انقشعت الغمامة من فوق عيون عشرات الآلاف من أبناء قرية دير أبو حنس التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا,فور إعلان النبأ المفرح فجر الثلاثاء الماضي,حيث أصدر الدكتور أحمد ضياء الدين محافظ المنيا القرار رقم 924 لسنة2009, والذي يفيد بالإبقاء علي اسم قرية دير أبو حنس التابعة لمركز ملوي بالمنيا كما هو دون تغيير أو تعديل…
وجاء نص القرار حرفيا:!!…أن هذا ما رأيناه محققا للصالح العام ووفقا لما صدر من وزير الدولة للحكم المحلي في قراره رقم 30 لسنة …1979
أيضا أشار محافظ المنيا د. ضياء الدين في قراره إلي أنه علي جميع الجهات المعنية تنفيذ القرار والعمل به فور صدوره.
وفور علم أهالي قرية دير أبو حنس بصدور القرار في حوالي الثالثة من فجر الثلاثاء الماضي عمت الفرحة الأهالي وفتح أصحاب محال التصوير مكتباتهم بالقرية حيث تم تصوير آلاف النسخ من قرار السيد محافظ المنيا الخاص بالإبقاء علي اسم ديرأبو حنسكما خرجت النساء إلي الشوارع بالزغاريد واستمرت مظاهر الفرح والبهجة بالقرية حتي شروق شمس يوم الثلاثاء الماضي.
اعتصامات…
كان آلاف من مواطني قرية دير أبو حنس بمركز ملوي بالمنياوالتي يبلغ تعداد سكانها أكثر من ثلاثين ألف نسمة قد قاموا بالاعتصام والمظاهرات الحاشدة لمدة أسبوع وصلت لذروتها مساء الاثنين الماضي في مسيرة غاضبة بهتافات باكية علي صدور قرار بتغيير اسم قريتهم من دير أبو حنس إلي وادي النعناع دون سابق إنذار لهم من قبل وزير العدل برقم 3499 لسنة2009 وبتاريخ2009/4/12 وقال عدد منهم: فوجئنا بهذا القرار الذي من شأنه بلبلة المواطنين سكان القرية وإثارة السخط لديهم…
وقال هاني فايز ومجدي القمص وبهاء غني من أبناء القرية:أوراقنا ومستنداتنا من شهادات ميلاد وبطاقات رقم قومي وبطاقات حيازة للأراضي وتسجيلات الشهر العقاري والسجل العيني ورخص القيادة وغيرها من كافة المستندات والأوراق صادرة باسمدير أبو حنسفلماذا التغيير؟!
وأضافوا:اسم القرية كان يطلق علي المنطقة بأكملها منذ القرن الرابع الميلادي ومذكور في كثير من المخطوطات التاريخية والمراجع العربية والأجنبية بنفس هذا الاسم.كما أنه لم يطالب أي من سكان القرية أو من ينتمون إليها بتغيير هذا الاسم أو تضرر منه أحد من ينتمون للقرية داخل مصر وخارجها.
أضاف هاني فايز:في القرية أكثر من خمس مدارس ابتدائية ومدرستين إعداديتين ومدرسة ثانوية بها جميعا ختم شعار الجمهورية باسم أبو حنس,هذا غير الجمعية الزراعية والوحدة الصحية ومكتب البريد ومركز الشباب.
قرار سابق!
وقال بهاء بطرس عضو المجلس المحلي بمركز ملوي عن قرية دير أبو حنس:قمنا بعقد جلسة طارئة بمحلي قرية دير أبو حنس وأيد الأعضاء رفض المواطنين لتغيير اسم قريتهم تأييدا جماعيا,وقمنا برفع مذكرة لمحلي المركز ومحلي محافظة المنيا تتضمن رفض السكان لتغيير اسم القرية,مضيفا أنه في أوائل السبعينيات من القرن الماضي تم تغيير اسم القرية إلي وادي النعناع وبعد انتفاضة الأهالي وثورتهم صدر قرار وزير الدولة للحكم المحلي رقم 30 لسنة 1979 بعودة الاسم الحقيقي للقرية ومنذ ذلك الوقت لم يحدث أي خطأ.
وقال بهاء غني ميخائيل :اسم القرية تم تغييره في السبعينيات من القرن الماضي باقتراح من أحد الأشخاص الذين يجهلون تاريخ القرية ومكانتها الدينية والتاريخية,ورغم قلة الوعي انتفض الأهالي مقدمين أستغاثات لكافة جهات الدولة وأبطل القرار بقرار جمهوري في عام 1979 ومنذ عامين وتحديدا في بدايات شهر يونية2007 كانت هناك محاولة لتغيير اسم القرية أيضا وتم الرفض من قبل المجلس الشعبي المحلي لمركز ملوي وهو المعني بالموافقة علي تغيير أسماء القري أو حتي الشوارعكما يقر القانون.
أما في أزمتنا الحالية فقد فوجئنا بقرار وزير العدل دون إقرار من السلطات المحلية أو جهات الرقابة الشعبية ونتساءل لماذا؟!!!ولمصلحة من؟؟!!ومن طالب به؟؟!!!.
تنازل عن الدعوي
وقال رمسيس رؤوف النجار المحامي والموكل من الأهالي لـوطنيإنه تنازل عن الدعوي التي كان سيرفعها أمام القضاء الإداري بعد قرار المحافظ الأخير.
وأشار رمسيس رؤوف النجار :تقابلت مع محافظ المنيا يوم الأحد الماضي بصفتي وكيلا عن أهالي البلدة وقد تلقيت حتي الآن نحو 2000ألفيتوكيل من أهالي دير أبو حنس,وأكد لنا السيد محافظ المنيا د. أحمد ضياء الدين أن القرار ولد ميتا -علي حد وصف المحافظ-بمعني أنه قرار معدوم ولن يتم العمل به,وأكد لنا محافظ المنيا أنه أرسل للمستشار ممدوح مرعي وزير العدلمحرر القراروالدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية وكافة الجهات المعنية مكاتبة تفيد بعدم الاعتداد بالقرار لأنه ولد ميتا كما وصفه.
أصل عرقي لاعقيدي
أضاف النجار:كثيرون لايتفهمون موقف أهالي أبو حنس والأمر ببساطة أن الأهالي في تلك القرية ينتمون لأبو حنس منشيء البلد ويعتبرون هذا أصلا عرقيا وليس أصلا عقيديا فقط لذا يدعون أنفسهم بأولاد أبو حنس.
ونوه النجار أن أهالي البلدة يقومون بسبب ذلك بإعداد وطباعة كتاب تاريخي عن البلد وعن تسميتها وعن أبو حنس نفسه…وفي هذا السبيل جمعوا لجنة من رجال الدين المسيحي وكذلك المضطلعين بمجالات التاريخ والبحث والآثار من أبناء القرية لإخراجه في أفضل صورة.
قرية تاريخية
وقال القس يوساب حشمت أحد كهنة القرية:أرسلنا يوم الاثنين الماضي فاكسات بشكاوي لرئاسة الجمهورية وكذلك للجنة السياسات بالحزب الوطني ولرئيسي مجلسي الشعب والشوري ولوئاسة الوزراء وكذلك لقداسة البابا شنودة الثالث.
وأوضح القس يوساب:القرية مازالت بها كنيسة القديس يحنس القصير منذ عام 413 ميلادية والقرية مذكورة في عدد من المخطوطات وفي كتاب وصف مصر للحملة الفرنسيةوالذي أعادت مكتبة الأسرة نشره وأشار الجزء الـ 13 الموجود به إلي القرية وكذلك الكتاب الذي أصدرته الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالإنجليزية وهو تأليف الباحث د.جودت جبرة وفيه يتأكد أن المنطقة من المناطق التي زارتها العائلة المقدسة إبان زيارتها لمصر وقيمتها التاريخية الكبيرة.
وأضاف القس يوساب:نحن نعيد بعيد القديس يوم 30 أكتوبر من كل عام والموافق 20 بابه,حيث تزف أيقونته في الشوارع الرئيسية للبلدة.
أما أشرف عشيري عضو مجلس الشعب عن ملوي التي تتبعها تلك القرية فأكد بالقول:تقدمت ببيان عاجل لمجلس الشعب والذي حددت له جلسة لمناقشته صباح يوم الثلاثاء الماضي بلجنة الإدارة المحلية بمجلس لشعب برئاسة ماهر الدربي رئيس اللجنة ووجهت الدعوة لوزيري العدل والتنمية المحلية وكذلك محافظ المنيا لحضور مناقشات تلك اللجنة بخصوص البيان العاجل المقدم.
وأكد النائب:الموضوع مهم لما تمثله المنطقة من أهمية تاريخية لايمكن إغفالها وكذلك أهمية الاسم بالنسبة لأهالي القرية كاسم يحمل هويتهم العقائدية والتي من حقهم الاعتزاز بها هذا بخلاف الأهمية التاريخية والتي لاتحتاج لتعريف.
من هوأبو حنس
المعروف أن قرية دير أبو حنس تعد جزءا من منطقة تاريخية أكبر هي منطقة أنصنا وهو اسم هذا الإقليم في العصر القبطي وتمتد منطقة أبو حنس من بني حسن شمالاتتبع مركز أبو قرقاص إدارياإلي تل العمارنة جنوبا.واشتهرت بداية من نهاية القرن الرابع والقرن الخامس بكثرة أديرتها وكنائسها وشهدائها وقديسيها ومن أهم آثارها بقايا معبد رمسيس الثاني وحوض من الرخام من العهد الروماني,وسيم علي أنصنا 9 أساقفة بينهم أنبا آريون العظيمكما تلقبه الكنيسةوالذي رسمه البابا بطرس خاتم الشهداء والذي اعترف بالإيمان وقبل الاستشهاد مع الألوف من شعب أنصنا في عصر الاضطهاد الروماني.
ولهذا يتداول أهالي أبو حنس قصة مفادها أنه عند زيارة العلامة الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات القبطية والبحث العلمي المتنيح في بدايات الثمانينيات من القرن الماضي قام فور نزوله من العبارة المخصصة لعبور النيل بخلع حذائه موجها حديثه لمرافقيه كيف أسير لابسا الحذاء علي أرض ارتوت بدماء الشهداء.وشهدت المنطقة حياة رهبانية عامرة وبني فيها 12 ديرا.
يذكر أن القديس يوحنس ولد في بلدة أطسا-البهنسا في عام 349م,وذهب إلي برية شيهيت وله من العمر 18 سنة أي في سنة 367م وتتلمذ للأنبا بموا وأتم تدريبه واختبر طاعته إلي عام 372 وأمضي 12 سنة يخدم معلمه المريض,وبعد نياحة معلمه في سنة383م صنع لنفسه مغارة بجوار الشجرة التي غرسها بأمر معلمه وهي المعروفة بشجرة الطاعة,وهناك مارس أنواعا كثيرة من التنسك وكان تقيا ورعا إلي حد أن تبعه عدد كبير من النساك يقلدون حياته الملائكية فكان يعلمهم ويدربهم ,وتكونت الجماعة التي تحمل اسمه بعد ذلك بنحو سنتين أي في سنة 386م وهو تاريخ تأسيسه لديره بالبرية.ولما علم البابا ثيئوفيلوس البطريرك الـ38523-412مبفضائله اختاره كاهنا وبمسرة الروح القدس قدمه ورسمه قسيسا ثم قمصا مدبرا للبرية,ولذلك يلازمه هذا اللقب في المخطوطات القبطية.
وفي سنة 407م حدثت الغارة الأولي علي شيهيت وقتل البربر الشيوخ وخربوا قلالي الرهبان فتركها الأنبا يوحنس والأنبا بيشوي ووصلا إلي إقليم مصر,ثم غادرها الأنبا يوحنس إلي القلزم وعلي مسيرة يوم من جبل القديس أنطونيوس بني قلاية وسكن فيها,أما القديس بيشوي فقد سافر إلي الصعيد إلي جبل أنصناوأسس ديره الذي يعرف بدير البرشا أي البار بيشوي .
وفي عام 408م ذهب القديس يوحنس إلي أنصنا حيث زميله الأنبا بيشوي واجتمع حوله 1200 أخ من طلاب الرهبنة فبني لهم القديس الكنيسة التي تتوسط ديرهدير أنبا يحنس.
وفيه تقام الشعائر الدينية إلي الآن وذلك في الفترة الواقعة بين عامي 408-418م كذلك عمرت المغائر الواقعة حول الكنيسة المحفورة بالصخر بأعلي الجبل الشرقي بأبنائه النساك.
دير النعناع
ودير النعناع هو دير بناه رهبان دير أبو حنس في منتصف القرن السادس للميلاد علي تل مرتفع قبلي سور أنصنا وعلي أطلال مدينة بيسلا القديمة وكانت به بيعة كنيسةوذكره المقريزي وقال:إن دير أبي النعناع خارج أنصنا وهو من جملة عمارتها القديمة وهو اسم أبي يحنس وعيده فيالعشرين من بابةونرجح أنه سمي بدير النعناع لكثرة وجود هذا النبات في منطقته.