البابا تواضروس: المسيحية عمود من أعمدة مصر
-الكشافة وسيلة الحماية داخل الكنائس
– الاٍرهاب كالمرض يصاب به المجتمع ثم يزول
أقيم مساء أمس المؤتمر الصحفي لصاحب الغبطة والقداسة البابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية في فندق شيراتون الكويت، بحضور عدد كبير من الصحفيين والاعلاميين من كافة وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة، ووكالات الأنباء المختلفة بالاضافة الي تواجد أساتذة من جامعة الكويت، وشهد المؤتمر تواجد أمني كبير حرصا علي سلامة البابا ومن معه، وبدأ البابا كلمته بعد تقديم الانباء أنطونيوس أسقف الكرسي الأورشليمي.
“محبة الكويت ومجلة العربي”
قال البابا تواضروس إن محبته للجغرافية دفعته أن يطلع ويعرف الكويت عن قرب من خلال مجلة العربي، وهي من إحدى الدوريات الرائدة في الوطن العربي، حيث كان اتابعها في سن مبكر واقرأها بتعمق وكنت اذاكرها خاصة في بعض الاستطلاعات والأبحاث، ومكثت فترة طويلة أتابع سلسلة عالم المعرفة وعالم الفكر والتراث الثقافي الذي كانت تطرحة هذه الثلاثة للناطقين باللغة العربية على مستوى العالم.
قدم بعد ذلك البابا كل الشكر الي الكويت وصاحب السمو على ترحيبه وعلى إنسانيته وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الامة وكل المسؤولين الذين التقيهم.
“الأسئلة من الصحفيين”
بدأ الصحفييين في طرح اسئلتهم على قداسته
س: كيف ترى الأوضاع في مصر خاصة محاولات الإرهاب التي تسعى الى تفكيك النسيج المصري؟
البابا : الانسان في الوضع الطبيعي يكون صحيحا وسليما، ولكن تأتي عليه فترات من المرض وقد يمتد ولكن الأساس هو الصحة والاستثناء هو المرض وما نراه حاليا في مصر هو الاستثناء ولن يدوم، والطبيعة المصرية تشهد بذلك بتاريخها الطويل وثبت بان مثل هذا العنف لن يستمر ولن تتقبله الطبيعة المصرية، بنسيجها الوطني مسيحين ومسلمين لذلك ما يحدث حاليا هو صورة استثنائية ستزول قريبا متى ما شاء الله .
وجه سؤال أخر لقداسته: فيما يتعلق بما يقال عن إعداد منهج للمواطنة في مصر يقوم على مبادئ المحبة والتسامح والمواطنة حسب ما أعلن انه نتاج تعاون بين وزارة الأوقاف وقداستكم ؟
قال البابا تواضروس هناك منهج أهتمت به وزارة التربية والتعليم المصرية، وهو خاص بالمواطنة والأخلاق ويضم في بعض فصولة أمور تتعلق بالإسلام وأخرى بالمسيحية وقد شاركت في هذا المنهج وهو أحدى الوسائل التي يمكن ان تواجه الفكر المتطرف الذي تتأثر به حاليا وارجوا أن يأخذ مجاله على أرض الواقع من التطبيق، واضاف انه زار مركز “جابر الأحمد الثقافي” واطلع على الأنشطة الثقافية التي يقدمها وهى تتشابه بالانشطة التي نقدمها في الكنيسة من خلال أسقفية الشباب ونتمنى ان يكون هناك تعاون ثقافي متبادل بين البلدين بما يصب في مصلحة الأجيال الحالية والمستقبلية.
وردا على سؤال حو ل اذ ما كانت هناك ضرورة لتجديد الخطاب الأخلاقي بالتنسيق ما بين الازهر والكنيسة اسوة بتجديد الخطاب الديني، قال البابا إن الاخلاق لا تتجدد وانما يوجد أهتمام بالاخلاق والمبادئ الإنسانية وهو ما يحاول الازهر ان يوجده ،وأكد أن التعليم الكنسي له دوره لذلك فان ما يقال في الكويت يقال في كل دولة في العالم، لذا يمكن القول ان هناك نوع من الثبات في الخطاب الديني المسيحي ويوجد هناك بيت العائلة، وهي مؤسسة نحاول من خلالها الوصول الى المناهج الوسطية الني نحمي بها الشباب من الأفكار المتطرفة.
” زيارة بابا الفاتيكان”
وفيما يتعلق باستقبال بابا الفاتيكان والاستعدادات لذلك ومخزى وأسباب الزيارة قال: إن مصر تستعد لاستقبال قداسة البابا فرنسيس وقد قمت بزيارته بعد تجلسي ب 3 شهور، كما أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي زار الفاتيكان وقدم دعوة للبابا وبالتالي فالزيارة تلبية لهذه الدعوة وهي زيارة مكثفة تحت شعار “بابا السلام يزور مصر السلام” ،كما ان البابا فرنسيس أصدر مؤخرا رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيها معاني طيبة نحو مصر وأهلها.
مشيرا الى أن الباب فرنسيس له مكانة رفيعة دوليا، ويتكلم دائما عن السلام وزرع السلام كما هو معرف ان منطقة الشرق الأوسط فيها بعض الصراعات والإرهاب، وحرصة وتأكيده على زيارة مصر رغم ما حدث مؤخرا من أعمال إرهابية هو شهادة لمصر وشعبها.
أشار البابا بعد ذلك إن الحوادث التي تحدث لا يقصد بها الأقباط في مصر وإنما ” قلب ” مصر وضرب وحدتها، والحوادث الإرهابية لم توجه إلى أقباط مصر أيضا وإنما استهدف الجيش والشرطة والقضاء والمؤسسات إلا انه لن تؤثر فيها وان كنا نتألم وننزعج
” الكشافة والجهات الأمنية ودورها”
سألت جريدة وطني عن الإجراءات الأمنية التي ستقوم بها الكنائس لحماية الشعب بعد الأحداث الإرهابية الاخيرة، فأجاب البابا أن الكشافة داخل الكنائس من مسئولياتهم تنظيم الشعب وحمايته، أما فيما يتعلق إذا ما كانت المؤسسات الأمنية تتحمل أي قصور قال أنها تقوم بدورها كاملا ولا يوجد اي تقصير، مؤكد ان الوحدة المصرية مستمرة منذ 14 قرن وليست حديثة العهد
بخصوص إذا كان مسيحيوا الشرق الأوسط يدفعون فاتورة التغيرات السياسية مثلما يحدث في العراق وسوريا وغيرها والى جانب ما يحدث في مصر من تهجير للاقباط ، قال مصر بلد كبير ولها تاريخ غني وحضارة راسخة وان ما حدث في سيناء ليس تهجيرا، وانما إنتقال من منطقة يوجد بها خطر الى منطقة أخرى أمنه لحين زوال هذا الخطر، مثلما حدث اثناء الحرب مع سكان مدن القناة ،وهذا لا يقارن بما يحدث في العراق او سوريا، لافتا الى أن مصر بها أكثر من 5 الاف قرية وما يحدث في قرية واحدة لا تعتبر تعميم، وانما حالات فردية او استثنائية، مشيرا الى أن الاعلام في كثير من الأحيان يضخم الأمور .
“تراجع دور الاسرة والارهاب”
وعن أسباب تنامي الإرهاب وإذ ما كانت المؤسسة المعنية هي المقصرة ام انه تراجع لدور الاسرة خاصة انه يتستر بالدين ، قال ان أي انسان يتشكل فكريا من 5 مصادر هي “الاسرة والمدرسة والمؤسسة الدينية والأصدقاء وأخيرا الاعلام” بالترتيب ولكن ما يحدث حاليا هو قلب المعادلة، الانسان يتأثر حاليا “بالاعلام أولا ثم الأصدقاء ووالمؤسسة الدينية والمدرسة وأخيرا الاسرة” وبالتالي فان تراجع دور الاسرة أدي الى تنامي العنف فاي إرهابي له أب وام ونشأ في مدرسة وتردد على مسجد أو كنيسة وبالتالي تأثر بكل ذلك وشكل شخصيته، لذلك فان الإصلاح العام يتوقف على إصلاح جميع هذه المؤسسات حتى نخرج بالنتيجة المطلوبة.
فيما يخص عمل الكنيسة في السياسة ولا سيما يوم 30 يونيو، أكد البابا أن الكنيسة لا تعمل بالسياسة وان ما حدث يوم 30 يونيو هو ثورة شعب، والاقباط جزء من الشعب المصري ومن حقه المشاركة وابداء الرأي، كما شبه مصر بالمعبد القائم على عدة أعمدة لا يمكن الاستغناء عن عمود منها والا إنهار المعبد والكنيسة والازهر والجيش والقضاء وغيرها أعمدة هذا المعبد، مؤكدا ان الكنيسة وطنية منذ ان أسسها القديس مارمرقس منتصف القرن الأول الميلادي وحتى الان والى المنتهى.
. انطباعته حول دولة الكويت
وحول انطباعه عن دولة الكويت خلال هذه الزيارة قال: لاحظت الطبية والإنسانية والاهتمام بالثقافة، ولمست مدى الدقة في التحدث وهذا اكثر من رائع، إضافة الى التسامح وقبول الاخر بدليل أن الكويت تحتضن اكثر من 100 جنسية وهذا يساهم في التنوع الفكري ونبذ التطرف.
تطرق الحديث عن علاقته بشيخ الازهر وقال قداسته: إن شيخ الازهر أتصل بي بعد حادثة الكنيستين بساعة، وأعرب عن حزنه ومواساته الا أن الكنيسة لم تستقبل مهنئين او معزين بعد العيد واكتفت بزيارة المصابين.
” تهجير المسيحين ”
وعن تهجير المسيحين في الدول العربية وعدم قبول بعض الطبقات الشعبية للمسيحين وعدم تقبلهم، قال البابا: هذه المنطقة نشأت عليها الأديان واراد الله أن توجد في هذه المنطقة لنوع من الثراء والغنى لذلك لا يمكن أن نتخيل منطقة الشرق الأوسط بدون المسيحيين فهذا فيه خطورة شديدة حتى على الوجود الإسلامي ولابد ان نكون واعين لهذا الخطر، فالوجود الإسلامي يسند الوجود المسيحي والعكس ، فالوجود المسيحي له جذور متأصلة في كل الدول العربية والمسيحية ليست وافدة في الشرق الأوسط حتى في جزيرة فيلكا وجدوا ثار لكنائس قديمة، مضيفا أن ذلك ليس مسئولية الكنيسة وإنما مسئولية الدول فلابد أن تحوي كل كتاب مقدس كما تحوى القران الكريم.
أكد أن النازحين من سيناء قدمت لهم الدولة كل الخدمات الصحية والتعليمية والسكنية لحين انتهاء هذه الازمة.
و في سؤال عن رد الكنيسة عن مهاجمة القس مرقس عزيز في أمريكا ،أوضح أن الكنيسة قامت باقاف هذا القس ولم يعد علة قوة الكنيسة.
ردا عن سؤال حول الرسالة التي يوجهها قداسته الى من يحاولون ربط الإرهاب بالدين الإسلامي قال: ءن هؤلاء يعلنون انهم يتبعون الإسلام بفهمهم الخاطي وهم يشوهون صورة الإسلام ، لابد أن يكون هناك وقفة لهذا التشهويه للاسلام، وهذه مسوؤلية المؤسسات الإسلامية لتصحيح هذه الصورة فاثر هذه الأفعال تطال كل المجتمع وليس الاقباط فقط، كما ينبغي أن تجتمع الدول وتضع حلول جريئة لمواجهة هذا الإرهاب حتى لا يرتبط الإسلام بالإرهاب، رغم أن الحقيقة والواقع اننا نتعايش معا في سلام بعيدا عن هؤلاء.
حول تفجيزات يوم أحد السعف قال قداسته: إن كل المسئولين الذين زرتهم في الكويت بدون استثناء قدموا لي واجب العزاء في شهداء الحادث الإرهاب الذي طال كنيستين خلال احتفالات العيد.
وجه لقداسته سؤال عن شعورة وفيما كان يفكر حين سمع خبر تفجير كنيسة مارجرجسطنطا وقت ترأسة الصلاة في الكنيسة المرقسية، فقال أننا كنا بدأنا ما يسمى بصلاة الجناز خلعت السترة الملونة، وشعرت حينها بحزن والم شديد وتوجهت الى الصلاة لله.
عن تعليم الجيل الجديد قال لابد أن نستخدم نفس أسلوبهم حتى نصل اليهم ونبتعد عن الأساليب واللغة القديمة، لاسيما انهم يعانون تسائلات عنيفة حول الالحاد مع ظهور العديد من المشاكل الاسرية.
” ترميم الكنائس وقانون بناء الكنائس”
قال قداسته عن ترميم الكنائس إن الدولة أوفت بوعود بترميم الكنائس، بل أكثر من ذلك وسمحت بإقامة كنائس جديدة منوها بقانون بناء الكنائس،منذ اكثر من 160 عاما، مشيرا الى هذا القانون بحد ذاته يعد انجاز كبير.
في سؤال حول قراءته لمستقبل الوطن العربي أشار ان تسمية الربيع العربي كانت تسمية كاذبة وكان الهدف أن تعم الفوضى المنطقة العربية، ولكن الله أنقذ مصر عام 2013 ، ولكنها طالت العراق وسوريا واليمن وليبيا ولكن مصر هي التي تستطيع المساهمة في إنقاذ هذه الدول وهذا يعطينا رجاء في المستقبل.
مؤكدآ أن الأمور سوف تعود الى طبيعتها فالحياة دائما تغلب الموت، متمنيآ ان من بيدهم الأرض لا يرضون بأنتكون بلادنا بهذه الصورة.