قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (622)
في نهاية أغسطس الماضي صدر قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس وبينما كان اسم القانون يعكس أنه معني بتنظيم إجراءات ترخيص وبناء الكنائس الجديدة علاوة علي ترميم وتدعيم وتجديد الكنائس القائمة, احتوت مواده أرقام (8), (9), (10) مسار تقنين أوضاع مباني الكنائس القائمة في تاريخ صدوره لكنها غير مرخصة, وكذلك المباني التابعة لتلك الكنائس من ملحقات أو مباني خدمات أو بيوت خلوة.. ولم تكن هذه المواد تقل في أهميتها عن المواد المتصلة ببناء الكنائس الجديدة أو تدعيم الكنائس القائمة, إذ أنها جاءت لتعالج تركة ثقيلة مريرة لعصور أزمة شهدت عسرا وشحا في إعطاء موافقات وإصدار تراخيص رسمية لبناء الكنائس, الأمر الذي نتج عنه عدد غير قليل من حالات بناء كنائس أو مباني خدمات دون تراخيص.. وظلت هذه الكنائس وتوابعها تقام فيها الشعائر الدينية وتعرفها سلطات الإدارة تمام المعرفة وتتولي السلطات الأمنية تعيين الحراسات اللازمة عليها, وبعضها يرتاده المسئولون في شتي المناسبات, بل أن بعضها الآخر ظهر مسجلا علي الخرائط المساحية الرسمية… لكن بالرغم من ذلك بقيت جميع الكنائس غير المرخصة غير معترف بها وتعوزها الموافقات الرسمية لتكتسب شرعيتها, حتي جاء قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس حاملا بنود فك أسرها!!
لكن المواد الثلاث المشار إليها في مستهل هذا المقال لم تسبغ الشرعية علي ميراث الكنائس غير المرخصة وملحقاتها تلقائيا مع صدور القانون… إذ رسمت مسار الإجراءات الواجب اتباعها للحصول علي الشرعية, علي أن يتولي ذلك مجلس الوزراء وفق تعليمات تنفيذية يصدرها ويتولي بموجبها توفيق أوضاعها.. ولأني سبق أن كتبت أن قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس خاضع للاختبار والتقييم طبقا لروح تطبيقه مع الطلبات والأوراق: هل يتم تمريرها باليسر أم يتم عرقلتها بالعسر؟, أجد لزاما علينا أن نكون متيقظين لكل ما يصدر من قرارات أو تعليمات حتي لا نفوت الفرصة التي يتيحها القانون لتوفيق الأوضاع.
وها هو يصدر في 26 يناير الماضي قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 199 لسنة 2017 والذي ينظم مسار إجراءات توفيق أوضاع الكنائس أو ملحقاتها أو مباني الخدمات أو بيوت الخلوة التابعة لها, والقائمة وقت صدور قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس.. لذا وجب التنويه لكل من يهمه الأمر للإسراع في تجهيز وتقديم الأوراق المطلوبة خاصة وأن القرار ينص علي أن المدة الزمنية لقبول الأوراق تبدأ مع تاريخ العمل بالقرار (اليوم التالي لتاريخ نشره أي 2017/1/27) وتنتهي بتاريخ 28 سبتمبر 2017, ولأن هذه المساحة تضيق عن نشر الديباجة الكاملة للقرار أكتفي بالإشارة إلي أهم ما يتضمنه:
** تشكل اللجنة المنصوص عليها في المادة رقم (8) من قانون تنظيم وبناء وترميم الكنائس برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من: وزير الدفاع والإنتاج الحربي- وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية (مقررا)- وزير التنمية المحلية- وزير الشئون القانونية ومجلس النواب- وزير العدل- وزير الآثار- ممثل عن جهاز المخابرات العامة- ممثل عن هيئة الرقابة الإدارية- ممثل عن قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية- ممثل الطائفة المعنية.. وللجنة أن تستعين بمن تري من ذوي الخبرة دون أن يكون لهم حق التصويت علي القرارات.
** تقدم طلبات توفيق أوضاع مباني الكنائس أو ملحقاتها أو مباني الخدمات أو بيوت الخلوة التابعة لها إلي اللجنة بواسطة الممثل القانوني للطائفة الدينية المالكة خلال المدة المحددة ولا يجوز للجنة النظر في أي طلبات ترد إليها بعد الميعاد المحدد (2017/9/28).
** تتولي اللجنة دراسة الطلبات المقدمة والتثبت من استيفائها الشروط الآتية:
أن الطلب مقدم من الممثل القانوني للطائفة الدينية- أن المبني المطلوب توفيق أوضاعه قائم في تاريخ العمل بالقانون رقم 80 لسنة 2016 (قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس)- أن المبني سليم من الناحية الإنشائية وفق تقرير من مهندس استشاري إنشائي معتمد من نقابة المهندسين- أن المبني مقام وفقا للاشتراطات البنائية المعتمدة- أن المبني ملتزم بالضوابط والقواعد التي تتطلبها سلطات الدفاع وأملاك الدولة والمجتمعات العمرانية والآثار والتراث المعماري.
** تجتمع اللجنة مرة كل شهر علي الأقل وتكون مداولاتها سرية وتصدر توصياتها بأغلبية أصوات الحاضرين, وتوقع محاضر اجتماعاتها وتوصياتها من رئيسها ومقررها وترفع تقريرا شهريا إلي مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه في شأن قرارات توفيق الأوضاع وحسم أي خلاف ينشأ بشأنها.
*** أعود وأقول إن هذا المقال بمثابة تنويه إلي كل من يهمه الأمر.. كما أعود وأكرر أن القانون وقرار رئيس الوزراء خاضعان للاختبار والتقييم حول ما يكفلانه عند التطبيق من يسر أو عسر, كما تجدر الإشارة أن الاشتراطات الهندسية والفنية الواجب توفرها واستيفاؤها لا خلاف عليها إطلاقا, لكن هناك علامات استفهام حول مراتب التمثيل السيادي والوزاري والمخابراتي والرقابي والأمني في أعضاء اللجنة التي يرأسها رئيس الوزراء نفسه (!!)… علي فكرة: الكنائس غير المرخصة مبان بسيطة ومتواضعة جدا في أغلبها.. لأنها تسللت متجاوزة القانون بعد أن تنكر لها القانون.. يعني مش محتاجة كل ده!!!