يُعتبر مشروع استصلاح “المليون فدان” الذى أصبح يلقى حالياً إهتمام واسع على المستوى القومى ، خاصة بعد إعطاءه دفعة قوية ليكون محل دراسة موسعة من كافة الجوانب الاقتصادية والإجتماعية والبيئية ، ليصيح المخطط الجديد للمشروع أن يكون ” مليون ونصف فدان” لكى يُساهم فى عملية التنمية المستدامة الشاملة … وفى هذا الإطار عقدت جامعة هليوبوليس ورشة عمل بعنوان :” استصلاح المليون فدان من أجل الحياة ” بدعوة من الدكتور ابراهيم أبو العيش رئيس مجلس إمناء الجامعة ، وصاحب التجربة الرائدة “سيكم” التى أنشئها عام 1977 لتصبح نموذج فى مجال “الزراعة الحيوية ” والتى نالت مؤخراً جائزة الأرض من أجل الحياة ” خلال مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة التصحر فى العالم ، كما أنها فازت بجائزة نوبل البديلة، كنموذج عمل يُحتذى به للقرن الواحد والعشرين … أما مشروع المليون ونصف فدان الذى قام قام مجموعة من خبراء مجالى الزراعة والرى فى مصر بمناقشته فقد أوصوا فى فى نهاية الفاعليات التى أقيمت بجامعة ” هليوبوليس ” بأهمية أخذ التجربة المصرية “سيكم” فى الإعتبار وغيرها من التجارب الناجحة حتى لا تكون البداية من لا شىء … حضر ورشة العمل الدكتورة ليلى إسكندر وزيرة التطوير الحضارى وتطوير العشوائيات ، والدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة السابق والدكتور محمود أبو زيد وزير الرى الأسبق والدكتور ابراهيم أبو العيش رئيس مجلس أمناء جامعى هليوبوليس ،والدكتور حلمى أبو العيش العضو المنتدب لمجموعة “سيكم” ، والدكتور أشرف فكرى مدير معهد بحوث المياه الجوفية بالمركز القومى للبحوث والدكتور ابراهيم حميدة خبير المياه الجوفية بمركز بحوث الصحراء .
فى البداية تحدث الدكتور حلمى أبو العيش عن أهمية مواجهة ظاهرة التصحر من خلال المضى فى خطط مدروسة لزيادة الرقعة الزراعة بإستصلاح المزيد من الآراضى، مؤكداً لـ “وطنى” أن الدولة عليها أن تتبع الأسلوبين معاً ، مواجهة التصحر وزيادة الرقعة الزراعة المستصلحة ، مُشيراً إلى أن التوسع فى الزراعة الحيوية سيكون له أثر إيجابى فى هذه القضية ، لأنها ستكون أفضل لكل الأطراف سواء للمستثمرين أو للأرض أو للمواطنين ، إذ أن هناك دراسة تشير إلى أنه سوف يكون هناك تطور كبيراً فيما بين 5 إلى 10 سنوات لتصبح الزراعة الحيوية أرخص من “الزراعة الكيمائية” حيث أنه فى الأخيرة فإن الدولة تدعم أغلب المدخلات فيها كالأسمدة والياه والطاقة المستخدمة لرفع المياه.. وغيرها .
وأضاف “أبوالعيش” قائلاً : ومن الواقع فإن الدولة لا تستمر على هذا المنوال فيما يتعلق بالدعم ، مما سيؤدى إلى زيادة تكلفة الزراعة الكيميائية تدريجياً ، لتتساوى تكلفتها بالزراعة الحيوية ، وفى نفس الوقت فإن الزراعة الحيوية تميل إلى أنخفاض التكلفة بمرور السنين .
المشروع من منظور إجتماعى وتنموى
وفيما يتعلق بالمنظور الإجتماعى والتنموى لمشروع المليون ونصف فدان أشارت الدكتورة ليلى اسكندر وزيرة التطوير العشوائيات إلى تجربتها الشخصية منذ سنوات طويلة مع العشوائيات وكيفية نقل الكثير من التجارب التنموية إليها ، خاصة الفتيات التى تعلمت خبرات عديدة مع تجربة “سيكم” فكانوا يتعلمون كيفية مكافحة الآفات مثلاً وغيرها من الخبرات الزراعية ، مُتسائلة عن من سيحصل على تلك الآراضى فى الوقت الذى تتعدى تكلفة الواحد لأكثر من مليون جنيه ، مؤكدة أن المواطن هم من ستنئول إليهم تلك الآراضى ومنهم المستثمرين ، مشيرة فى ذلك لأهمية خلق مجتمعات كاملة فى المناطق المختارة لإستصلاحها هذه المجتمعات تتمثل فى المرافق الكاملة والمدارس والطرق وغيرها وعلى رأسها المياه العذبة والطاقة وقنوات للصرف .
وقال المهندس ممدوح سعد الدين خبير التنمية : الآن أصبح لدينا خبرات فى مجال (المزارع الكُبرة) تُضاهى غيرها من المزارع فى كاليفورنيا وتقوم بالتصدير على نطاق واسع للعديد من الزراعات المتخصصة ، مشيراً إلى أننا فى مصر نحتل المرتبة رقم 3 على مستوى العالم من حيث كم العلماء والباحثين فى مجال الزراعة بعد أمريكا و ألمانيا .
وتحدث الدكتور أشرف فكرى مدير معهد بحوث المياه الجوفية عن إمكانيات مصر فى مجال المياه الجوفية ومدى إنتشارها فى ربوع مصر ، مشيراً إلى جنوب مصر الذى يحتوى 100 ألف مليار متر مكعب والذى تشترك فيه أربع دول وهو الخزان المُعول عليه أن يكون له أهمية كبرى فى تنمية منطقة الصحارى فى المستقبل ، منوهاً إلى أهمية إتباع الأسس العلمية للمحافظة على كميات المياه بها .
كما أشار الدكتور ابراهيم حميدة استشارى الخزانات والأبار العميقة إلى إمتلاك مصر للعديد من الخزانات منها منها خزان الصحراء الغربية الذى الذى يعد من أضخم الخزانات ،لكنه ضيف التجد بالمياه ، مؤكداً على أهمية التركيز على التوسع فى استصلاح الأراضى غرب المنيا والتى تُعد الأقل تكلفة . ورداً على أسئلة الدكتور أيمن فريد أبو حديد فيما يتعلق بالقدرة على حفر الكم المطلوب من الآبار لزراعة المليون ونصف فدان … أوضح الدكتور “حميدة” أن العبرة بإستدامة وجود المياه كمصدر أساسى للزراعة ، مؤكداً أن الدراسات عندما تتحدث عن إمكانية توافر المياه لـ 50 سنة قادمة ، فهذا لا يُعد استدامة ، المهم أةلاً توافر خرائط دقيقة للتربة ونوعية الخزانات والآبار .
من يقدرعلى تكلفة الإستصلاح ؟
من جانبه أوضح الدكتور ابراهيم أبو العيش رئيس مجلس إمناء جامعة هليوبوليس أن تكلفة استصلاح الأراضى الزراعية كبير للغاية ، وهذا عكس الآراضى القابلة للزراعة بدون المجهود والمال الذى يُصرف فى عمليات الإستصلاح ، كأراضى الدلتا ، مشيراً أيضاً إلى التكلفة التى يحتاج دفعها راغبى الإستثمار فى أرض رزاعية مستصلحة ، منوهاً أن هذه التكلفة قد لا تستطيع البنوك نفسها القيام بتمويلها عندما تكون على نطاق واسع ، حيث تُعتبر هذه التكلفة بمثابة المبالغ المدفوعة دون عائد مباشر عليها ، عكس الكثير من الاستثمارات الأخرى ، ولذلك فإن هذه الجهود تحتاج من يُساند ها حتى تُكلل بالنجاح ، وبالتالى فإن خبراتنا تحتم علينا ان ننوه إلى هذه العقبات التى تواجه مسألة استصلاح الأراضى .
الجدير بالذكر أن مبارة “سيكم” التىبدات منذ أكثر من 35 عام مضت والتىى أسسها الدكتور ابراهيم أبو العنين ، حيث أصبحت بمرور السنين والأيام نموذج للتنمية المستدامة فى مصر ، بشهادة الأمم المتحدة ومن خلال لجنتها الخاصة باستصلاح الأراضى ومكافحة النصحر ( UNCCD ) والتى أختارت “سيكم” للحصول على جائزة “الأرض من لأجل الحياة “،وذلك لمساهمتها الفعالة فى تطبيق أحدث أساليب الزراعة الحيوية بشكل فاعل ساعد على تحويل الأراضى الصحراوية الجافة إلى أراضى زراعية خصبة ، مما ساعد فى جهود سد الفجوة الغذائية من خلال أيدى عاملة مُدربة ، وبأسلوب عملى يعتمد على البحوث والتطوير ، كما فازت “سيكم” بجائزة “اقتصاد المحبة” التى تقوم على التوزيع العادل للأرباح فى كافة مراحل المنتح الزراعى .