الرئيس “السيسى” يُطالب بسرعة الإنتهار من التقسيم الإدارى لمحافظات مصر
التقسيم يترتب عليه انتقال مساحات من المحافظات الأم إلى محافظات جديدة
مشروع بالتعاون مع “الاستثمار والتعاون الدولى” لبناء مؤشر تنافسية المحافظات
“التقسيم الإدارى للمحافظات ” .. مفهوم تداول كثيراً فى السنوات الماضية خاصة من الأكاديمين والخبراء والمنادين بالتنمية المجتمعية الشاملة ، سواء تمهيداً للتحول إلى اللأمركزية والتى أهتم بها الدستور المصرى ، حيث نص الدستور فى مادته 176 على أن: “تكفل الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية، وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات الإدارية من توفير المرافق المحلية، والنهوض بها، وحسن إدارتها، ويحدد البرنامج الزمنى لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات الإدارة المحلية” ، ومن هذا المنطلق وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى مجلس الوزراء – خلال مؤتمر الشباب بالإسكندرية – إلى الإنتهاء من إقرار التقسيم الإدارى الجديد لحافظات مصر بما يشمله من ظهير صحراوى لمحافظات الصعيد وإمتداد حدودها حتى البحر الأحمر إلى جانب تعديل حدود باقى المحافظات.
فى البداية أكد الدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية أن الوزارة تعمل على ١٠ برامج لتنمية المحافظات المصرية منها مخطط الإسراع بالتنمية وترسيخ العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر في القرى , وأضاف: أن الوزارة تسعي إلى تحقيق حياة أفضل للمصريين وتحسين الخدمات الحكومية المقدمة لهم وتوفير أماكن نظيفة لهم. وأكد أن من ضمن أهداف الوزارة تنفيذ إدارة عصرية لإعداد قيادات المستقبل من خلال توفير قاعدة بيانات ومعلومات للاستفادة منها في عمليات التنمية، وكذلك عمل برنامج يبدأ من الأسبوع المقبل لتحويل القرية من مستهلكة لمنتجة وعمل مشروعات تخدم المجتمع، مشيرًا إلى أنه سيتم تنفيذ عدد من المشروعات مع وزارة الزراعة , وأشار إلى أن من ضمن أهدافه وضع برنامج المحافظات الخضراء، حيث وافقت اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء على مخطط عام لنهر النيل لاسترجاعه مرة ثانية لمصر بالتعاون مع وزارة الري، كما تم وضع برنامج لزراعة ١٠ مليون شجرة على مصارف الري تنفذ منها مليون شجرة خلال هذا العام وستكون أشجار منتجة , ولفت إلى التنمية لن تتحقق بدون المعلومات والبيانات.
بينما أوضح الدكتور هشام الهلباوى،مساعد وزير التنمية المحلية لدعم التنمية أن التقسيم الإدارى للمحافظات الذى تعمل فيه الوزارة يتم على أساس اقتصادى واجتماعى وليس عسكرياً أو سياسياً , وأضاف: أن الوزارة تعمل على الإنتهاء من التقسيم الإدارى للمحافظات، تمهيداً لعرضه على مجلس النواب فور انعقاده فى الدور الجديد , مشيراً الى أن هناك مقترحاً للتقسيم تم إعداده فى عهد اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية الأسبق، ثم توقف العمل على هذا الملف فى عهد الدكتور أحمد زكى بدر، الوزير السابق، والذى كان مقرراً أن تشارك فيه هيئة التخطيط العمرانى والجهات السيادية، عبر لجنة مشكلة، منذ أن كان المهندس إبراهيم محلب رئيسا للوزراء، مشيراً إلى أن دور وزارة التنمية المحلية رئيسى فى التقسيم، لأنه ليس تقسيماً جغرافياً، ولا عسكرياً، وإنما هو تقسيم اقتصادى واجتماعى وإدارى، والأساس فيه اقتصادى، وليس جغرافيا، كما أنه لا يتم بشكل عشوائى.
وذكر أن خريطة تقسيم المحافظات تتوافق مع الاتجاهات العالمية التي دفعت العديد من دول العالم في العقود الأخيرة إلى إعادة النظر في تقسيماتها الإدارية للتكيف مع الديمقراطية ومواجهة ظروف المنافسة، وان إعادة ترسيم الحدود وإعادة التقسيم الإدارى للمحافظات يترتب عليه انتقال مساحات جغرافية من المحافظات الأم إلى محافظات جديدة، وكذلك انتقال السكان، مما يسهم في زيادة معدلات التنمية بكل محافظة، وسيؤدي إلى نشر التنمية العمرانية في كل ربوع الجمهورية ويساهم في الخروج من الوادي الضيق إلى رحابة صحراء مصر بدلا من مساحة الـ5% التي يعيش فيها السكان حاليا حول نهر النيل ، حيث تسهم الخريطة الجديدة لمحافظات مصر في تنمية جميع المحافظات، وتفتح مجالات عديدة أخرى لتطبيق العدالة الإجتماعية، واستفادة جميع مواطنى مصر بموارد بلدهم على حد سواء، فهو مشروع طال انتظاره وحان وقت التنفيذ ضمن المخطط الإستراتيجى القومى للتنمية العمرانية، في ظل ميلاد جديد لمصر.
وأوضح “الهلباوى” أن الخريطة تعتمد على “التقسيم العرضي” للمحافظات بما يعزز ما سيقدمه مشروع تنمية محور قناة السويس الوطنى العملاق من طفرة اقتصادية للمصريين، حيث سيتيح لكل محافظة منفذًا بحريًّا وظهيرًا صحراويًا، بهدف استغلال المناطق التي تزخر بموارد طبيعية، فالبحر الأحمر كمجرى مائى يمكن استغلاله في إقامة الموانئ والأنشطة السياحية، والصحراء الشرقية في الصناعات التعدينية، أما الصحراء الغربية فيمكن استغلالها كمخزن للمياه الجوفية فأرضها صالحة للزراعة، وبالتالى تتحقق التنمية في تلك المناطق ، وأضاف: كما سيساعد مد بعض المحافظات لتصل إلى البحر الأحمر أو النيل في نقل سكان مصر من العيش على 5% من أراضي مصر لينتشروا في 45% مما يؤدي إلى زيادة في فرص العمل وزيادة في الإنتاج الزراعي والقضاء على أزمة السكن ويعمل على توسيع الحيز العمرانى للجمهورية ويخلق مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية واقتصادية متكاملة ويعمل على توزيع الثروات بين المحافظات بشكل يضمن جذب السكان للمحافظات المختلفة خاصة الجديدة بما يضمن التنوع الاقتصادى والاجتماعى، وبما يضمن زيادة المساحة المعمورة لمصر إلى 40% خلال الـ20 سنة القادمة.
التقسيم لأهداف تنموية
أوضح اللواء عبدالحميد الهجان محافظ قنا أن التقسيم الإدارى الجديد للمحافظات خطوة جيدة، وستؤدى إلى زيادة الاستثمارات والتنمية، بالإضافة إلى خروجها من الوادى الضيق، مشيراً إلى أن التقسيم الجديد يتضمن ضم الجزء الواقع ما بين مدينتى القصير ومرسى علم إلى محافظة قنا، حيث تم تفقدها منذ فترة لبيان كيفية استغلالها عقب الإنتهاء من التقسيم الجديد , وأوضح أن المنطقة الجديدة تتضمن اكتشافات أثرية جديدة، ما سيساهم في زيادة الرحلات السياحية إلى المناطق الأثرية، إضافة إلى زيادة الأنشطة السياحية، التي ستساهم في زيادة الدخل للمحافظة.
من جانبه أوضح اللواء الدكتور نبيل فؤاد أستاذ العلوم الإستراتيجية أن مُطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسى بسرعة الإنتهاء من تقسيم الإدارى للمحافظات ليست لها علاقة بالبُعد الأمنى ، مؤكداً أنها ذات ارتباط مباشر بالمحافظات وتوفير الظهير الصحرواى ، بما يخدم البُعد الاقتصادى والتنموى لمجمل المحافظات ، مؤضحاً أن مسالة إحكام السيطرة الأمنية على المنافذ والحدود المصرية شأن عسكرى فى المقام الأول ، وقد تتطابق الخطة الأمنية مع الخطط الموضوعة من قبل المحافظات الحدودية وقد لا تتطابق .
تنافسية المحافظات
من جانبها ترى الدكتورة أمينة غانم المدير التنفيذي للمجلس الوطني المصري للتنافسية أن مسألة التقسيم الإدارى للمحافظات الهدف منها فى الأساس هو العمل على تحسين عملية تقديم الخدمات المختلفة للمواطنين بالمحافظات المختلفة ، منوهاً أن الدستور ينص على التحول إلى اللامركزية فى غضون 5 سنوات ، وهذا التقسيم الإدارى للمحافظات قد يكون لتهيئة علمية التحول إلى اللامركزية .
وأشارت المدير التنفيذي للمجلس الوطني المصري للتنافسية إلى وجود مشروع بالتعاون مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولى لبناء مؤشر لتنافسية المحافظات ، يقوم على تجميع قاعدة معلوماتية للوقف على المؤشرات والأرقام المتعلقة بالبطالة والتضخم .. وغيرها من المؤشرات على مستوى المحافظات ، بهدف تحديد الفجوات التنموية بين الحافظات وبعضها ، وأضافت : كما يهدف هذا المؤشر إلى تقدير الموارد سواء الطبيعية أو البشرية للمحافظات المختلفة ، فمثلاً محافظة البحر الأحمر هلى محافظة سياحية من الطراز الأول لكنها بها الكثير من الفرص فى المجالات الأخرى ، كذلك محافظة الأقصر رغم أنها أصغر المحافظات من حيث المساحة ، وأكدت الدكتورة أمينة غانم أن محافظات مصر غنية بالموارد والأنشطة الاقتصادية المختلفة ، مما يجعل هناك تنوع بين الأنشطة سواء الزراعية أو السياحية أو التجارية أو الصناعية أو حتى الخدمية ، منوهة أن محافظات غنية بأكثر من نشاط اقتصادى فى آن واحد ومازال بها الفرص التى لم تستغل بعد .
وأوضحت الدكتورة أمينة غانم أن الخطة القومية للطرق لدينا فى مصر تزيد من تحسن ترابط المحافظات ببعضها البعض ، وهنام مناطق مثل قناة السويس تتمتاز بوفرة الخدمات البحرية والتى بدورها تفيد المحافظات المجاورة منها ، منوهاً إلى أهمية التركيز على رفع قدارات السكك الحديدة فى الفترة القادمة لما لها من ميزات تنافسية مقارنة بالنقل البرى ، وكما ترى دكتورة أمينة أن توافر مؤشرات دقيقة حول تنافسية المحافظات يجعل هناك رؤية واضحة لمدى احتياج محافظة بعينها للدعم أو لضخ استثمارات فى مجالات معينة وبما يُساعد متخذى القرار على تحديد الأولويات بما يعود بالتنمية على كافة المحافظات .
الظهير الصحراوى للصعيد
أما فيما يتعلق بمناقشة مشروع التقسيم الادارى فى مجلس النواب أكد المهندس أحمد السجينى رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب على ضرورة الإنتهاء من إقرار التقسيم الإدارى الجديد بما يشمله من ظهير صحراوى لمحافظات الصعيد وامتداد حدودها حتى البحر الأحمر إلى جانب تعديل حدود باقى المحافظات ، مؤكدا أنها خطوة جيدة تتسق مع رؤية اللجنة ودعوتها أكثر من مرة للانتهاء من هذا التقسيم , وقال: إن إعادة التقسيم الإدارى والجغرافى للمحافظات، يدل على الاتساق فى الرؤى والمخططات والأولويات بين المسئول التنفيذى الأول وهو رئيس الجمهورية وبين البرلمان ممثلا فى لجنة الإدارة المحلية فيما يخص تلك الملفات المطروحة , وأضاف: تم الانتهاء من التقسيمات الجغرافية والإدارية للمحافظات وذلك قبل إجراء انتخابات المجالس المحلية، مما يؤكد اتساق الرؤى فى القضايا الوطنية المختلفة، وسوف يكون هناك تواصل بين البرلمان والحكومة لرسم المعايير والأطر التى يكون من خلالها هذا التقسيم فعالا ومحققا للغرض الذى من أجله يتم استصدار القرار.
بينما أكد محمد عطية الفيومي عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب أن التقسيم الإداري للمحافظات ضرورة وقضية تنموية تأخرت كثيرًا، منوهًا إلى أنه لاينبغي إجراء انتخابات المحليات إلا بعد إعادة ترسيم المحافظات مرة أخرى ، وأضاف “الفيومى”: أن التقسيم الإدارى الحالى للمحافظات والموجود منذ مئات السنين هو تقسيم طولى، مشيرا الى ان مقترح التقسيم الجديد يعتمد على التقسيم العرضي، بحيث يتم توصيل نهر النيل بالبحر الأحمر وهذا بالنسبة لمحافظات الصعيد , موضحا أن مصر عبر آلاف السنين تم تقسيمها طوليًا على امتداد نهر النيل، مما جعل النشاط السكاني محدود جدًا ومرتبط بمياة النيل ولا يتوسع، مشددًا على أن إعادة ترسيم المحافظات يزيد من مساحات الأراضي بما فيها من ثروات طبيعية تخلق تنمية من نوع مختلف , كماأوضح أن مقترح التقسيم الإداري الجديد للمحافظات كان ضمن البرنامج الانتخابى للرئيس السيسى ، وهناك أصحاب مصالح كانوا وراء تعطيل خروج هذا المقترح للنور , مشيراإلى أن مقترح التقسيم الإدارى الجديد سيخرجنا من القوالب التقليدية، وسيعطى فرصة لوجود مساحات كبيرة للظهير الصحراوى ، الأمر الذى سيؤدى إلى إقامة مشروعات زراعية وصناعية.
إبداء فلسفة وهدف التقسيم
ومن جانبه أكد همام العادلى، نائب دائرة المراغة بمحافظة سوهاج، إن هناك ضرورة للحوار مع المواطنين فى المحافظات التى من المحتمل أن يضم جزء منها لمحافظات أخرى مجاورة فى التقسيم الجديد، وذلك لأنه وارد حدوث اعتراضات على التقسيم مثلما حدث فى عام 2015 من بعض مدن محافظتى البحر الأحمر وقنا، ولذلك على الحكومة أن تشرح للناس فلسفة وهدف التقسيم , وأضاف: أن الهدف من التقسيم العرضى لمحافظات مصر أن يكون للمحافظاتالصعيد ظهير صحراوى وتكون لها واجهة على البحرالأحمر، مما يفتح المجال للتنمية والاستثمارات فى هذه المحافظات التى يعيقها حاليا الشريط الضيق وعدم وجود ظهيرصحراوى لها.
تداخل الحدود
وقال المهندس مصطفى عباس، السكرتيرالعام المساعد لمحافظة القليوبية: إن التقسيم الإدارى للمحافظات من شأنها أن تعطى للمحافظة حقها في حدودها مع باقى المحافظات، مشيراً إلى أن حدود القليوبية متداخلة مع كثير من المحافظات، ومنها القاهرة، التي تتداخل معها في مدينة العبور، مطالبا بأن يكون التقسيم الإدارى الجديد منصفا للمحافظة، وأن تُضم العبور إليها، حيث إنها تخضع لها إداريا فقط، ولا نستطيع أن نتحكم في متر واحد منها، رغم أن بها قسم شرطة تابعا لمديرية أمن القليوبية , موضحا أن التقسيم الجديد سيضم لنا مساحات متداخلة بصحراء بلبيس بيننا وبين الشرقية، مشيرا إلى أن القليوبية ليس بها ظهير صحراوى.
كما قال محمد سدوالمتحدث الرسمى باسم قبائل حلايب وشلاتين: إن إقامة محافظة جديدة بجنوب البحرالأحمر من أهم مطالب أبناء الجنوب، لبعد الخدمات الأساسية واستحواذ المدن الشمالية عليها ، وطالب الرئيس بتنفيذ مطلب أبناء حلايب وشلاتين بإنشاء محافظة جنوب البحرالأحمر، للإسراع بتنمية نحو 600 كيلومتر من ساحل البحرالأحمر من القصير حتى الحدود المصرية السودانية.
الجدير بالذكر أن الهدف أن الهدف من “التقسيم الإدارى للمحافظات” أن يكون لكل محافظة أو مجتمع موارد أو مناطق اقتصادية تفتح لها مميزات اقتصادية أكثر تستطيع من خلالها الإعتماد على نفسها وتنمية مواردها ذاتيا ، وكانت الهيئة العامة للتخطيط العمراني قد اقترحت فى السابق إضافة خمس محافظات جديدة : العلمين ووسط سيناء ، وكذلك حلوان، والعاشر من رمضان ووادي النطرون، وتقدمت الهيئة بمبررات إعادة النظر فى ترسيم الحدود الإداري الحالي، تشمل الإبقاء على الحدود الإدارية الحالية للمحافظات , حيث يساعد استمرار سوء توزيع الموارد والثروات الطبيعية، وعدم إتاحة ظهير صحراوي قابل للتنمية لمحافظات شمال ووسط الصعيد وانفراد محافظة البحر الأحمر بكامل واجهة البحر الاحمر والجزء الأكبر من خليج السويس الى تباطؤ نمو هذه المنطقة الواعدة , وانتقدت هيئة التخطيط العمرانى عدم التوازن بين المساحات وتوزيع السكان في محافظات الوادي الجديد والبحر الأحمر ومطروح، وعدم وجود منافذ بحرية لأقاليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد وأسيوط وحددت الهيئة أسس ومعايير الترسيم في التقسيم العرضى للمحافظات ومنها ضرورة “تنوع المزايا المختلفة بكل محافظة والموارد الاقتصادية ومقومات التنمية، والتوسع العرضى فى المناطق الصحراوية واستحداث محافظات تخدم تنميتها، واحترام التقسيم الإداري الحالي فى المعمور القائم للمحافظات.