخلي عن وصية الرب ( عدد 22) , و مثل المراة السامرية الجائعة الي الحب و بهذا تمررت حياتها في علاقات غير مشبعة.( يو 4 )
كما يقدم لنا الكتاب ايضا امثلة لنفوس شبعي استطاعت ان تكتفي بمحبة الرب , و هكذا كان ابرام الذي استطاع ان يترك كل شيء من اجل الخروج وراء الرب ( تك 12) , و هكذا كانت المرأة السامرية التي شبعت من محبة الرب فاستطاعت ان تترك حياتها القديمة وتتغلب على مخاوفها الداخلية و تصير كارزة باسم الرب. و هكذا ايضا استطاع بولس الرسول ان يقول “ما كان لي ربحا فهذا حسبته من اجل المسيح خسارة” ( في 3 : 7)
و كذلك ايضا يظهر لنا تاريخ الكنيسة قصص كثيرين استطاعوا ان يشبعوا بالرب، وهذا الشبع جعلهم فوق كل ملذات ومغريات العالم، بهذا الشبع استطاع اولاد الملوك مكسيموس ودوماديوس ان يتركوا مجد الملك، وبهذا الشبع استطاع ارسانيوس ان يترك كرامة العلم ليعيش بين بسطاء النساك الاقباط لانه شبع بالرب، وبهذا الشبع استطاع موسي الاسود ان يستبدل حياة الشر بحياة طاهرة مسالمة نقية .
و الشبع بالرب هو حالة نستطيع ان نقتنيها من خلال حرصنا على:
1- الشكر : “اشكروا في كل شيء ” ( 1 تس5 : 18) لذلك لم يستطيع الابن الاكبر في مثل الابن الضال ان يشبع من غني ابيه و محبته لانه لم يستطيع ان يشكر.
2- ممارستنا الروحية التي نمارسها بالروح : نشبع في مخادعنا بصلواتنا, و تاملاتنا في كلمة الله , و حضورنا الدائم في بيت الرب. و ارتباطنا بالاسرار و التسبيح , و بالتدرب علي محبة و شركة القديسين.
3- الدفء الاسري السليم : فالابن الذي يشبع من محبة اسرته يستطيع ان يدرك محبة الرب و يتذوقها من خلال ممارسة الحب الاسري داخل البيت المسيحي .
4- الخدمة الروحية : و الانسان المسيحي الذي يشترك في احتياجات الاخرين من خلال الخدمة تمتليء حياته بالشبع , فيشبع بالرب و بمحبة الاخوة , و لا يعود في احتياج الي شيء.
في تذكار الاحتفال بعيد التجلي نحتاج ان نراجع انفسنا هل تمتليء حياتنا شبعا بالرب ام نحتاج ان نراجع طرقنا ؟