…وهما لو كانوا وجدوا حماية الدولة كانوا غادروا منازلهم؟!!
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (626)
تتابع وطني باهتمام بالغ أحوال الأقباط النازحين من العريش هربا من جحيم الإرهاب والتهديد بالقتل… وترصد الجهود الدؤوبة التي قدمتها سائر أجهزة الدولة لاحتواء أولئك النازحين اللاجئين داخل وطنهم سواء بتسكينهم في مساكن مستقرة أو توفير الدعم وسبل العيش لهم علاوة علي تقديم الخدمات الطبية والإنسانية واستيعابهم في أعمال ووظائف تناسب قدراتهم ونقل أطفالهم وشبابهم إلي المدارس والمعاهد والكليات الجامعية المناظرة للمراحل التعليمية التي كانوا منتظمين فيها.
وبينما تتابع وطني كل ذلك لا تغفل عن الأمور المسكوت عنها والأسئلة المعلقة التي تبحث عن إجابات وراء هذه الكارثة الإنسانية: لماذا ترك الأقباط يواجهون القتل علي يد التكفيريين؟… ومتي تستعيد الدولة سيادتها علي العريش بحيث يطمئن الأقباط للعودة الآمنة؟… ومن يقف وراء استمرار تسلل الإرهابيين عبر حدودنا الشمالية الشرقية وكيف السبيل إلي تجفيف ذلك الرافد الشيطاني؟.
كلنا نعرف حق المعرفة أن قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية تخوض معركة مصيرية ضد فلول الإرهاب والتكفيريين… معركة شرسة بلا هوادة تذود فيها بشرف وبطولة عن هذا الوطن ويسقط فيها شهداء أبرار من خيرة أبنائه… لاجدال في ذلك ولا استخفاف إطلاقا بكل ما تنطوي عليه تلك المعركة, لكن أحدا لم يقدم لنا إجابات شافية عن الفارق بين الاستنفار الأمني خارج النطاق العمراني للعريش وبين التواجد واليقظة الأمنية داخل المدينة, الأمر الذي تحدث عنه الأقباط النازحون من الجحيم الذي استعر هناك والرعب الذي استبد بهم علي أثر تلقيهم التهديدات منذ فترة طويلة من التكفيريين بالمغادرة أو القتل وهي تهديدات لم تخف علي السلطات المسئولة والأجهزة الأمنية, كما أنها تهديدات لم تقتصر علي جريمة قتل مباغتة أودت بحياة ضحية واحدة… إنما هي تهديدات علي درجة بشعة من الجرأة والتحدي أسفرت عن سلسلة من جرائم القتل علي مدي أسبوعين وبأساليب تترك الشك في أن السلطة غائبة وأن الساحة متروكة للإرهابيين يفعلون ما يحلو لهم وأن سيادة وكرامة الدولة علي المحك… ونعود نتساءل: هل المعارك المستعرة ضد الإرهاب خارج العريش هي المسئولة عن الفراغ الأمني داخل العريش؟!!
وهذا يقودني إلي عنوان هذا المقال, فقد انبري وزير الداخلية وسط عنفوان الأزمة بتصريح غريب قال فيه: إن الأجهزة الأمنية لم تطلب من أي من المواطنين المقيمين بشمال سيناء منذ بدء الأحداث مغادرة منازلهم والتوجه إلي محافظات أخري…, والحقيقة إني أجد في هذا التصريح تغييبا للواقع وتهربا من المسئولية, فصحيح أن الأجهزة الأمنية لم تطلب من أي من الأقباط مغادرة العريش لكنها لم تستطع حمايتهم وتوفير الأمن والأمان لهم في مواجهة التهديد والقتل حتي استبد بهم الرعب والهلع وشعروا بأن صدورهم مكشوفة أمام رصاصات الإرهاب بلا حماية من الدولة فاندفعوا يهربون بحياتهم!!… وهل وسط عنفوان جرائم القتل التي ترتكب بشكل سافر وشبه يومي وكل منهم يقبع في منزله ينتظر دوره كان مطلوبا منهم أن يتشبثوا بمواقعهم وهم العزل الأبرياء غير المسلحين طالما أن الأجهزة الأمنية لم تطلب منهم المغادرة؟!!!
أتصور أن الخلل واضح ولا يحتاج مواربة أو تسترا بل يقتضي شجاعة المواجهة والتقييم والتقويم إذا كنا نبحث عن إجابة للسؤال الثاني: متي تستعيد الدولة سيادتها علي العريش بحيث يطمئن الأقباط للعودة الآمنة؟… هذا لأن الثابت مما قاله النازوين إن حلم العودة أصبح بعيد المنال وحتي أطفالهم قالوا: نفسنا نرجع لمدرستنا وكنيستنا وأصحابنا لكننا خايفين!!
أما عن السؤال الثالث: من يقف وراء استمرار تسلل الإرهابيين عبر حدودنا الشمالية الشرقية وكيف السبيل إلي تجفيف ذلك الرافد الشيطاني؟… أتصور أن الإجابة معروفة لكنها مكتومة في العقول والصدور تنتظر اللحظة المواتية التي تمليها المصالح الاستراتيجية المصرية ومقتضيات الأمن القومي لتوجيه الضربة القاضية للواقفين وراء ذلك الرافد الشيطاني الآتي عبر حدودنا الشمالية الشرقية… اللحظة التي تتحول قواتنا المسلحة الباسلة من تدمير نهايات أنفاق الشر والإرهاب التي تصب في أرضنا إلي تدمير بدايات تلك الأنفاق التي تنبع من خارج أرضنا!!