عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية حلقة نقاشية حول الآثار المترتبة على الرفع المتتالي لسعر الدولار، حيث اتسمت المناقشة بالعمق الشديد بالنسبة للدور الكبير الذى يلعبه سعر الفائدة كأداة من أدوات البنك المركزى المصرى ، للتعامل مع السياسة النقدية .
أكدت الدكتور عبلة عبد اللطيف الرئيس التنفيذى ورئيس البحوث للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية على ضرورة العمل على إستكمال مراحل الإصلاح الهيكليى والمؤسسى فى قطاعات الاقتصاد المصرى ، منوهة إلى أهمية زيادة الإهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وإطار الإصلاح الاقتصادى ككل ، منوهة إلى أن تأثير رفع سعر الفائدة على الإستهلاك ولاستثمار في مصر يعتمد على حجم هذا التأثير على مرونة كل قطاع : فمن المتوقع أن يقوم القطاع العائلي بخفض المديونية والإنفاق، وأن يتردد قطاع الأعمال في اتخاذ أي قرارات استثمارية جديد.
وتسائلت سلفيا نبيل عضو مجلس النواب عن القطاعات ذات الإمكانية التى نستطيع أن نعول عليها خلال الفترة المقبلة ، منوهة أنه أصبح هناك استقرار كبير خاصة على مستوى السنتين الماضيتن .
وقال علاء هاشم عضو مجلس إدارة وأمين صندوق المركز المصري للدراسات الاقتصادية ( ومدير الجلسة ) : نشفق فى الفترة الحالية على متخذى القرار خاصة فى ملف سعر الفائدة وتأثيره على الاستثمار ، خاصة ان الحكومة أصبحت تعمل بربع الموازنة ، لأن نصف الموازنة يذهب لخدمة الدين والربع والأجور، مُتسائلاً : كيف يُمكن أن نخرج من دائرة الحديث عن الأثار السلبية لقرارات رفع سعر الفائدة ، والتركيز على كيفية تسريع معدلات الدخل القائم على النمو ، وأضاف : كان لدينا الكثير من فترات النمو السابقة والتى صاحبها الكثير من الفوائد منها جذب رؤوس الأموال ، ونقل التكنولوجيا وتنمية المهارات الفنية ، حيث اكتسبت مصر الكثير من الخبرات بالتعامل والإحتكاك مع الشركات متعددة الجنسيات ، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المؤشرات الهامة المنسية ، مثل البطالة ومعدل الإسهتلاك والركود فى العديد من القطاعات ، مؤكداً على أهمية التركيز الرؤية التنافسية لمصر فى ظل التنافس الكبير لجذب الاستثمارات الأجنبية .
إقراض القطاع الخاص
وأشارت زينب هاشم الرئيس التنفيذي بمصرف أبو ظبي الإسلامى قائلة : كان لأبد من قرارات التعويم بلا مفر ، فى الوقت الذى تسعى الحكومة حالياً لترشيد الدعم ، مؤكدة أن ظاهرة الغلاء المتمثلة فى “التضخم” كانت لأبد وأن تحدث .
وقالت : البنوك تتحدث مع بعضها من خلال “الإنتربنك” ، ومن مصحلة البنوك أن تتعاون معاً للإستفادة من الفروق فى سعر الفائدة ، منوهة أن “الكوريدور” يتحدد كل 6 أسابيع وبالتحديد “يوم الخميس” ، مشيرة إلى أن سعر الكوريدور قد يقل عن الأسعار السائدة ، وذلك حسب درجة احتياج الدولة لطرح الجديد من أذونات الخزانة ، موكدة أن القرار الآخير لرفع سعر الفائدة كان بهدف امتصاص السيولة الزائدة بالسوق المصرى دون العمل على زيادة الفائدة على الشهادات الإدخارية .
وطرحت ” وطنى ” خلال الندوة سئوال يتعلق بحجم السيولة بالبنوك المصرية والتى تتخطى الـ 2.5 تريليون جنيه مصرى ونصيب القطاع الخاص من حجم الإقتراض المصرفى ، فالرئيس التنفيذي بمصرف أبو ظبي الإسلامى يحتل 35 % فقط ، فى حين أن الباقى يصب فى صالح أذون الخزانة الذى تصدره الحكومة ، وبالتالى مطلوب زيادة معدلات الإقراض الموجه للقطاع الخاص وذلك لزيادة الاستثمار ومن ثم معلات النمو الاقتصادى ، خاصة فى ظل هذا الحجم الكبير للسيولة لدى البنوك المصرية .
الدخل .. والإدخار
ويرى الدكتور ضياء نور الدين الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة قائلاً : إن مسألة تحريك سعر الفائدة هى أداة لها عدة استخدامات ، ففى حالة وجود تضخم يُمكن العمل على رفع سعر الصرف خاصة فى حالة وجود نمو اقتصادى ، وأضاف : إن السئوال الأهم حالياً ، هل يُفضل إتباع سياسة إحتوائية حالياً .. وهنا فمن المهم تقدير متوسط معدل الإنفاق الحكومى ، منوهاً أن معدلات الدخول زادت بشكل جيد لكن بالمقارنة مع الكثير من الدول المحيطة لمصر ، نجد أن الكثير منهم نجحوا فى إحداث نقلة نوعية فى معدلات الدخول لديهم نتيجة زيادة معدلات الإدخار فى بلادهم ، وقال : علينا أن نحدد من سيقود السوق والنمو الاقتصادى ، هل هو القطاع الخاص أم القطاع العام ؟ مشيراً إلى أن هناك استثمارات حكومية كبيرة فى عدة قطاعات وعلى رأسها البنية التحتية ، وفى نفس الوقت هناك ندرة فى الاستثمار فى القطاع الزراعى .
وأكد الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أن حجم الاستثمار فى القطاع الخاص محتاج أن ينمو بالتوازى مع القطاع العام ، منوهاً أن الكثير من الدول المحيطة سجلت زيادات كبيرة فى حجم الاستثمار الموجه من القطاع الخاص ، مشيراً إلى أهمية إتباع سياسة إنفاقية مناسبة للمرحلة الحالية .
المراحل “الأسوأ مرت بأمان ”
من ناحية أخرى قال محمد فريد رئيس مجلس إدارة شركة ديكور للاستشارات والنمذجة الاقتصادية : أن معدل التضخم فى الوقت الحالى يصل إلى ما بين 31% إلى 32 % ، وأنه مطلوب التفريق بين الدخل والإنتاجية ، وهذا يتطلب حُسن إدارة حجم الأموال التى تدخل للسوق المصرى فى المدى القصير أو متوسط المدى ، مع إجراء الإصلاحات الكفيلة بتنمية حجم هذه الدخول للسوق المصرى ، مشيراً إلى أن هذا العام شهد الكثير من الإصلاحات الهيكيلة و التى لها ضريبة كبيرة سيتم جنى ثمارها فى السنوات المقبلة ، وأضاف : إن المراحل “الأسوأ مرت بأمان ” نتيجة القرارات الإصلاحية المتتالية سواء من جانب الحكومة أو البنك المركزى ، منوهاً لأهمية الأخذ فى الإعتبار التغيرات الاقتصادية نتيجة التطور التكنولوجى الذى يتجه نحو قطاعات تعمل بشكل إليكتروني تام ، ويعتمد فقط على الكفاءات البشرية فى الجوانب الإبتكارية والإبداعية .
استهداف استثمارات بعينعا
وأوضح محمد أبو باشا الاقتصادى الأول بالمجموعة المالية هيرميس أن قرار البنك المركزى برفع سعر الفائدة جاء لعدة أسباب تتمثل أهمها فى التحسن فى صافى السيولة النقدية ، وبالتالى الزيادة فى المعروض النقدى ، وكذلك التصارع فى معدل النمو نتيجة قرارات الإصلاح الاقتصادى المتتالية ، منوهاً أن القطاع الخاص لم يكن متوقعاً لزيادة أسعار الفائدة مرة أخرى فى فترة وجيزة ، مشيراً إلى أن البنك المركزى أوضح فى تقريره المصاحب لرفع الفائدة أن هناك نية لتقليل الإقراض للقطاع الخاص .
ويرى “أبو باشا ” أن الظروف الاقتصادية الحالية التى مرت بها العديد من الأسواق ومنها الهند وتركيا وجنوب أفريقيا .. وغيرها من الدول، وأضاف : مطلوب أن يُحدد صانع القرار نوعية الاستثمارات التى نستهدفها وفى أى القطاعت ، خاصة وأن الاستثمارات فى قطاع السلع الإستهلاكية يؤدى إلى نمو مؤقت .
والتضخم .. وبيع السيارات
ويرى الدكتور أحمد فكرى عبد الوهاب عضو مجلس اتحاد الصناعات المصرية أن الإرتفاع المتوالى لأسعار الفائدة أدى إلى تردد فى اتخاذ القرارات الاستمارية من جانب المستثمرين ، خاصة مع ارتفاع معدل التخضم ، والذى انعكس بدوره على أسعار السلع والمنتجات ونسب مبيعاتها ، فبالنسبة لقطاع السيارات فقد تم بيع 300 ألف سيارة عام 2014 ، لكن هذا رقم المبيعات أخذ فى الإنخفاض حتى وصلت التوفعات أن هذا الرقم سنخفض إلى أقل من 200 ألف سيارة .
وأكد عضو مجلس اتحاد الصناعات المصرية أنه فى نوفمبر الماضى أصبح المستهلك أمام زيادة كبيرة فى دفع أقساط السيارات ، ومع التذبذب فى أسعار سعر الصرف بات هناك ترقب شديد من جانب المستهلك قبل اتخاذه لقرار الشراء ، خاصة فى فترة وجود سعرين للصرف ، سعر رسمى للبنك المركزى وأخر للسوق الموازى ، خاصة أن المغرب أحدثت تقدماً كبيراً فى قطاع السيارات نتيجة الرؤية الواضحة هناك منذ عام 2005 حتى الآن ، واليوم فإن مصنع “طنجة” يقوم وحده بتصدر أكثر من 300 ألف سياراة وبشكل قائم على التجميع ، بالإضافة لزيادتها لبعض مدخلاتها المحلية بالتدريج ، وفى نفس الوقت يوجد قلق بالسوق المصرى لعدم وجود رؤية واضحة لهذا القطاع الهام