حصاد دموى من جرائم ارهابية وعمليات قتل وحشية، مع سبي النساء والفتيات وبيعهم في سوق العبيد، وتوسع نفوذ التنظيم رغم غارات التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم داعش الارهابي المعروف اعلامياً “الدولة الاسلامية في سوريا والعراق”، هذه هى الصورة في ذكرى مرور عام على إعلان أبو بكر البغدادي عن نشأة ما أسماه “دولة الخلافة” في سوريا والعراق، وبدء تداول تنظيم “الدولة داعش” .
ويرى مراقبون أن تنظيم داعش استطاع أن يجعل للخلافة الإسلامية إقليماً جغرافياً، عماده الجهاد ضد الكفار، واجتذب الذين يبحثون عن مجتمع إسلامي مثالي ، والجهاد من أجله، وقارنت كاترين براون الأستاذة بجامعة لندن بين الفتيات الأوروبيات اللاتي سافرن إلى الاتحاد السوفيتي في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، والفتيات اللاتي التحقن بصفوف داعش في العقد الثاني من القرن العشرين، وخلصت إلى أن حلم الحصول على المواطنة في الاتحاد السوفيتي، وليس القتال كان باعثاً أساسياً للسفر إليها، في حين أن الباعث وراء الانضمام إلى داعش هو المشاركة في القتال تحت مسمى الجهاد لإنشاء دولة تقوم على مجتمع مثالي يطبق الشريعة، يسوده العدل والمساواة، لا يعرف الفروق الطبقية الحادة، تحكمه شريعة السماء بما يشبه الأفكار المثالية أو اليوتوبيا.
ويرى باحثون غربيون أن الإعلان الذي صدر في 29 يونيو 2014 كانت سبقته مراحل بدأت من زرعه التنظيم بذرته الأولى عبر جماعة “التوحيد والجهاد” عام 1999 ومبايعته لتنظيم القاعدة في 2004 ، مروراً بإعلان “الدولة الإسلامية في العراق” في 13 أكتوبر 2013، ومن ثم سيطرته على مناطق في سوريا في الثلث الأول من عام 2013 وانفصاله عن القاعدة في 3 فبراير 2014 ، وصولاً إلى إعلان الخلافة في العراق وسوريا ورفع راية “الدولة الإسلامية في العراق والشام” من مدينة حلب في شمال سوريا وحتى محافظة ديالى شرق بغداد، واليوم يسيطر التنظيم على أكثر من نصف الأراضي السورية وثلث الأراضي العراقية بمساحة إجمالية تقارب 195 الف كيلومتر مربع حيث يفرض فيها قوانينه المتشددة في تطبيق الشريعة الإسلامية مستخدماً أساليب التخويف والإرهاب، كما أظهر التنظيم خلال عام على إعلانه أبشع أدواته لترويع السكان المحليين والعالم برمته وتعزيز سمعته الدموية، فارتكب جرائم بحق المدنيين، وانخرط في خطف النساء والإتجار بالبشر، وعمليات الإعدام الجماعي، وتدمير الآثار التاريخية على الملأ، مستخدماً الإنترنت لنشر ثقافته المدمرة.
بينما اعتبرت الباحثة الغربية ميلنى سميث أن تنظيم داعش يخاطب الغرباء في مجتمعاتهم بخطاب “دولة الخلافة” الذى يخرجهم من العزلة والاغتراب، وبلغ الأمر أن قرر أحد المتحولين جنسياً، وصديقته السفر من الاتحاد السوفيتي إلى سوريا للالتحاق بدولة داعش هاربين من الحصار الاجتماعي في مجتمعهم، متأثرين بالدعاية التي يبثها التنظيم.
من جانبها تسعى روسيا لمواجهة داعش بطريقتها الخاصة، عبر جمع دمشق والرياض في وتركيا والاردن في تحالف واسع ضد تنظيم الدولة، وهى الرغبة التي عبر عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقائهما وزير الخارجية السوري وليد المعلم في موسكو، حيث كشف الرئيس الروسي أن موسكو تتلقى خلال اتصالاتها مع دول المنطقة التي تربطها بها علاقات طيبة جداً ، إشارات تدل على استعداد تلك الدول للإسهام بقسطها في مواجهة الشر الذي يمثله “داعش”، وأن ذلك “يتعلق بتركيا والأردن والسعودية“.
كما تم التأكيد على أن موسكو مستعدة لدعم دمشق إذا اتجهت الأخيرة إلى الدخول في حلف مع دول أخرى في المنطقة، بما فيها تركيا والأردن والسعودية، لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، وأقر بأن تشكيل مثل هذا الحلف يعد مهمة صعبة التنفيذ، نظراً للخلافات والمشاكل التي شابت بالعلاقات بين الدول، وأعرب الرئيس الروسي عن قناعته بأن “محاربة الإرهاب والمظاهر الغاية في التطرف تتطلب توحيد جهود كافة دول المنطقة”.
يذكر أن آخر العمليات الدموية لهذا التنظيم كان الجمعة 26 يونيو في تونس والكويت حيث سقط قرابة 70 قتيلاً فيما حمل بصماته هجوم في فرنسا في اليوم ذاته، وبناء على تقرير أممي قدم لمجلس الأمن الدولي أواخر مايو الماضي، قدر عدد المقاتلين في صفوف “داعش” بين 25 و30 ألفا، معظمهم أجانب.
وذكر التقرير أن عدد مسلحي التنظيم ازداد خلال الأشهر القليلة الماضية بمقدار 70%، إذ جاء المتطرفون الجدد من أكثر من 100 دولة بالعالم.
ورصدت الأمم المتحدة مؤخراً أن ما يقرب من 60 ألف شخص نزحوا بسبب هجوم تنظيم داعش على مدينة الحسكة بشمال شرق البلاد وإن ما يصل إلى 200 ألف قد يحاولون الفرار في نهاية المطاف.
بينما رصدت المنظمة الدولية للهجرة أن عدد النازحين بلغ ثلاثة ملايين و90 ألف شخص على الأقل، خلال الفترة الممتدة ما بين يناير 2014 والرابع من يونيو 2015 بسبب جرائم داعش، وأن قرابة 2.6 مليون شخص من النازحين هم من محافظات نينوى وصلاح الدين شمالا والأنبار غرباً، وهي المحافظات التي شهدت أقوى المعارك ضد التنظيم المتشدد منذ أكثر من عام، إلى جانب 276 ألفا و330 شخصا نزحوا خلال شهري أبريل ويونيو جراء القتال في مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار التي سقطت في قبضة داعش، وحسب تقرير للمنظمة، يقيم أكثر من مليونين من النازحين في منازل خاصة بينما توزع أكثر من 638 ألفا آخرين على ملاجئ لإيوائهم.