لم أبالغ أبداً في وصف مسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية؛ بأنه “قلعة الثقافة القبطية”، لأنه أنشيء ليكون نافذة قبطية ترتقي بالمستوى الثقافي والفكري والأدبي والفني لهذا الجيل وللأجيال القادمة، كما أن هذا المسرح يمثل قداسة البابا تواضروس شخصيًا ” رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكرازة المرقسية”، وبالتالي فإن المسرح هو منبرًا يمثل الكرازة المرقسية بمصر والخارج وهذا ما ذكره لنا “المؤلف الموسيقى وقائد الأوركسترا العالمي أ د. جورج بشرى، مدير مسرح الأنبا رويس؛ في حواره الخاص لـ”وطني نت”؛ عندما ذكر كيفية دعوته للخدمة كمدير عام لمسرح الأنبا رويس قائلاً: “”في يناير 2015م قام قداسة البابا تواضروس يإصدار القرار البابوي رقم 2 لعام 2015م؛ الخاص بتعييني كمديرًا للمسرح بأرض الأنبا رويس ومشرفاً على القاعات المستخدمة للأنشطة الشبابية والإحتفالات العامة؛ لمدة عام وقابلة للتجديد”. وقد تم نشر هذا القرار بمجلة الكرازة المرقسية، ومنذ ذلك اليوم ونحن نعمل بكل طاقتنا وإمكانياتنا التي أعطاها لنا الله لخدمة إسمه المبارك في هذا الصرح العظيم.
• أذكر لنا لمحة تاريخية عن مسرح الأنبا رويس
.. إن هذا المكان له تاريخ طويل، فقد تم إنشاء هذا المبنى ” في عهد “البابا يوساب 115″، وكان المسرح عبارة عن قاعة اجتماعات كبيرة تحمل إسم ” القاعة اليوسابية “، وقد أطلق عليه هذا الإسم حتى جاء عهد البابا كيرلس السادس وتم تغيير الإسم ليصبح “قاعة مارمرقس” وخاصة بعد عودة رفات مارمرقس الرسول إلى مصر في عهد قداسته وظل هذا الإسم حتى عهد البابا شنودة الثالث. وفي عهد قداسته اُستخدم المكان كقاعة للاحتفالات والأنشطة الكنسية باسم مسرح مارمرقس؛ حتى جاء قداسة البابا تواضروس الثاني الذي قام بتجديده وتطويرُه ليكون صرح يمثل ويخدم الكرازة المرقسية.
• بماذا تقدر تكاليف تجديد وتطوير المسرح؟
.. بالنسبة لتكاليف تطوير وتجديد المسرح الموضحة بالأوراق التي تسلمتها عن تجهيزات الصوت والإضاءة والتكييف والفرش والأعمال الإنشائية وغيرها؛ فقد بلغ حوالي 15 مليون جنيهاً.
• من هم المهندسين الذين قاموا بتجديد المسرح سواء من الناحية الهندسية والمعمارية والفنية والتكنولوجية؟
.. العديد من المهندسين والاستشاريين المباركين، على رأسهم “المهندس نبيل جورج، المهندس يسري خليل، المهندس هنري” هذا بالإضافة إلى طاقم على مستوى عالي من الكفاءة.
• ما هي بصمة الدكتور جورج في تطوير المسرح؟
.. نحن لم نكن بصدد إنشاء دار عرض جديدة، لكن كنا بصدد تحويل مكان ليصبح دار عرض بجميع مواصفاته، وهذا أصعب.
ففي جميع مراحل تطوير المكان؛ كان يوضع في الحسبان دائماً أن هذا المبنى أثري، وفي نفس الوقت كان علينا تحقيق المواصفات الفنية التي بدونها لن نستطيع أن نطلق عليه إسم مسرح ومن أحد المشاكل التي تمت معالجتها هي ما يلي:
. مساحة عمق خشبة المسرح التي كانت 5 متر فقط، أما الأن فقد أصبحت على عمق 9 متر.
. كان المسرح بلا كواليس، وخشبة المسرح بدون ممر خلفي، ولكي نوفر ذلك؛ قمنا بأخذ جزء من مبنى خلفي ملاصق لمبنى المسرح، وتم استغلال تلك المساحة لتأسيس مسرح حقيقي. كما تم عمل غرف لاستراحة وتغيير ملابس الفنانين؛ لأنها من الأشياء الأساسية.
. أما عن مقاعد المشاهدين، فقد تم وضعها بهندسة دقيقة لي يرى كل الموجودين المسرح، كما تم إلغاء أول صفين للكراسي الأقرب لخشبة المسرح لكي تكون الرؤية مريحة وفي مستوى النظر.
. من أحد المشاكل الموجودة حالياً؛ إنه لا يوجد باب يدخل منه الفريق من الخارج للدخول لخشبة مباشرة دون أن يمر الفريق وسط المسرح، لذلك نسعى لحل تلك المشكلة؛ بفتح باب بطريقة معينة لا تؤثر على سلامة المبنى ويتم دراسة ذلك الأن مع المهندسين.
• ما هي مميزات المسرح الفنية؟
.. إن المسرح مجهز على أعلى مستوى ولو تحدثنا عن الصوت فالمسرح يملك أحدث نظام صوتي، وإذا لاحظنا نجد أن السماعات موضوعة في نقطة تعليق واحدة فقط وذلك لأنها من أحدث السماعات التكنولوجية؛ لأن يوجد بها وحدات مسئولة عن توزيع الصوت في جميع اتجاهات المسرح، على عكس ما هو موجود بالمسارح الأخرى من السماعات المعلقة بطول المسرح.
. كما يوجد أيضاً الديجتال ميكسر 96 تراك، وهو مجهز لإستيعاب عدد ضخم من الآلات الموسيقية.
. هذا بالإضافة إلى أحدث ميكرفونات لها نقاط تغطية في كل أرجاء المسرح.
. أما بالنسبة للإضاءة يوجد بالمسرح أحدث إضاءة وعلى أعلى مستوى تغطي خشبة المسرح بالكامل.
. أما فيما يخص المقاعد، فهي مريحة جداً ويبلغ عددها 750 مقعداً، بخلاف التكييف المركزي.
. وقد تم مقارنة هذا المسرح بأعلى مسارح الجمهورية تجهيزاً، والجميع يشيد بالمسرح وتجهيزاته. ولابد أن الكنيسة تفتخر بما فعلت.
• ماذا بعد تطوير وتجهيز المسرح؟
.. بالطبع يجب أن يقوم المسرح بنقلة نوعية، لذا يجب علينا تقديم أشياء تليق بهذا المستوى العالي؛ خاصة بعد أن تحملت الكنيسة كل هذه المبالغ في تطويره وتجهيزه، لذا يجب أن يدير هذا المكان نفسه بنفسه؛ بوضع آليات معينة وهي: ” تشغيل المسرح بواسطة مهندسين وفنيين متميزين للتشغيل، التي تقدر أن تتعامل جيداً مع تلك التجهيزات، وإلا سيتم إهدار كل شيء، لأن معظم أجهزة المسرح يتم تشغيلها بالكومبيوتر”.
وأضاف د “جورج ” أن لكل شخص يعمل بالمسرح مسئولية عن شيء معين منهم:
. مدير خشبة المسرح: وهو يقوم بالتنسيق ما بين العميل وبين كل فريق تشغيل أجهزة المسرح، ويبدأ في طرح بعض الأسئلة تشمل معرفة “اعداد الفريق واعداد العازفين وعدد المشاهد والفقرات وغيرها العديد من الأسئلة” بالإضافة إلى معرفة جميع طلبات العميل، ثم يقوم بإبلاغ فنيين الديكور، ومهندس الإضاءة لتسليط الضوء على مجموعات الفريق مهما كان عددها، هذا بخلاف الصوت وتحديد أعداد المايكات، لذلك نطلب من العميل أن يأتي قبل الحفل بأسبوع لإعطائنا خطة مكتوبة للحفل.
• ما هي الأعمال التي سبق وإستضافها المسرح من بداية إفتتاحه؟
أستضاف المسرح العديد من المؤسسات والأعمال والعروض للفرق والأفراد؛ دون أن يكون للمسرح أي تدخل في ” جودة العمل أو نجاحه أو جمهوره”، ولكنني أحرص على نقطتين فقط وهما ” أن ما يقدم على هذا المنبر يوافق تعاليم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والعقيدة، الناحية الأخلاقية بالنسبة للعروض المسرحية أو الكورالية والتأكد من عدم وجود خروج عن الآداب العامة”.
هذا بخلاف أن هذا المكان لا يهاجم أحداً وليس له شأن بالسياسة، بل يرحب بتقديم الأنشطة الخدمية والروحية والفنية، لذلك نحن ننتقي الأعمال، ونطلع على نصوص الأعمال المقدمة، لضمان حقوق المكان وحقوق الغير.
• ما هي الخطط المستقبلية للمسرح وهل يوجد عمل خاص يكون من إنتاجه وتحت مسئوليته ويحمل اسمه؟
.. يوجد في عقلي العديد من الخطط المستقبلية لتنفيذها بالمسرح، ذلك من بداية ما أوكلت لي هذه المسئولية من يد قداسة البابا تواضروس.
ومن واقع خبراتي أقول ” إن أي مكان ليس له تأثير في المجتمع؛ فهو مكان ليس له وجود” ، ومنذ إنشاء المسرح لم يكن للمسرح تأثير لأنه لم ينتج إنتاجاً خاصاً له، بل كان يستضيف الأعمال فقط، ويحدث هذا التأثير من خلال عدة أنشطة روحية وفنية وثقافية، ومن أهم الإنتاجات التي يضعها المسرح في جعبته هو ما يلي:
1-” تقديم نموذج لحفل تسبيح، أو كورال أو مسرح”
وفيه يقوم المسرح بإنتقاء كل ما هو جيد جداً من واقع حفلات الكنيسة والعروض المتميزة مع مراعاة إختيار ما يلى:
” الموضوع، الكلمات، الألحان، التوزيع، العازفين، المرنمين”؛ ذلك بعناية فائقة وبعد دراسة دقيقة؛ ليخرج كل شيء بالشكل الصحيح وعلى أعلى مستوى؛ ذلك لأن هذا يمثل قداسة البابا شخصياً الذي يمثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر والخارجٍ.
وقد ظهر منذ شهور قليلة ” باكورة إنتاج مسرح الأنبا رويس الروحية والثقافية والفنية على أعلى مستوى ” وهو حفل ” حالة تسبيح ” الذي إحتفلنا به في 17 فبراير 2017م، الذي أحياه ثلاثة من المرنمين المتميزين بالوسط الكنسي وهم :
“المرنمة ماريان جورج، المرنمة مريم حلمي، المرنم مينا يسري” وتقديم الإعلامية دينا عبد الكريم، ذلك بحضور قداسة البابا تواضروس ونيافة الأنبا موسي أسقف الشباب ونيافة الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة ونيافة الأنبا دانيال أسقف المعادي .
2-” التبني “
بمعنى أن المسرح سيتبنى عرض معين أو فريق متميز، بشرط أن يكون المسرح مشرفاً على” الموضوع والسيناريو وتنفيذه ودعمه”، ذلك لأنه سيقدم العرض بإسم المسرح.
3-” إقامة صالون ثقافي “
وذلك بهدف بناء الفكر السوي وتنمية الوعى لدي الشباب والمجتمع، لخلق أجيال جديدة تملك فكراً سوياً، لديها معايير على الحكم على الأشياء وتقييم الأمور بشكل صحيح، وفيها سيتم الإستعانة بأصحاب الفكر الموثوق بهم.
4-” تأسيس أوركسترا وكورال خاص بالمسرح يمثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية “
ألا يليق بالكنيسة الأرثوذكسية أن يكون لها كورال يحمل إسمها وهي تملك أبناء تتشرف بهم في كل المحافل على جميع المستويات وهي رائدة الفنون!؟، فكنيستنا عظيمة في الفن، وثرية جداً، وهذا عن دراسة أكاديمية.
5-” إنشاء فريق مسرحي يمثل المسرح والكنيسة “وسيضم جميع الفئات العمرية من الأطفال والشباب.
6-” كما أتمني أن يتم تحويل أسم المسرح لأسم يعكس توجهاته وأفكاره وسياساته بشكل مؤسسي؛ لأن هذا المسرح يمثل كنائس الكرازة المرقسية بأجمعها ولا يمثل كنيسة الأنبا رويس فقط”، لذلك اقترحت على قداسة البابا بأن يطلق على المسرح إسم “دار الأوبرا القبطية بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة ” وأخذت وعد من قداسته بأنه سيفكر في هذا الطرح.
• هل يستضيف المسرح العروض والحفلات التي يشارك فيها العديد من الأطياف بمختلف أنواعهم؟
.. بالفعل أستقبل مسرح الأنبا رويس عدد من الإحتفالات التي ضمت إحتفالات الكنيسة الإنجيلية، فيوجد العديد من الأمور التي نتوافق عليها ولا تمثل إختلاف؛ علي سبيل المثال أن ” قناة SAT.7 ” اختارت مسرح الأنبا رويس لتحتفل فيه بمرور 20سنة لوجودها في الهواء المصري؛ وهذه أحد الافكار التي تغيرت على يد قداسة البابا تواضروس؛ فنحن نحب
الجميع؛ ونرى النقاط التي تجمعنا ولا تفرقنا، فما نختلف عليه لا نذكره؛ فإن كان العمل لا يختلف معي في أشياء عقائدية مرحب به، فإن كان حضن الله يشمل كل البشر؛ أفنُغلقه نحن !؟ فمن نحن لنغلق هذا الباب.
• ماذا لو أعطى لك المايك في حفل إفتتاح المسرح بعد عمليات التطوير التي شهدها؛ فماذا ستقول؟
.. أشكر ربنا لأنه أعطى الحكمة والفكر لقداسة البابا ليقوم بهذا العمل الجرئ والكبير، فقداسته يتمتع بوعي وإدراك ثقافي وفني كبير جداً، وإلا لما وضع كل هذه المبالغ في هذا المكان.
وأشكر قداسته على وجود مثل هذا الصرح الثقافي الذي يليق بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
كما أقدم الشكر لكل واحد بإسمه لمن كان له تعب في إنشاء وتجهيز وإخراج المسرح بهذا الشكل المشرف والمبهر.
وأقدم الشكر أيضاً لكل من يعمل بهذا المسرح بأمانة سواء من المهندسين أو الفنيين لأنهم يحبون المكان ويحافظون علية بقلب واحد وكأسرة واحدة، فنحن نخدم في هذا المكان وهذا المكان هو بيت الله وأحب أن أذكر بعض من آيات الكتاب المقدس التي تقول ” ملعون كل من يعمل عمل الرب برخاوة “
وأيضاً ” من يقدر أن يفعل حسناً ولم يعمل؛ فذلك خطية له ”
” غيرة بيتك أكلتني” لأننا أستغرقنا كم من الوقت لكي ننشئ هذا الصرح، لذلك يجب الحفاظ علية.
• لماذا اهتم قداسة البابا بإنشاء وتطوير وتجديد هذا المكان؟
.. هدف البابا من إنشاء المكان هو أن يخدم كل الأوساط الكنسية بصورة مشرفة ورائعة تليق بالخدمة.
وأختتم الدكتور جورج حديثه قائلاً: ” إن المسرح يرحب باستقبال الفرق المسرحية والكورالات ويتبنى ويرعى كل الأعمال الجادة والمتميزة من أجل الارتقاء بالذوق العام وتقديم كل ما يبنى الإنسان روحياً وفكرياً ونفسياً وثقافياً “.