كثيرون لديهم البصر بينما يحيون فاقدي البصيرة.. كثيرون ينعمون برؤي العين بينما القلب معتم لا يري من نور الحق والحياة إلا بصيصا ينقطع مع غلظة القلب وقساوة النفس.. لكن البصر لا يعيد للقساة حنانهم ولا يمنح الطيبين حظا أوفر.. ولا تعوضهم الطيبة عن البصر ولا تعوضهم البراءة عن رؤية الحياة بكل مباهجها ومآسيها.. وربما يصنع القساة من مأساتهم فصلا ساخرا في فصول استهتارهم يدفع الطيبين لنفق القسوة غير شاعرين بما يفعلون.
فهذه الفتاة التي نروي قصتها اليوم لم تكن تعلم ما يخبأه القدر لها.. كانت تحيا خادمة في الكنيسة.. لا تبتغي من الدنيا إلا القليل والمعتاد.. لكنها مثل كل من نكتب عنهم حملت نير التجربة صامتة لا يفارقها الأمل.. صامدة أمام رياح المآسي.. بعد أن كانت العضو النشط في جسد الخدمة بإحدي مدن الصعيد.. رغم ضعف بصرها المزمن منذ الصغر.. الآن صارت تنتظر من يخدمها ومن يذهب بها للطبيب.. من يحنو عليها حتي تشعر أنها إنسانة طبيعية غير ناقصة.
كريستين الفتاة الجميلة التي تبلغ الآن من العمر 35 عاما.. حصلت علي دبلوم التجارة ولم تعمل فالصعيد يشتهر بالبطالة أكثر من الحضر.. لديها أختان وأخ لم يتلقوا قسطا من التعليم. الكبري متزوجة والصغري تعمل في عمل بسيط لدي الكنيسة المجاورة للمنزل.. أما الأخ فعمره 9 سنوات.. والدها فلاح أجير.. يقطنون في بيت العائلة الكبري.
أصيبت بضعف البصر منذ صغرها.. واستخدمت النظارات الطبية.. لم يدرك الأهل أنها تعاني مما هو أكثر من ضعف البصر.. كانت تذهب إلي الكنيسة وتخدم بكل محبة.. حتي سن الـ25 سنة.. لكنها لم تعد تقوي علي الخروج من المنزل.. تآكل بصرهاولا أحد يعلم ما بها إلي أن راح البصر من إحدي عينيها تماما وأصيبت بمياه بيضاء في الأخري. طافت بها الخادمات علي الأطباء..
وذات مرة تصطحبت الخادمات والدة كريستين معها إلي الطبيب إذ تعاني من نفس الأعراض.. حينئذ تكشف الأمر, فالحالة وراثية, إنها تعاني من تهتك وتآكل بقرنية العين.. والذي أصاب والدتها منذ زمن ولم يتعرف أحد علي المرض حتي فقدت البصر في إحدي عينيهاتماما.. والعين الأخري لا تري إلا بصيصا من النور.. إذ أنها مصابة بمياه زرقاء عليها والأطباء شخصوا الحالة بأنها ضمور في الشبكية لذلك لا يمكن علاجها ولا حتي بإجراء جراحة.. ومع الزمن أغلق العمي عينيها وصارت لا تتحرك بلا مرافق!
انتبه الأطباء لحالة كريستين التي تحتاج إلي جراحة كبري لترقيع القرنية.. هذه الجراحة قد تحسن بصرها بنسبة 50%.. وتكلفتها تصل إلي 17ألف جنيه.. هكذا قرر الأطباء.. خرجت الفتاة من عند الطبيب والحزن يكسو وجهها. وصيحات السخرية من أبناء الأعمام الذين يقطنون ذات المنزل لا تفارق أذنيها.. فعينيها مغلقة بعض الشئ شئ يبدو غريبا للناظرين فيها.. وتجتهد لتري بالأخري أو حتي ترتدي نظارة سوداء لتبدو طبيعية.. لكن قساوة القلوب لا تترك للرحمة مكانا.. عادت إلي المنزل بلا أمل.. فمن أين لوالدها الفقير الأجير هذا المبلغ.. إنه ثروة بالنسبة لهم.. وهم لا يملكون من الدنيا إلا سؤال الله فلا حيازة زراعية ولا معاش ولا دخل ثابت..
اكتئبت لفترة ثم خرجت من اكتئابها لتنتقم ممن حولها.. من هو أضعف منها تقسو عليه مثلما يقسو القدر عليها مثلما يقسو الغرباء والأقرباء.. صارت حياتها جحيما بعد أن لقبوها بـالحولة!!.. قضوا علي ما تبقي لديها من صلابة.. ولأن الصعيد لا يحتمل الفتاة التي تتأخر في الزواج بدأ البعض يتوسطون من أجل زيجتها.. وكلما جاء عريس هرب فورا بمجرد أن يراها.. ودخلت في دوامة الهروب والألم.. إلي أن تقدم إليها شاب.. وأثناء زيارته لهم في المنزل همس لوالدته: أنتي جايباني هنا تجوزيني واحدة حولة؟!!.
لم يدرك الشاب أن الله حينما يسمح بكف البصر يمنح معه قوة السمع.. سمعت الفتاة ما قاله الشاب عنها.. خرج من البيت ودخلت هي في قلب الحزن تردد: أنا مش حولة.. ماليش ذنب في إللي بيجري لي.. ليه بيجرحوني.. ليه بيجلدوني علي شئ ماليش ذنب فيه.. ليه التجريح سهل والحنية صعبة.. والطبطبة علي الناس صعبة.. والرحمة صعبة.. ليه الناس والتجارب متجمعين عليا؟.
ذهبت إلي الكنيسة وألقت بنفسها في أحضان الخادمة التي ترعاها.. والتي حينما تلامست مع آلامها النفسية قررت أن تخوض التجربة وتجمع لها مبلغ الجراحة وكانت الجسر الذي سارت عليه كريستين حتي وصلت إلي باب افتح قلبك.. وها نحن نعدها ألا نتخلي عنها إلي أن تطيب آلامها الجسدية والنفسية.
جلباب المرض بلا جيوب 2
جلباب المرض بلا جيوب.. عنوان الحلقة الأخيرة من باب افتح قلبك التي كتبناها عن عم جمال.. ذلك الرجل الذي كتبنا عنه مرارا بسبب سوء حاله.. الذي لم يتخط 54 عاما فلديه أربع بنات في أعمار مختلفة.. كان يعمل إسكافيا ومنعه الأطباء من ممارسة مهنته بعد أن أصابته جلطة بالقلب.. عم جمال أصابته مؤخرا جلطة أخري في القلب ومثلها في المخ وفشل كلوي.. دخل في غيبوبة عنيفة ورقد في القصر العيني لمدة عشرة أيام ثم خرج منه بشلل نصفي في اليد اليمني والساق اليمني ولسانه أيضا صار عاجزا حتي عن طلب المساعدة.
عم جمال يرقد حاليا في منزله يحتاج لكرسي متحرك قيمته 1200 جنيه وعلاج شهري قيمته حوالي ألف جنيه أخري وبناته الأربع لا يعرفن سبيلا للمساعدة إلا باب افتح قلبك, فضلا عن مساعدة الكنيسة الشهرية التي يتلقونها منذ زمن.. ويدركون جيدا أنه لا مفر من القدر المحتوم.
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
1000 جنيه من يدك وأعطيناك بالمنيا
1000 جنيه أوجيني جرجس ببنها
200 جنيه من يدك وأعطيناك بالعريش
2000 جنيه ش.م. بأسيوط
450 جنيها شفاعة العذراء والبابا كيرلس
2000 جنيه كاراس وإيمي وسيلينا
600 جنيه شفاعة القديسة ريتا والقديسة فيلومينا
700 جنيه شفاعة القديس العظيم الأنبا بيشوي والقديس العظيم الأنبا كاراس
1000 جنيه شفاعة القديسة الشهيدة دميانة
2000 جنيه من حدائق القبة
350 جنيها علي روح المرحوم إبراهيم مسعد
1500 جنيه من يدك وأعطيناك