قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (620)
تناولت الأسبوع الماضي الميراث التاريخي لقانون الإيجارات وكيف تحولت العلاقة الطبيعية بين المالك والمستأجر بفضل قرارات ثورية إلي علاقة مرضية عن طريق العبث بآليات السوق بتجميد القيمة الإيجارية وفرض ديمومة العقد.. الأمر الذي أفسد العلاقة المتوازنة بين طرفي عقد الإيجار ليكونا: مالك مع إيقاف التنفيذ أمام مستأجر غاصب للملكية بحماية القانون!!.. وانتهيت إلي أن الحاجة أصبحت ماسة إلي إرادة سياسية تعمل علي صياغة قانون جديد يصحح خطيئة استمرت ما يزيد علي نصف قرن ويقدم عدالة غائبة طال انتظارها.
ولأني لست مغيبا عن الهزة الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن يحدثها القانون المنتظر لدي تطبيقه علي شرائح المستأجرين, أدعوكم لقراءة في مواد مشروع القانون الذي تجري دراسته ومناقشته في لجنة الإسكان بمجلس النواب وتكتنفه التكهنات بين إصداره أو إرجائه أو إلغائه تبعا لاستشعار مردوده علي المستأجرين.
*** المواد (1), (2), (3) تتناول حالة الأماكن المؤجرة للجهات والأجهزة الحكومية والهيئات التابعة لها, وتنص علي أن تنتهي بقوة القانون عقود الإيجار الخاصة بها, علي أنه في حالة الوحدات التي لاتزال تلك الجهات في حاجة إليها تحقيقا للمصلحة العامة يتم زيادة قيمة الإيجار طبقا لما تنص عليه اللائحة التنفيذية للقانون, وذلك لمدة لا تتجاوز خمس سنوات يلزم بعدها إخلاؤها وردها لأصحابها.
*** المادتين (4), (5) تتناولان حالة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن وهي الأماكن المؤجرة للأنشطة التجارية أو الصناعية أو المهنية أو الحرفية, حيث تنص علي أن تنتهي بقوة القانون عقود الإيجار الخاص بها في حالة وفاة المستأجر, ولا تمتد إلا مرة واحدة مدتها خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون, علي أن تزاد القيمة الإيجارية خلال السنوات الخمسة طبقا للوارد بجدول الأحكام الانتقالية المرفق بالقانون.
*** المادة (6) تتناول حالة الأماكن المؤجرة لغرض السكن- والتي لا يسري عليها القانون رقم 4 لسنة 1996 الخاص بتحرير القيمة الإيجارية ومدة العقد- حيث تنص المادة علي أن تنتهي بقوة القانون عقود الإيجار الخاصة بها بعد عشر سنوات من تاريخ العمل بالقانون, ولا ينتهي عقد الإيجار في حالة وفاة أي من المالك أو المستأجر خلال تلك المدة. وعلي أن تتم مراجعة القيمة الإيجارية طبقا لجدول الأحكام الانتقالية المرفق بالقانون وبمراعاة ظروف وموقع كل عقار ومدي تميزه عند تحديد قيمة الزيادة المذكورة.
*** المادة (7) تنص علي أنه بنهاية فترة السنوات العشر الانتقالية المذكورة في المادة (6) وفي حالة رغبة المالك في استمرار تأجير أي وحدة من وحدات العقار أن تكون الأولوية في ذلك للمستأجر الأصلي الذي كان يشغلها علي أن تسري في ذلك أحكام القانون المدني علي عقد الإيجار المحرر بينهما.
*** المادتان (8), (9) تحددان بعض الجوانب الأخري في العلاقة بين المالك والمستأجر, حيث تنص المادة (8) أنه في حالة تخلي المستأجر عن الوحدة التي يستأجرها قبل نهاية الفترة الانتقالية المنصوص عليها في القانون -خمس سنوات أو عشر سنوات تبعا للاستخدام- فإنه يستحق أن يسدد له المالك مقابل لتنازله عن المدة المتبقية بما لا يجاوز 25% من القيمة السوقية للوحدة. أما المادة (9) فتنص علي أنه لا يجوز للمستأجر خلال الفترة الانتقالية التنازل عن عقد الإيجار أو تأجير الوحدة من الباطن إلا بعد موافقة المالك وإلا اعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلي إنذار أو حكم قضائي.
*** المادة (10) مادة مهة ودقيقة- وأري أنها قد تؤدي إلي الكثير من المنازعات والقلاقل- لأنها تتعرض لواقع شائع مسكوت عنه في عدد هائل من العقارات القديمة.. تنص المادة علي أن يفسخ العقد من تلقاء نفسه دون الحاجة إلي إنذار أو حكم قضائي في حالة عدم استعمال الوحدة المؤجرة مدة تزيد علي ثلاث سنوات, ومع إثبات وجود سكن بديل للمستأجر وسواء كان المستأجر مقيما في مصر أو خارجها ويجوز إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات.. وأعود وأسجل أن هذه المادة من شأنها أن تعيد عدالة غائبة طال انتظارها إلي الملاك المقهورين, ولكن لن يكون ذلك بدون صخب وصداع وقلاقل!!
*** المادة (11) تعيد أمرا طالما كان محل نزاع بين الملاك والمستأجرين حيث تنص علي التزام المستأجر بتحمل نصيبه من جميع تكاليف صيانة وترميم وإصلاح مرافق وحراسة العقار الذي يشغل إحدي وحداته وعلي أن يفسخ العقد من تلقاء نفسه حال تقاعسه عن الوفاء بذلك.
*** المادة (12) مادة مهمة أيضا لأنها تراعي مخاوف الكثيرين من غير القادرين الذين يخشون أن يعصف بهم هذا القانون, فهي تنص علي أن ينشأ صندوق لدعم غير القادرين من مستأجري الوحدات السكنية يتم تمويله من حصيلة الضرائب العقارية ومن نسبة من الأجرة المحصلة طبقا للمعايير الانتقالية التي ينص عليها القانون. كما تنص المادة علي أن تتولي الدولة إنشاء وحدات سكنية للمستأجرين غير القادرين يستأجرونها بنظام الإيجار طويل المدة أو الإيجار التمويلي.
*** المادة (13) تتناول كيفية تقدير القيمة الإيجارية الجديدة للعقارات القديمة حيث تنص علي أن تنشأ في كل محافظة لجان لحصر نوعية العقارات علي أساس طبيعة المنطقة والموقع الجغرافي ومدي قربه من الأماكن المتميزة مثل الشواطئ والحدائق والمتنزهات العامة, علاوة علي تقييم حالة العقار وانتمائه إلي مستويات الإسكان الفاخر أو المتوسط أو الاقتصادي الشعبي وارتباط ذلك بهيكل المبني وتشطيباته ومرافقه العامة.. وبناء علي ذلك تقوم هذه اللجان بتقدير القيمة الإيجارية لوحدات المبني. وتنص المادة علي أن تشكل اللجان بقرار من الجهة الإدارية المختصة ويكون من بين أعضائها ممثل عن الملاك وممثل عن المستأجرين وممثل عن الضرائب العقارية.
*** المادة (14) تتناول تفصيلا النسب التي تطبق تدريجيا علي عقود الإيجار منسبة إلي تقديرات اللجان المذكورة في المادة (13) والتي تبدأ بنسبة 20% وتتصاعد حتي تبلغ 100% من القيمة المقدرة بمعرفة اللجان بعد عشر سنوات تحرر بعدها كافة العقود وفقا لأحكام القانون المدني.
*** أتصور أن وقع هذا القانون في نفوس الكثيرين سوف يتباين تبعا لموقع كل منهم إن كان مالكا أو مستأجرا.. لكني مازلت أري فيه عدالة غائبة طال انتظارها.