من كان أولى الناس بتدوين حياة الرب يسوع – اى الانجيل- ؟
من كان أولى المسيحيين بحضور اول اجتماع بعد صعود الرب يسوع لتدبير شؤون الكنيسة ؟
من هو احرص على الكنيسة في مهدها و هي كالنبتة الصغيرة تنمو و تترعرع ؟
كيف لم نسمع لها رأيا فى اختيار متياس الرسول بدلا من يهوذا و لا فى اختيار الشمامسة السبعة ؟
انها الوديعة البسيطة الطاهرة القديسة مريم التى في انكارها لذاتها كانت كالنسمة الرقيقة باتضاعها “نظر الى اتضاع امته” (لو ٤٨ : ١). كان يمكن لهاان تترأس كل القرارات لا تعبر كبيرة و لا صغيرة بدون رأيها و لكن على عكسذلك تماما كان هدؤها و صمتها ابلغ من كل الكارزين بكل العصور، فأجلها الرسل كأم حنونة ، كايقونة رائعة لانكار الذات أحبها التلاميذ بل و الكنيسة كلها على مر الاجيال لدرجة انها لما تنيحت و عرفوا من القديس توما امر صعود جسدها الى السماء فمن فرط محبتهم لها صاموا الى ان ظهرت لهم و قد اخذنا عنهم هذا الصوم متشفعين بها لتساندنا فى طريق غربتنا.
بل و الاهم من هذا أنه على قدر إنكارها العجيب لذاتها على قدر ما حازت مكانتها العالية و الغالية على قلب الله هو الذى جعلها محبوبة جدا لدى الله و على قدر كثرة اتضاعها على قدر ما تكرمت من السماء “من يضع نفسه يرتفع” (لو ١١: ١٤) فصارت هى اقرب واحدة للرب يسوع و لقلبه و الشخصية الوحيدة التى اوصى بها و هو على الصليب يا يوحنا هذه امك.
ان اصطلاح انكار الذات هو ما نصفها به نحن، اما بالنسبة لها فهى لم تشعرأصلا بذاتها “هوذا انا أمة الرب” (لو ٣٨ :١).
لدرجة أنها بعد البشارة نسيت نفسها، و كل ما سيطر على فكرها فى تلك الساعةهو من سيخدم هذه الشيخة المسنة اليصابات و خصوصا انها فى نهايات حملها “فقامت مريم فى تلك الايام و ذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا” ( لو ٣٩ : ١ ) قامت مسرعة و ذهبت فى طريق طويل فى الجبال و هى حبلى وحيدة و ليسمعها مرافق و دون ان يأمرها أحد و لم تفكر فى وعورة الطريق و لا خطورته .
واضح ان تلك التى فعلت هذا لا يمكن ان تكون إلا انسانة قد تدربت حقا فى طريق الاتضاع و تدبيره السرى بينها و بين الله “اختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم” (نش ١٢ : ٤).
اشفعى فينا لنتعلم و نعيش إنكار الذات فى حياتنا و فى خدمتنا ان جازت تسميتها خدمة.