الشقيقان صفوت وهاني وليم شكر الله من محافظة الأقصر ومحل إقامتهما نجع الصياغ شرق السكة الحديد حي السواقي.. وصلت بهما أحداث الثلاثة أشهر الماضية إلي منطقة الحيرة أصعب المحطات التي يصل إليها من ضاقت بهما ذات اليد وأوصدت أمامهما كل الأبواب, وتكبلت نفسيهما بقيود الفقر والعوز وتلقفتهما الأيام فلم يجدا أمامهما سوي باب الله سبيلا..
هاني 29 عاما يعمل سائقا كل تحويشة عمره 20 ألف جنيه كان يتعشم أن تكون سنده إلي زوجة صالحة وبيت مستقر.. وضعهما في حافظته وحمل أخاه صفوت 40 عاما الذي يعيش في كنفه زوجته و 3 أطفال صغار ليأتي به إلي مستشفي أسيوط الجامعي, ليرقد في قسم الأمراض الصدرية- غرفة العناية المركزة0 وإلي جواره جهازان أحداهما أسطوانة أكسجين مقاس 10 لتر والآخر جهاز الـ Bipap sit وهي أحدث الأجهزة الطبية التي لا بديل عنها إطلاقا لمثل حالته.. وكان قد أوصي بعد أن فشلت الأنظمة العادية للعلاج المتوفرة بالأقصر بمستشفي أسيوط الجامعي الذي يتوفر به تلك الأجهزة الحديثة للفحص والمتابعة .. بتاريخ 23 مارس 2014 الماضي..
يقول تقريره الطبي أنه بتوقيع الكشف علي المريض وجد أنه يعاني من ربو شعبي مزمن وتمددات شعبية مزدوجة بالرئتين واسترشاح بلوري أيمن, وقصور بوظائف التنفسي ونقص شديد بنسبة الأكسجين بالدم.. أوصي التقرير بضرورة العلاج المستمر والمتابعة الدورية واستنشاق الأكسجين بصفة مستمرة مع جهاز ال Bipap أحدث الأجهزة لمثل هذه الحالات اليائسة..
وبتخرت تحويشة عمر- هاني – مابين مصاريف الإقامة والمتابعة والمواصلات .. والأطباء .. فيما يرقد – هو – كل مساء في الصالة الملحقة بقسم العناية المركزة .. يكفيه بالكاد قطفه الحين ورغيف الخبز..
ولأن المصائب لا تأتي فرادي.. بدأ الأطباء بقسم العناية المركزة بالمستشفي الجامعي قسم الأمراض الصدرية, وبعد أن استوعب المريض لقرابة ثلاثة أشهر , بالتلميح وبالتصريح يوجهون الملامة إلي شقيقه هاني بضرورة التطرف لشراء جهاز إلي Bipap لأخيه.. أعطوه المهلة تلو المهلة.. لابد أن يتصرف والأخ يتساءل إلي من نذهب.. آخر مهلة كانت عيد الفطر الماضي.. اتصل هاني بالأسرة الأشد فقرا وبخدمة المرضي بمنطقة نجع الصايغ شرق السكة الحديد بالأقصر وبمطرانية دشنا- وعدوه التفكير.. ويضيق الوقت.. فالجهاز ثمنه يتراوح ما بين 20 ألف جنيه, 25 ألف جنيه وأسطوانة الأكسجين المرفقة يتراوح ثمنها ما بين 7 آلاف جنيه, 10 آلاف جنيه.. ويضيق الحال والوقت يمضي سريعا.
طرق – هاني – باب محطة المرض.. لعله يجد ملاذا- أرسل التقرير الطبي لأخيه والذي يرقد بقسم الأمراض الصدرية بمستشفي أسيوط الجامعي ينتظر النجدة, وأرفقه بتقرير الحالة الاجتماعية والذي يوضح أن أخاه صفوت حاصل علي دبلوم صنايع ورب أسرة لثلاثة أطفال كيرلس وناردين وكاراس, وأنه يسكن في غرفتين وصالة بقيمة إيجار 450 جنيها, ويعاني وقت كتابة التقرير من حساسية شديدة بالصدر وضعف عضلة القلب, ويتقاضي معاش عجز قدره 290 جنيه ويوصي التقرير بمساعدة المريض بالعلاج بمستشفي أسيوط الجامعي علي نفقة الدولة .. ولكن طلب العلاج علي نفقة الدولة لو يشمل شراء الأجهزة المطلوبة لحالته!!
ذهبت- وطني- لزيارة المريض بالمستشفي- المريض أصبح يشبه سكان المقابر يربطه بالحياة – كمامة- متصلة بجهاز ال Bipap.. وضعت المستشفي خيارين أما شراء الجهاز في أقرب فرصة ممكن حتي تتمكن إدارة القسم من تدريب المريض وأسرته علي استخدام الجهاز داخل منزله الذي سينقل إليه بسيارة الإسعاف بعد أن يتم شراء (مولد الكهرباء لمنزله خوفا من انقطاع التيار الكهربائي, فيتوقف عمل الجهاز ويتوقف بالتالي أنفاس المريض.. أن تقوم إدارة المستشفي بشراء الجهاز علي نفقة تبرعات أساتذة القسم ويوقع المريض وأسرته علي سداد قيمة الجهاز بإيصالات أمانة لصالح المستشفي..
اختار – هاني – البديل الأصعب وهو شراء الجهاز .. ولجأ إلي .. وطني.. لم ينتظر أن نطلب الجهاز من الشركة الموردة له بالقاهرة.. ليصل إلي مستشفي أسيوط بعد يومين.. خرج هاني .. سافر إلي القاهرة.. ذهب إلي مقر الجريدة واستلم المبلغ 23500 جنيه (ثلاثة وعشرون ألف وخمسمائة جنيه) ليشتري الجهاز من مصدره ويعود به فجرا ليصل إلي العناية المركزة بقسم الصدر المستشفي الجامعي ليرفع الكمامة التي تخص بجهاز المستشفي ويضعها متصلة بالجهاز الذي أصبح ملكه.. يتم حاليا تدريبه لاستخدامه المنزلي .. تمهيدا لعودته إلي منزله بالأقصر.. وينتظر كيرلس وناردين وكاراس عودة بابا.