بمجرد النزول بمحطة القطار الرئيسية بالمدينة، تجد نفسك فى مدينة أوروبية على غرار حديث وغير معتاد، وهذا يعود إلى أن روتردام المدينة الهولندية الشهيرة بعد أمستردام تعرضت لدمار شديد في الحرب العالمية الثانية، ومن ثم تمت عملية البناء وفق العصر الحديث، لتصبح مدينة أوروبية بنكهة حديثة، تجذب البصر لتبحث عما تضمه هذه المدينة من معالم سياحية وثقافية.
فى الطريق من أمستردام إلى بروكسل، توقف القطار حوالى نصف ساعة، وبالتجول خارج محطة القطار المصممة بشكل أنيق وجذاب، لفتت الأنظار المباني الشاهقة والتصميمات الجميلة، وحينها قررت أن تكون لهذه المدينة زيارة خاصة للتعرف عليها عن قرب، خاصة وأنها تضم أكبر ميناء بحري فى اوروبا، واستمرت عملية إعادة الترميم حوالى 26 عاما.
وبعد أيام ، وتحديدا من محطة القطار في المدينة كانت نقطة الانطلاق مجددا، في اتجاه كنيسة لورين، وفى الطريق برز مبنى التجارة العالمي، والذى يضم عدد من أشهر الماركات العالمية فى الملابس، إلى جانب مجمع المطاعم، تحتاج إلى كثير من الوقت لقضاء شوبنج بداخله لما يضم موديلات جديدة وأسعار مرتفعة إلى حد ما، أما الكنيسة فهي شاهدة على الحرب العالمية الثانية، فى ظل تعرض كل المباني المجاورة للقصف على يد الألمان، ولم تعد إلا الكنيسة شاهدة على المباني التراثية بالمدينة، وبالرغم من اغلاق الكنيسة فى هذا اليوم بسبب تنظيم حفل خاص فى إطار استضافة الكنيسة للمعارض الفنية والحفلات لزيادة الدخل، إلا انه بالاتفاق مع المسئول بالمكان لظروف السفر من هولندا إلى مصر فى اليوم التالي تمت الزيارة الخاصة، وفيها اصطحبنى إلى داخل بهو الكنيسة يشرح ما تعرضت له عبر لقطات فيديو وصور، والمكان الذى يتم فيه صلوات الأحد أسبوعيا، وكذلك المكتبة الصغيرة مكانا والعريقة بما تحتويه من كتب ومجلدات كثيرة، وما توفره الكنيسة لمن يريد الاطلاع والقراءة فيما تضمه المكتبة، وظهرت أيضا الأعمدة والمبنى العريق من الداخل، إلى جانب النجف والتحف الفنية الموجودة بالداخل.
ومن الكنيسة إلى سوق روتردام الذى تم افتتاحه مؤخرا ويبعد عن الكنيسة عشرات الأمتار، وهو أول سوق من نوعه يعرض منتجات محلية ، ما بين منتجات غذائية ومرورا بالملابس والزهور .
ومن السوق إلى الجسر، والذى يعبر عن هندسة معمارية جميلة، وحوله عدد من التصميمات الرائعة، ومنه يمكن رؤية عدد من المباني المجاورة والتقاط الصور التى ستظل محفورة فى الذاكرة، ويظهر ميناء روتردام الذى يشهد رواجا ملحوظا، وكذلك مبنى دي روتردام ، الذى يعد من أكبر المباني فى هولندا، ويضم وحدات سكنية وفندقية ومكاتب ومطاعم، وتم انشاءه فى 1998، واكتمل فى 2013، وبالسير دقائق منه إلى مركز الميناء الدولى والذى يعد من إحدى ناطحات السحاب، ومنه تظهر المدينة بشكل انيق، كذلك يمكن رؤية السفن وتمركزها بما تضمه من حاويات ضخمة ورواج اقتصادي رائع.
وبالقرب من هذا المكان، موقع تمركز التاكسي النهري، الذى يأخذك فى رحلة قصيرة لدقائق إلى الجانب الآخر من الميناء، وكانت رحلة لطيفة تري فيها المباني الموجودة بالميناء، وبعد النزول استقليت الاتوبيس النهري من أجل الذهاب إلى البرج الأشهر فى روتردام، الذى من خلاله يمكن التعرف على أبرز معالم المدينة، وبالصعود إليه يمكن أن يري الزائر بالعين المجردة أو بالتلسكوب معالم المدينة، وبعد ذلك صعدت إلى أعلى واستقليت الموقع الذى من خلاله تشهد رحلة لدقائق قصيرة من داخل البرج تدور 360 درجة للتعرف على أبرز معالم المدينة بعد أن ترتفع مركبة دائرة صغيرة بالزائرين إلى أكثر من 450 مترا.
ومن البرج إلى هيت بارك ، التى تعد من أبرز معالم روتردام، لما تتميز بمساحة واسعة من الخضراء، التى يتواجد بها عدد من المواطنين للاستمتاع بالطقس الجميل للمدينة، وخاصة فى هذا التوقيت من العام، وهو ما اكده لى أحد المواطنين خلال تجوالي فى البرج، بأن الفترة حتى نهاية أكتوبر هى الأجمل طقسا للمدينة قبل حلول الشتاء بدرجة حرارته المنخفضة والثلوج المستمرة.
ومن هذا المكان عدت مرة آخري إلى محطة القطار من أجل العودة إلى أمستردام، خاصة وأن الوقت قد حان للرحيل، فى ظل اغلاق غالبية المحلات والمواقع فى السادسة مساء، على امل زيارة آخري للتعرف على معالم كثيرة تعج بها هذه المدينة السياحية الرائعة.