تمدد نفوذ تنظيم داعش في سوريا والعراق، وسيطرته على نصف مساحة سوريا، وسقوط مدينة الرمادى في العراق وسيطرته على العديد من المعابر الحيوية يثير كثير من التساؤلات بشان أسباب تقدم التنظيم في الوقت الذى تقود فيه الولايات المتحدة التحالف الدولى والقيام بعمليات عسكرية بالغة الدقة.
الأمر لا يتوقف على التمدد في سوريا والعراق فقط، بل امتد الأمر إلى سيطرة عناصر التنظيم والجماعات الموالية له على مساحات كبيرة في ليبيا وخاصة مواقع معصرة الزيتن وجزء من طريق المطار، ومقر كتيبة 136 العسكرية بطريق أبوهادي – الغربيات، بعد أن استولوا على عدد من الآليات والأسلحة والذخائر الخاصة بالكتيبة 166، لتثار كثير من التساؤلات بشأن مستقبل التنظيم ، ومدى نجاحه في تحقيق الانتصارات بالرغم من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في إطار التحالف الدولي لمواجهة داعش.
من جانبها أكدت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية في تقرير موسع لها تحت عنوان ” مخاطر المكاسب التي حققها تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” في العراق وسوريا، أن مخاطر المكاسب التي حققها تنظيم داعش في العراق وسوريا” يفتح باب مزيد من التقدم الواضح لعناصر التنظيم على مدن ومناطق اخري، مشدداً على أن سقوط مدينة الرمادي العراقية ومدينة تدمر الأثرية السورية بيد تنظيم داعش جاء بعد مرور أسابيع قليلة على طرد عناصر التنظيم من مدينة تكريت ، وسط العراق، مع الاشارة إلى أن تأكيد الرئيس الامريكي باراك أوباما بشأن سقوط الرمادي يعد “نكسة تكتيكية”، إلا أن الصحيفة رأت بأن الأمر “أشبه بالكارثة”.، مؤكدة على أن الرمادي هي عاصمة محافظة الأنبار التي تمتد على طول الحدود الغربية مع الاردن وسوريا، مشيرة إلى أنه يمكن لعناصر التنظيم الوصول إلى بغداد عبر الأنبار .
شددت على أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من 40 مليار دولار امريكي على تدريب الجيش العراقي ، بعدما فككت الجيش الذي أسسه الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والتأكيد على انه بعد سقوط الرمادي وسيطرة تنظيم “داعش” على الكثير من الاراضي في سوريا، فإنه سيكون من الصعب، إقناع القبائل السنية بأن الأمر أكثر من مجرد كلام، إذ أن المئات منهم تعرض للقتل بسبب دفاعهم عن التنظيم.
من جانبها أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن قادة “داعش” في سوريا يحاولون تحويل ليبيا إلى معقلهم الرئيسي في أفريقيا، والاشارة إلى أن التنظيم يرسل أعداداً متزايدة من مسلحيه والمدربين إلى ليبيا بالإضافة إلى تكثيف تدفق الأموال، من أجل توسيع دائرة نفوذه في البلاد المفتتة التي تستمر فيها الحرب من 4 سنوات، يأتي ذلك في الوقت الذى أكد فيه مسئولون عسكريون أمريكيون منذ أشهر أن تنظيم “داعش” عزز مواقعه في ليبيا ويسعى لزيادة شعبيته في صفوف المجموعات المتطرفة في هذه البلاد وعبر العالم.
وتثار كثير من التساؤلات بشأن تنامي نفوذ “داعش” ، وهو ما دعا البعض إلى أن التنظيم يدفع بالعديد من المجموعات المتطرفة المسلحة عبر العالم إلى الإعلان عن انتسابها إليه، من أجل الاستفادة من الصورة الإعلامية الذي خلقها التنظيم لنفسه، كما استفاد التنظيم نفسه من هذا الانتساب الوهمي، باعتباره دليلا على “توسع الخلافة”، لكن النجاحات الأخيرة لـ”داعش” في شمال أفريقيا، تعد أول توسع حقيقي لنفوذ التنظيم الإرهابي خارج المشرق العربي.
وأكدت الصحيفة في تقرير مطول لها أن الولايات المتحدة لا تخطط لتوسيع حملتها الجوية ضد “داعش” لكي تشمل أيضا مناطق في أفريقيا الشمالية، كما انه لا توجد في ليبيا قوات مسلحة تثق بها واشنطن ويمكن التعاون معها لدى توجيه ضربات جوية إلى مواقع التنظيم، على غرار ما يحدث في العراق، إلا أنه في نفس الوقت وبالرغم من محاولات الجيش الليبي في ملاحقة التنظيم، لم يتمكن حتى الآن من فرض سيطرته على المدن الليبية الكبرى الأخرى، خاصة وانه ما زالت الميليشيات التي تعمل تحت لواء عملية “فجر ليبيا” وميليشيات أخرى تابعة للطوارق وقبائل التبو، تسيطر على النصف الغربي من البلاد باستثناء منطقة الزنتان، كما تسيطر فصائل “فجر ليبيا” و”أنصار الشريعة” على العاصمة طرابلس، وهناك أيضا تواجد قوي للمتطرفين بمن فيهم مسلحون موالون لتنظيم “داعش” في سرت ونوفيليا وبنغازي ودرنة.
في الوقت الذى تخوض القوات التي يقودها حفتر، معارك يومية مع الجماعات المسلحة بهدف السيطرة الكاملة على بنغازي، بعدما سقط الجزء الأكبر من المدينة في أيدي تلك الجماعات في يوليو الماضي.