حول اللائحة الجديدة و المجالس الإكليريكية الإقليمية الجديدة ومدى دورها فى المرحلة الحالية ومتى سيتم تطبيق اللائحة الجديدة المقدمة من الانبا بولا للبابا تواضروس الثانى ؟. كل هذه التساؤلات يجاب عنها فى هذا التحقيق :
تعديل اللائحة سينتظر مجلس الشعب
فى البداية يقول القمص سرجيوس سرجيوس، وكيل عام بطريركية الأقباط الأرثوذكسية، أن المجالس الإكليريكية الإقليمية الجديدة بدأت عملها ولكن تعديل اللائحة وقانون الاحوال الشخصية للمسيحيين سينتظر مجلس الشعب القادم ، وأن كانت لائحة 38 كان يوجد بها 9 بنود للتطليق ولكن بعد تعديل 2008 لم يتم التطليق الا بسبب علة الزنا فقد كان له اسبابه حينها حيث جاء التعديل بعد حكم المحكمة بالزام البابا شنودة الثالث بالزواج الثانى .
وفيما يخص هل سيعالج المجلس الجديد الفترات الطويلة التى ينظر بها القضايا دون حل ، أكد القمص سرجيوس أن المجلس الاكليريكى يحكم فى القضايا التى امامه وان كان يدرس الاول امكانية الصلح بينهم واذا تم التصالح لغيت القضية واذا لم يتم يطلب حكم المحكمة لاجل التطليق وكل طبقاً للقانون واللائحة .
تعاليم الكنيسة والقانون
ويقول القمص بولس عبدالمسيح عضو المجلس الإكليريكي للأحوال الشخصية أن المجلس الاكليريكى الجديد أو قانون الأحوال الشخصية الجديد فى يد البابا تواضروس الثانى الآن ، ولا يسمح أخذ الاراء فيه لان قانون الاحوال الشخصية أو اللائحة الجديدة تأتى طبقاً لأمرين الأول كنسى والثانى قانونى ، اما هل سيعمل البابا فى اللائحة الجديدة على تحقيق مطالب الأقباط ، أكد نيافته أن البابا قام الان بأختيار مجلس جديد وتوزيع جديد للمجالس فى الايبراشيات ، وتدريبهم لحين اصدار القانون أو اللائحة الجديدة التى سيعملون طبقاً لها ، مؤكداً ان البابا سيعمل على معالجة سلبيات اللائحة القديمة ولكن ليس بما يخالف تعاليم الكنيسة ، موضحاً ان بعض الاقباط الذين يطالبوا بحق التطليق أو الزواج هم فى الاساس ليس لهم حق طبقاً للتعاليم الكنسية ، وقد عانينا مسبقاً من هؤلاء والشائعات التى يطلقونها للصحف .
وأوضح انه منذ الخط الهاميونى وكانت الكنيسة ممثلة فى المجالس الملية وهى المسئولة عن كل ما يخص الاقباط من ارث وزواج والطلاق والنسب ، حتى تطورت القوانين وبدأت تتقلص اختصاصات المجلس ولم يتبقى له سوى موضوعات الخطبة والزواج والانفصال ، لذا يجب لخروج لائحة جديدة أن تدرس جيداً من قبل البابا والمجلس الاكليريكى وعلى أساس ذلك يحسب امكانية حل مشاكل هؤلاء طبقا لتعاليم الكنيسة وقوانين الدولة .
صراع الدولة والكنيسة في احوالها
ويقول المستشار كمال شوقى الاستاذ بمعهد الرعاية والتربية بالكاتدرائية المرقسية : ظلت المجالس الملية للأقباط الارثوزكس مختصة بمنازعات الأحوال الشخصية وتجرى من شأنها احكام قانون الملة حتى ديسمبر 1955 ، فقد صدر القانون رقم 462 لسنة 1955 المعمول بأحكامه ابتداءً من اول يناير 1956 والذى قضى فى مادته الاولى بالغاء المجالس الملية واحالة الدعاوى المرفوعة لغاية 30 ديسمبر من نفس العام الى المحاكم المدنية ، وبصدور هذا القانون والمبادئ التى التى ارستها محكمة النقض ضاقت الحلقة على تطبيق القانون الكنسى بالنسبة لابناء الكنيسة القبطية الارثوذكسية اذ لم يعد ساريا الا عندما يكون الطرفان المتنازعان من ملة الاقباط الارثوذكس وبشرط ان يظلا كذلك حتى تاريخ رفع الدعوى انما لو اختلفت الملة او الطائفة فان القانون الكنسى لا يطبق ، ويجرى تطبيق احكام الشريعة الاسلامية .
وازاء كل هذه الاوضاع اتفقت جميع الطوائق المسيحية فى مصر برئاسة البابا شنودة الثالث واعدت مشروع موحد للأحوال الشخصية وكان من اهم ما جاء به : أن تظل الزوجية وما ينشأ عنها من أثار خاضعة للشريعة التى عقد الزواج وفقاً لاحكامها ولو غير أحد الزوجين مذهبه او ديانته أثناء قيام الزوجية وتسرى احكام تلك الشريعة على الطلاق والتطليق و الانفصال ، وتكون حضانة الاولاد للطرف الباقى على الشريعة التى عقد الزواج وفقاص لها . وقد أرسل هذا المشروع الى وزارة العدل منذ عام 1998 ولا يزال حبيس الادراج حتى الان .
ويتابع ، ان وجود قانون كنسى لأقباط مصر وجد منذ تأسيس كنيستنا الرسولية على يد القديس مرقس الانجيلى ، وهو ليس شريعة فكر بشرى ، بل شريعة كنيسة المسيح له المجد ، وقد مرت الكنيسة القبطية بثلاث مراحل فيما يتعلق بأحوالها الشخصية ، المرحلة الاولى ما قبل أنشاء المجالس الملية فى 14 مايو 1883 حيث لم تجز الكنيسة التطليق الا لعلة الزنا والتى ذكرها مخلصنا ، والمرحلة الثانية فى عصر المجالس الملية حتى صدور القانون 462 لسنة 1955 ، والذى نص على الغاء المجالس الملية حيث كان للتاريخ والسياسة دخل كبير فى التوسع فى أسباب التطليق وتأثرت الكنيسة بالقوانين الوضعية التى كانت سائدة فى الدولة الرومانية الشرقية ، ولما تولت المجالس الملية شئون الاسرة القبطية أضافت الى سبب التطليق الوحيد الذى اورده السيد المسيح فى الانجيل المقدس ، واصبحت اسباب التطليق كما جاءت فى لائحة 1938 عديدة ، وهى اللائحة التى اقرتها محكمة النقض فى 6- 6 – 1973 .
والمرحلة الثالثة من صدور القانون 462 لسنة 1955 وحتى الان ، حيث ألغى المجالس الملية والمحاكم الشرعية توحيداً للقضاء واصبحت المحكمة الوطنية هى المختصة بنظر قضايا المسلمين والمسيحين فى دوائر خاصة لكل منهما ، ولما كانت قوانين الكنيسة القبطية الارثوذكسية لا تبيح التطليق لغير على الزنا او لتغييير الدين فقد توالت المذكرات على وزراء العدل منذ عهد المتنيح البابا كيرلس السادس موضحة ان الاسباب التى وردت فى لائحة 38 لا تمت بصلة الى نصوص الانجيل المقدس ولا قوانين الكنيسة ن انما هى من صنع الية من رجال المجالس الملية العلمانيين .
لذا كان لابد لاستقرار شئون الاسرة المسيحية فى مصر ان تجمع الطوائف المسيحية الثلاث الارثوذكس ، والكاثوليك ، والبروتستانت على مشروع موحد لللاحوال الشخصية لغير المسلمين وتوالت الاجتماعات بين مندوبوا الثلاث الطوائف الى ان تم الاتفاق على مشروع قاون موحد للاحوال الشخصية والذى ارسل الى الجهات المختصة منذ اكثر من عشر سنوات .
الهيكل الإدارى للكنيسة
ويؤكد الاستاذ بيتر رمسيس النجار، المحام بالاستئناف العالى ومجلس الدولة ، أن المحكمة اولاً واخيراً لا تتعامل مع القضايا المطروحة امامها إلا بالقانون ، فالقاضى لديه نص قانونى وبناءاً علي تطابق هذه القضية مع المادة القانونية يتم الحكم فيها . جاء ذلك بناءاً على التساؤل ان المحاكم تتعنت فى الحكم فى قضايا الاقباط ولا تعطيها حكم الطلاق رغم وضوح القضية واستوجاب الحكم .
يضيف بيتر ، أنه نظراً لتعديل اللائحة فى 2008 والذى جعل الطلاق لا يقوم الا عل على الزنا والذى ينقسم الى زنا فعلى او زنا حكمى والذى له اربع اشكال هم : كل ما يثير شبهة حدوث فعل الزنا كمبيت الرجل أو المرأة في غير بيت الزوجية مع أشخاص أغراب و ليسوا من المحارم لمدة تزيد عن 24 ساعة بدون معرفة احد الطرفين أو مكاتبات خطية كالرسائل العاطفية و كذلك التسجيلات الصوتية و غيرها الكثير، حمل الزوجة فى توقيت يصعب عليه الالتقاء بزوجها للحمل ، واخيرا تحريض احد الطرفين للاخر على الزنا . الا ان فى القانون لا يوجد الا الزنا الفعلى والزنا الحكمى لا يعتد به من قريب او بعيد فى المحكمة ، فلا يوجد نص قانونى عن هذا السبب للطلاق نظراً لان مرجعية القاضى فى هذه القضايا الشريعة الاسلامية والتى لا يوجد بها سوى الزنا الفعلى ، اما الزنا الحكمى الذى وضعته الكنيسة فى تعديل اللائحة لا يوجد به قانون بقانون الاحوال الشخصية ، فحتى لو اثبتت الكنيسة الزنا الحكمى واصدرت تقريرها بذلك لا ينفع ان تستخدمه فى المحكمة ولا تقوم المحكمة بالتصديق عليه ، فالمحكمة ليست جهة تشريع ، بالتالى ينحصر امام المحكمة الزنا الفعلى ، وعلى الجانب الاخر يصعب على المحكمة أن توصم اسرة كاملة بالزنا لمجرد خطأ بسيط ، بل نجد فى بعض القضايا التى تقدمت بها كان بها ادلة على الزنا الفعلى للزوجة ، ولكن المحكمة اعطت الزوجة براءة ، لان المادة 267 من قانون العقوبات تقول : ” لا يجرم الزنا الا ببيت المسلم ” ، فهنا قيد الزنا ان يكون ببيت مسلم ، بالتالى الكنيسة وضعت المواطن فى مأزق مع القانون .
أما عندما كانت تطبق الكنيسة لائحة 38 كان لديها 9 اسباب وعندما قامت بتعديلها تم التصديق عليها من مجلس الشعب ونشرها فى الجريدة الرسمية ، فاصبحت قانونية ولا يمكن العدول عليها أو الرجوع إلى لائحة 38 الا بقرار من مجلس الشعب او من الهيئة الصادرة للتشريعات وهذا لم يتم إلى الان .
ويطالب بيتر بالعودة الى لائحة 38 والتى كانت تطبق فى عهد البابا كيرلس السادس وعهد البابا شنودة الثالث حتى عام 2008 وان كان بها اى خطأ لما كان البابا كيرلس السادس او البابا شنودة الثالث تركوها للعمل بها كل هذه السنين ، وان كان السبب فى التعديل هو القضية الخاصة بقرار المحكمة بالزام البابا شنودة الثالث بالزواج الثانى لاحد الاقباط كموظف عام ، ولديه دفتر لتوثيق الزواج والمسئول عن التزويج لهذه الطائفة ، فكان الاولى ان تحل هذه القضية فاذا كان الاكليل الطقسى حق للكنيسة ، فنظراً لان البابا هو المسئول امام الدولة عن دفتر التوثيق فهو موظف بالدولة يلتزم بقوانينها ، فهى على هذا الاساس صدر الحكم .
ويرى أن القانون الموحد للاحوال الشخصية لغير المسلمين الذى ارسلته وزارة العدالة الانتقالية للكنيسة منصف ، حيث يعطى الحق للافراد ان يتزوجوا مدنياً والدولة تقوم بذلك ومن حق الفرد ان يتزوج كنسياً ويتبع حينها شروط الكنيسة طبقاً للدستور ، ويوضح أنه كما تقوم الكنيسة بتوثيق الزواج بين الاجنبى والمصرى كزواج مدنى بدون طقس كنسى ، فلماذا لا تقوم بذلك ، وان كان السبب التخوف من الزيجات مختلفة الديانات فهذا مخالف للقانون طبقاً للشريعة الاسلامية ، بالتالى يعطى حق الدولة وحق الكنيسة والمواطن هو ما يختار.