بعد أن أصبح قرار الكنيسة واضح بإلزام المقبلين على الزواج باجتياز دورات الإعداد للزواج، وجد بعض الشباب أن هذا القرار في صالح الأسرة المسيحية ويحميها من مشكلات مستقبلية، و لكن من ناحية أخرى وجد بعض الشباب أن الدورات مضيعة للوقت والمجهود..وبين هذه الآراء وغيرها توضح الكنيسة أسبابها في الإلزام بالقرار وما الفائدة منه
المشورة لا تتعارض مع المواعيد والالتزامات
فى البداية قالت أوليفيا يسري ( 23 سنة ): أنا وخطيبي مايكل نعمل ولنا مواعيد ثابتة، لذلك كان خطيبي يستصعب بل ويرفض فكرة الدورات التدريبية قبل الزواج لكني اقنعته أن ذلك سيفهمنا جوانب عديدة سنحتاجها في حياتنا الزوجية وسيعلمنا واجباتنا تجاه بعض وتجاه أطفالنا في المستقبل، وبالفعل وافق خطيبي وسألنا عن أقرب كنيسة فقالوا لنا عن عدد من الكنائس بها ما يسمى “مركز للمشورة” وأنه يمكننا أن نختار الوقت المناسب بعيدا عن وقت العمل لاجتياز الدورة ، وأتوقع أننا سنستفيد منها كثيرا، وأنصح الشباب بالمشاركة فيها لأنها اكيد ستحد من المشاكل الأسرية مستقبلاً.
أما صفوت راغب( 34 سنة): فطالب بالتوضيح للناس لماذا دورات المقبلين على الزواج إجبارية ومدى أهميتها؟ فهي ليست مجرد مستند يضاف إلى أوراق المتقدمين للزواج، وأشار أيضا إلى أن كل محافظة تختلف بحسب عاداتها وتقاليدها، فلابد من شرح تلك الكورسات وما أهميتها بحسب الوعي وبما يتناسب مع كل محافظة أو إيبارشية.
صفوت راغب
كما رأت ايرينى رفعت (24 سنة ): أنه لو كانت الكورسات إجبارية الخطيبين سيضطرا الحضور، خاصة وأن الشباب مرتبطون بعملهم أكثر من الفتيات، مؤكدة على أن تكون الدورات ليست لمجرد استكمال أوراق الزواج، لكن أن يكون هناك اهتمام بها من جانب المحاضرين والشباب.
ومن ناحية أخرى، رأى بيشوى بشارة ( 28 سنة ): أن هذه الدورات معطلة للوقت خاصة في هذا الزمان الذي يلهث الخطاب وراء الإلتزامات المطلوبة منهم مثل البحث عن الشقة والجهاز وغيرها من التزامات الفرح..
بشوي بشارة وإيريني رفعت
أهمية الدراسة قبل التنفيذ
ووصف جرجس صفوت، باحث في الماجستير بمعهد الدراسات القبطية، أن الدورات التدريبية “فكرة عبقرية”، مطالبًا بتعميمها في جميع أنحاء مصر وليس فقط فى القاهرة وقال : إن الحياة تستلزم أن يتعلم الفرد كيفية القيام بعمل ما، قبل تنفيذه في الواقع.. وهو النظام المُتبع منذ القدم، فعلى سبيل المثال يجب على الفرد أن يدرس الهندسة قبل أن يُصبح مُهندسًا، وكذلك يجب على الفرد أن يحصل على دورات إعداد الخُدام قبل أن تأتمنه الكنيسة على التدريس في فصول التربية الكنسية، مؤكدًا أن المنازل التي تجمع زوجين قبطيين أرثوذكسيين تتعامل معهما الكنيسة الأم على أنهما كنائس صغيرة، يجب عليها ان تؤهلها وتدعمها روحيًا ودراسيًا حتى تصبح على درجة معينة من الكفاءة، تفاديًا لأي مشكلات من الممكن ان تنتج عقب إتمام الزيجة بعد ذلك، في إشارة إلى أن الكنيسة الأم هي التي تتحمل أعباء تلك المشكلات ومهمة البت في أمرها فيما بعد.
دراسة نفسية وروحية وجسدية
أما شيري عزت ( 21 سنة): فقالت أن الكنيسة لاتهتم بالنواحي الروحية فقط خلال الفترة التي يدرس فيها تلك الدورات والتي تسبق إتمام الزيجة، إنما تُلقي الضوء بشكل كبير جدًا على جانبين يعتبرا من أهم الجوانب التي تتحكم في حياة الزوجين فيما بعد وهما الجانب النفسي والجانب الجسدي.
وأشارت عزت إلى أن الجانب النفسي إن كان صحيحًا فسوف يتمكن الفرد من حل المشكلات التي تصادفه وتصادف أهل بيته – من شريك الحياة والأبناء، دون أن يقوم بافتعال الأزمات لـ”التنفيس” عن الضغط الذي يشعر به نتيجة من تراكمات يومية خلال العمل والاحتكاك مع الأخرين في الحياة، وأكدت أن عدد كبير من حالات الانفصال التي تتعرض لها المجالس الإكليريكية، جاءت نتيجة مشكلات نفسية وعدم تفاهم بين الزوجين وهو ما أطلقوه عليه فيما بعد “سبب استحالة العشرة”، فى حين لو أدرك الطرفان أهمية مواصفات شريك الحياة لن يوجد ما يُسمى فيما بعد “استحالة العشرة”، عملاً بتعاليم الكتاب المقدس “أن ما جمعه الله لا يفرقه انسان” .
جرجس صفوت وشيري عزت
كورسات توعية مبكرة
رامي رمزي
هذا وطرح رامي رمزي ( 30 سنة): أن تكون دورات المقبلين على الزواج مبكراً – أي في مرحلة ما قبل الإرتباط، بحيث يكتشف الشاب نفسه ويعرف قدراته ومسئولياته قبل الزواج بفترة كبيرة، فيقرر متى يرتبط، وكيف يرتبط بفتاة مناسبة لشخصيته ووضعه الاجتماعي وحالته المادية وغيرها.
كما طالب رمزى بأن تعمم الدورات على مستوى اجتماعات الشباب والخريجين بالكنائس بحيث يأخذ الشباب جرعات كافية ويكونوا مؤهلين للزواج تأهيلا جيدا، فلا ينحصر الشاب في مدة 3 شهور- فترة إعطاء الدورة التدريبية قبل الزواج – فتكون فرصة القرار ضعيفة .
لماذا تكون الكورسات إجبارية؟
القس جيروم عويضة
قال القس جيروم عويضة – كاهن كنيسة السيدة العذراء والأنبا موسى الأسود، ومدير المركز القبطي الأرثوذكسي للإرشاد الكنسي والمشورة بوسط القاهرة، أن كورسات المقبلين على الزواج كانت اختيارية لكن المجمع المقدس بالكنيسة أقر منذ حوالي عام أن تكون هذه الكورسات إلزامية، وفى شهر يوليو المقبل لن يكون هناك تصريحاً للزواج بدون اجتياز دورات المقبلين على الزواج، وسيكون بكل إيبارشية مركز للمشورة تعطى فيه هذه الدورات الإجبارية .
وأضاف القس جيروم، أن الكنيسة قامت بعمل أبحاث عديدة حول الأسر المسيحية ووجدت أن المشاكل الأسرية زادت كثيراً عن قبل، فباتت دورات قبل الزواج ملحة إلى أن أصبحت إلزامية للشباب المقبل على الزواج.
كماأن الكنيسة من خلال هذه الدورات تقوم بتوعية الشباب عن قرار الإرتباط في حد ذاته وتعرف الشباب بأن هناك أنماط من البشر مختلفة؛ وتركيبة الرجل والمرأة والسمات المختلفة بينهما ودور كل واحد وكيفية حل المشاجرات التي تحدث في الحياة بعد الإرتباط.. بالاضافة إلى العلاقات الجسدية ومفهومها العلمي والروحي، وأيضا الخلفية القانونية للخطوبة والزواج وأهمية التحاليل الطبية وغيرها من الموضوعات الهامة.. وبذلك تكون الكنيسة قد أعطت الشباب كل مايهمهم في هذا الأمر .
وعن عدم تقبل بعض الشباب للفكرة وإرتباطهم بمواعيد عمل والتزامات أخرى، قال القس جيروم عويضة أن قرار الزواج مصيري ويقتضي أن يتفرغ له الشاب والفتاة، فالكورس يتضمن 10 لقاءات فهل لا يستطيع الشاب أن يتفرغ لأجل بناء بيته بشكل صحيح؟ !!
وفيما يخص مدى تفاعل الشباب مع هذه الكورسات أكد مدير مركز الإرشاد الكنسي أيضا، أن هناك شباب انسحبوا وقرروا فسخ الخطوبة عن اقتناع عندما وجدوا أن ما يقال في المحاضرات يضعهم على أرض الواقع وان المسألة أعمق من مجرد مراسم خطوبة وزواج، وهناك من أكمل خطبته وهو متفهم جوانب ومسئوليات عديدة فى الحياة الزوجية .
خبرة الكنيسة الكاثوليكية
أما الكنيسة الكاثوليكية في مصر، فلها منظور آخر تجاه هذا الأمر.. أكد القس رفيق جريش مدير المكتب الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية، أن هناك قانون بالكنيسة الكاثوليكية صدر عام 1991 وتم تفعيله بالكنيسة الكاثوليكية في مصر عام 1997، وهو يلزم المقبلين على الزواج بحضور دورات تحضيرية قبل الزواج ويعمل بالقانون حتى الآن .
وأوضح القس جريش أن الكنيسة من خلال متخصصين تعطي مفهوماً للزواج والمسئولية وكيفية إدارة الخلافات بين الزوجين بحيث يصلا لحلول بدلا من الطريق المسدود.
كما أكد القس رفيق أن قضايا الأسرة بالكنيسة قلت تماما عن قبل بسبب الدورات التحضيرية للمقبلين على الزواج، وان كانت هناك مشكلات فيرجع الزوجين إلى مجموعة المدربين على الدورات وكورسات التحضير لما قبل الزواج للتدخل فى حل مشكلتهم ، نظرا للثقة التى بنيت بين الزوجين من ناحية ومجموعة المدربين من ناحية اخرى .
الكنيسة الإنجيلية لها وجهة نظر مختلفة
أم الكنيسة الإنجيلية فلها رأيها في هذا الأمر.. قال القس رفعت فكري – رئيس لجنة الحوار بمجمع القاهرة بالكنيسة الانجيلية، إن الكنيسة تقوم بعمل كورسات للمقبلين على الزواج لكنها لا تلزم بالحضور، موضحاً أن الكنيسة من خلال اجتماعاتها المختلفة تحث الشباب على الحضور والمشاركة فى هذه الكورسات للإعداد الجيد لحياة زوجية سعيدة.