من كنيسة الأنبا أنطونيوس بزهراء المعادى، بدأت النهضة الروحية التى تحتفل بتذكار نياحة قديسها وشفيعها، وأب رهبان العالم، حيث حضر نيافة الأنبا دانيال أسقف المعادى، ونيافة الأنبا دوماديوس أسقف مدينة 6 أكتوبر وأوسيم.
كما قام كورال كرمال الصليب التابع لكنيسة الشهيد مارجرجس بحدائق المعادى، بإلقاء باقة من الترانيم الروحية.
وبعد الكورال، ألقى نيافة الأنبا دوماديوس العظة، حيث تحدث نيافته عن البصيرة الروحية، حيث قال: إنها تعنى الادراك و الفطنة وانفتاح عين القلب و سعه الادراك، حيث يمكن من خلالها أن نرى أموراً لا تراها العين البشرية، وكذلك إدراك اشياء تفوق العقل.
وأوضح نيافته الفرق بين البصيرة الروحية والبصيرة الجسدية، فالبصيرة الجسدية يشترك فيها كل المخلوقات أما البصيرة الروحية فهى عين القلب الداخلية، فنحن نقول فى القداس الإلهى: “انر يارب عيون قلوبنا وافهامنا”، ويقصد بالعيون هنا (عين القلب الروحية)، وايضا فى اوشية الانجيل يقال: “أما أنتم فطوبى لعيونكم لأنها تبصر ولآذانكم لأنها تسمع”، فالعين هنا ترى وتدرك ما يفوق العقل وتعرف الله.
ونوه نيافة الأنبا دوماديوس إلى أقوال الآباء التى تتحدث عن “البصيرة الروحية”، حيث أشار إلى قول الأنبا انطونويوس إلى القديس ديدموس الضرير، حيث قال: “لا تحزن إن كنت قد حرمت من حاسة البصر، فهذه التى يشترك فيها الحيوان مع الإنسان، فقد وهبك الله البصيرة الروحية التى يفتقرها كثير من الناس”. وأيضاً أشار إلى قول القديس باسيليوس الكبير “الروح القدس هو مصدر القداسة والنور العقلى ،الذي يهب لكل الخليقة، الاستنارة لفهم كل شئ”، فالإنسان المسيحى لديه تلك الاستنارة لانه نالها فى المعمودية.
كما شدد نيافته على أنه كلما قل مقدار الالتصاق بالخطية، تكون بصيرتك الروحية غير مظلمة، لذلك واظب على حياة التوبة وحاسب نفسك على كل خطية تبعدك عن الله، واعطى وعد لنفسك، ومارس سر الاعتراف مهما كانت الخطية ثقيلة او مر عليها فترة من الزمن، كى تستريح، فيجب أن تكون التوبة، يومية وليست توبة موسمية أو ثانوية، لأن التوبة هى عمل يومى، وهى ليست للخطاة فقط بل للكل، حيث يقول الكتاب: “لأن الجميع زاغوا وفسدوا ولكن اعوزهم مجد الله”. فكلما تقدم توبة صادقة، ترى امور كنت لا تدركها عن الله.
واستطرد الأنبا دوماديوس: البصيرة الروحية تكون قوية عندما يكون هناك نقاوة فى الجو الروحى، كما نقاوة الجو، حيث عندما يكون هناك شبورة لا ترى أمامك، هكذا أيضاً بصيرتك الروحية، وكلما اقتربت من القديسين تستنير بصيرتك الروحية.
كما أشار نيافته إلى عدة أمور تجعلنا نمتلك البصيرة الروحية، منها:
· الصلاة، ففى الصلاة تتصل بالله مصدر النور الحقيقي “انا هو نور العالم”، وتستنير عيون قلبك الداخلية بالصلاة، وايضاً يحترق من قلبك كل امور شريرة فتستنير عيون قلبك.
· الكتاب المقدس، فهو “مصباح لرجلى كلامك ونور لسبيلى” فكلمات الله مضيئة تنير العيون من بعد، وكلام الله ينير للإنسان الطريق.
· التقرب من الروح القدس، من خلال أسرار الكنيسة السبعة، فالروح القدس يلهب قلب الإنسان وينيره، وكذلك الممارسات الروحية كالصوم والصلاة والصدقة… كل هذه الأمور تشعل فتيل البصيرة الروحية لدى الإنسان.
· البعد عن محبة المال وشهوات الجسد، فقد أوضح نيافته أن تلك الأمور تعمى عيون القلب، وتطفئ الروح القدس الذى بداخل الإنسان.
وأنهى نيافة الأنبا دوماديوس أن الإنسان الذى يتملك البصيرة الروحية، يتميز بسمات عديدة، نذكر منها:
1- الحكم والافراز، فالافراز هو التمييز بين الجيد والردئ، بين الخير والشر، بين صوت الله وصوت الشيطان، بين الراعى الصالح والراعى السارق، وبين طريق المسيح وطريق العالم، فيقول الكتاب: “أنا هو الطريق والحق والحياة”، ويقول أيضاً: ” وأما انتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ”