الترانيم غذاء الروح و رسالة تكاد تكون أقوى من الوعظ
التشجيع في مكانه الصحيح يحفزنا أن نخدم الله
يسوع الذي أحبه أعطاني موهبة الصوت فبالأولى أن تكون له وحده وليس لآخر سواه
اعشق كنيستي الأرثوذكسية وألحانها واخدم في كل الكنائس
التسبيح احد أهم أركان العبادة في الكنيسة ففي اغلب الأحوال يكون كالبلسم للنفس المجروحة، ورجاء للمنتظرين، وهتاف للمنتصرين، كما إن الترانيم تحفز النفس لتوطيد علاقتها مع الله، وتتيح لها المجال بان تحاجج باريها في حب ودالة ايا كانت حالة المشاعر الإنسانية في المعاناة أو السرور، وداود النبي هو أحد شهود الكتاب المقدس الذي تحاور مع الله بكل مشاعره وأفكاره كاسرًا حاجز الخوف بالقيثارة والأشعار.
والتسبيح هو موسيقى الحب الإلهي معزوفة على أوتار القلب المسبي بحب الحبيب السماوي ومسرة قلبه ببخور الذبيحة الصاعدة من شفاه المسبحين فيقول كاتب نشيد الأنشاد شفتاك كسلكة من القرمز وفمك حلوٌ ( نش 4: 3)
وحوارنا اليوم مع خادمة مدعوة بنعمة الرب مفرزة لخدمة التسبيح بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عُرفت باللون الشرقي الشجيّ، جالت مع مخلصها تصنع خيرا منذ أن وقفت تناجيه على الجلجثة بترنيمتها الأولى (خارج أسوارك يا أورشليم ) ، وصعدت معه من العالم الفاني بكل همومه وأتعابه وشهواته لتخترق بيوت المسكونة ببشارة الخلاص ،وهي المرنمة هايدي منتصر، وهي فتاة في عمر العشرينات من أسرة مسيحية تقية، مكونة من أب وام وبنتين وولد، وتعيش بمحافظة المنيا، من كنيسة الانبا انطونيوس ، وتأصلت بتعاليمها وألحانها الأرثوذكسية. فإلى الحوار…
* يظن البعض انك أكبر عمرا بالنسبة لمشوارك ونجاحك في مجال الترانيم ؟
حقيقية يظن البعض هكذا ، وذلك نتيجة لبداية دخولي في مجال الترانيم والخدمة وعمري كان صغيرا جدا ، ولكن أنا فتاة في عمر العشرينات، وحتى لم أتزوج بعد كما ظن البعض أيضًا .
*متى بدأتي خدمة الترنيم ؟
أتذكر في المرحلة الإعدادية كنت اشتركت في كورال بمهرجان الكرازة في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والذي كان يقام تحت رعاية مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث المتنيح، وقمت بأداء فردي لترنيمة “يا مريم البكر ” للفنانة فيروز ، وكان ذلك أمام اللجنة التابعة لقداسة البابا وأعجبوا بصوتي ، وفازت كنيستنا بمركز متقدم على مستوى الكرازة ، وتم تسجيل هذه الحفلة على شرائط فيديو أتاحت من خلالها أن اُعرف كاسم علي مستوي كنائس إيبارشية المنيا .
ومع بداية التحاقي بالجامعة والتي تعد بمثابة الانطلاق، تلقيت اتصالا هاتفيا من احد القادة المرنمين للاشتراك معه في كورال يجمع من كل الطوائف المسيحية للخدمة، ومع مرور الوقت دعاني احد أعضاء هذا الفريق للمشاركة في تسجيل البوم ترانيم ، فرحت جدا بالدعوة لأنه كان حلمي منذ طفولتي ، ولكن كانت تواجهني عقبة بأن والدي سيرفض هذه الفكرة خوفا عليا ولكن خطة الله مدبر حياتي كانت أعظم من أي عقبات وبفضل الصلاة سمح لي أن أرنم معهم وبعد ذلك سجلت أول ترنيمة (خارج أسوارك يا أورشليم ) شهدت هذه الترنيمة نجاحا غير مسبوق وانتشرت علي مستوى العالم كله.
– ظن كثرين بأن ترنيمة خارج أسوارك يا أورشليم من أداء المطربة شيرين عبد الوهاب فما واقع هذه الإشاعة عليكِ؟
نعم بالفعل حدث هذا ، ولكن أعلنت المطربة شيرين عبد الوهاب في برنامج البيت بيتك مع الإعلامي محمود سعد ، حيث طرح عليها سؤال بخصوص انها تقدم ترانيم مسيحية، ونفت تماما أنها قامت بالترانيم وقالت انه مجرد تشابه أصوات، وفي واقع الأمر لم يكن يعنيني إلا أن تصل الرسالة إلى قلوب الناس .
*ولكن كيف نميز مابين أن الترانيم كهدف لخدمة روحية أم حبًا في الظهور والشهرة ؟
في البداية لم أعرف مفهوم الخدمة وما تحمله من عاتق المسؤولية والجدية ولكن كان كل ما يشغلني هو محبة ربنا ورغبتي دائما بأن أمجد اسمه أخدمه .
ومع مرور الوقت أدركت إن الترانيم كخدمة رسالة قوية جدا تكاد تكون أقوى من الوعظ لأنها رسالة بسيطة تستطيع أن تصل لكل الأعمار والفئات من البشر بطريقة مُلحنة نظرا لان الموسيقى هي غذاء للروح والشعور بها لا يحتاج إلى تفسير حتى ولو لم تحتوي على كلمات.
وكان لقائد فريق الكورال سابقاً دور هام في انه كان يعلمنا كيفية الصلاة قبل خدمة الترنيم حتى يعمل الله لتهيئة قلوب الناس لسماع كلمته ، وبعد الخدمة نشكر الله على حضوره وسطنا في وقت الخدمة، وبعد انتهاء كل ترنيمة كنّا ننحني أمام تصفيق الجمهور ننحني بروحنا قائلين المجد لك يارب من اجل تمجيد اسم الله وليس حبا في الظهور.
ومع ذلك فكلنا كبشر نحتاج إلى التشجيع، لا أنكر ذلك ولكن إذ جاء التشجيع في مكانه الصحيح حتى يحفزنا لنخدم الله ونعطيه المجد في الأول والآخر ، لأنه هو الذي أعطى الإنسان الموهبة والكرامة وقد ميزنا بالأخص ، حسب ما ورد على لسان الرسول بولس في احد رسائله حيث قال أنا المدعو المفرز رسولا ، فإذا تأملنا في كل كلمة على حدا فهناك دعوة الله دعاناه بها ، ومختارين من كل أنحاء الدنيا وأيضًا أن نكون رسلا لنشهد عن المسيح يسوع ربنا للعالم اجمع .
*ألم يطرأ عليكِ بعد فكرة الغناء وخاصة إن ملامح صوتك تجسد الصوت الشرقي الأصيل؟
أبدًا لم يكن في مخيلتي ولو للحظة بان اسلك مجال الغناء لقناعتي بأن يسوع الذي أحبه أعطاني هذه الموهبة ، ولذلك من واجبي ان أعطيه ذبيحة التسبيح والغناء في حبه هو وحده.
– كم عدد الألبومات التي أطلقتيها؟
بعد انتشار ترنيمة ” خارج اسوارك يا أورشليم ” تم إصدار الألبوم الثاني بعنوان ” خليني اعيشلك “وبعدها الألبوم الثالث ” عارفني” ثم البوم ” والألبوم الرابع عمري ليك ” ومؤخرا في عام 2015 الألبوم الخامس ” وانا وياك “.
– كيف تري من وجهة نظرك مفهوم خدمة التسبيح او الترانيم في أغلبية الكنائس القبطية؟
هناك بعض الكنائس تهتم بجانب الترانيم وتعتبره جزء من العبادة والصلاة وتوفر له كافة الإمكانيات من أنظمة صوت وشاشات عرض وكل ما يؤهل لخدمة هذا الهدف، وهناك كنائس أخرى على العكس تماما ترى إن الترانيم مجرد فاصل بين فقرات الاحتفالات أو الاجتماعات الروحية قبل أن يبدأ المتكلم أو الواعظ أو العرض المسرحي، وأمنيتي أن تحتل خدمة الترانيم مكانة اكبر وأعمق في كنائسنا القبطية كجزء من الصلاة لا يمكن الاستغناء عنه أو تهميشه .
*هل كانت لكِ ترانيم بلغات أخرى بخلاف اللغة العربية ؟
رنمت بعدة لغات منها الانجليزية مثل ترنيمة you raise me up وهب موجودة في أخر البوم، وأيضًا رنمت باللغة الفرنسية، وأيضًا قدمت ترانيم باللهجة العراقية والأردنية والجزائرية، ولكن أهم ما في الموضوع إن الرسالة تصل للجميع أياً كانت اللغة.
*في وقت نياحة قداسة البابا شنودة سجلتي ترنيمة “اشتقنا ليك” فهل كان ذلك توقعًا للنياحة كما ظن البعض ؟
لم يكن توقع أبدًا، بل كان تسجيل هذه الترنيمة معجزة بكل المقاييس وبترتيب من الله فقد تم تسجيلها بين ليلة وضحاها علي غير المتبع في أسلوب تنفيذ ترانيمي والذي يستغرق مني عدة شهور في الترنيمة الواحدة ، فقد أراد الله أن يتم تنفيذ ترنيمة لتكريم هذا القديس المعاصر لوداع رحليه المهيب الذي هز قلوب ملايين البشر في أقاصي العالم، وجاءت هذه الترنيمة بمثابة تعزية من الله لقلوب الناس في ذلك الوقت.
*في ختام عام 2016 واستقبال عام جديد ما هي أمنياتك لهذا العام ؟
أتمنى أن جميع الناس يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون، ونتذكر دائما إن الوقت قريب جدًا، وان نحب بعضنا بعضا كما إن المسيح أحبنا ، ونقبل بعضنا البعض أياً كانت الفروقات أو الاختلافات بيننا ولكن نؤمن بأننا واحد، ونسعى كسفراء للمسيح وتلاميذ حقيقيون كما دعانا لنحقق غايته كأبناء نور في عالم مظلم مليء بحروب وصراعات تهدد من سلام البشرية.