تتمتع مدينة الفسطاط التي بناها عمرو بن العاص عقب فتح مصر عام 641م باهمية تاريخية ودينية مما جعلها قبلة للسائحين من كل دول العالم حيث يوجد بها مجمع الاديان وهو عبارة عن اهم دور العبادة للاديان الثلاثة وهي احدي المحطات المهمة في مسار العائلة المقدسة لتصبح من اهم المناطق التراثية والسياحية في العالم .
من هنا قام الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار والتراث اليوم بجولة ميدانية لمنطقة مجمع الأديان بمصر القديمة للوقوف علي آخر المستجدات في أعمال الترميم والتطوير الجارية لبعض المنشآت الأثرية بالمنطقة ، حيث أعلن د. ممدوح الدماطي عن افتتاح الكنيسة المعلقة في النصف الأول من أكتوبر القادم، وذلك بعد الانتهاء من أعمال الترميم الجارية بها
أشار وزير الآثار الي انه سوف يتقدم بدعوة رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب لحضور مراسم افتتاح الكنيسة أمام حركة السياحة المحلية والعالمية باعتباره حدث اثري فريد يجسد جزءا من وجدان هذا الشعب بمسلميه ومسيحيه على حد سواء.
أوضح د. الدماطي انه تم الانتهاء من كامل أعمال الترميم المعماري والدقيق الجارية بالكنيسة، لافتا إلي أن المراحل المتبقية من المشروع تتركز في الجزء الجنوبي من الكنيسة والتي تتضمن منطقة البانورما التي سوف تسرد تاريخ المنطقة بشكل عام كما تمثل مدخلا للمزارات الأثرية الأخرى بالمنطقة من حصن بابليون والمتحف القبطي .
وطالب وزير الآثار المسئولين بالمنطقة الأثرية بضرورة التنسيق مع محافظة القاهرة لإزالة كافة أشكال التعدي الواقعة على الطريق المؤدي للكنيسة المعلقة بما يتناسب مع القيمة التاريخية لهذا الموقع الذي يعد رمزا واضحا على تآلف مختلف فئات المجتمع المصري باختلاف أديانهم، فالكل شريك في هذا الوطن يقع على عاتقه مهمة دفع حركة العمل والتكاتف من اجل عبور المرحلة والوصول معا إلي أعلى المراتب في مختلف المجالات بما يتناسب مع حضارة هذا الشعب وتاريخه وما تركه له أجداده من كنوز تبرهن على عبقريته اللا نهائية عبر العصور .
وفى هذا الاطار قام د.جلال سعيد محافظ القاهرة منذ عدة ايام بجولة لتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة منطفة الفسطاط التاريخية ومجمع الاديان بحي مصر القديمة للوقوف علي ما وصلت اليه أعمال التطوير وإعادة تخطيط الشوارع المحيطة بمجمع الاديان تمهيدا لتحويل مسار السيارات بالمنطقة واقتصارها علي المشاه كما هو الحال في شارع المعز.
وأعلن المحافظ خلال الجولة أن هناك خطة بالتعاون مع قيادات مديرية أمن القاهرة لتأمين المنطقة والحفاظ علي خصوصيتها وسيتم الانتهاء من تطوير المنطقة بالكامل خلال الأسابيع القادمة بتكلفة اجمالية قدرها 60 مليون جنيه بالتعاون مع وزارة السياحة.
الكنيسة المعلقة
وتعد الكنيسة المعلقة أحد أهم آثار مجمع الأديان وشيدت الكنيسة المعلقة على اسم السيدة العذراء مريم وعرفت بالمعلقة لانها بنيت على برجين من الابراج القديمة لحصن بابليون الاثرى ، لهذا تعد اعلى مبنى بالمنطقة ويرجع تاريخ انشائها الى القرن الخامس الميلادى وذلك يتضح من القطع الخشبية النادرة التى تمثل دخول السيد المسيح الى اورشليم ، كما ان الكنيسة المعلقة كانت فى الاصل معبد فرعونى ثم انشاء الامبراطور الرومانى ” تراجان ” الحصن سنة 80 ميلاية على اجزاء من المعبد الفرعونى وتم استخدامه فى العبادة الوثنية ، وعندما انتشرت المسيحية وتحول الرومان للمسيحية تحول المعبد الوثنى الى الى اقدم كنيسة فى مصر وهى بهذا تعد رمز لانتصار المسيحية على طغيان الرومان ، وقد اشتهرت الكنيسة بسبب نقل الكرسى البابوى من الاسكندرية اليها فى القرن الحادى عشر الميلادى على يد البطريرك ” خرستو دلوس ” واستمر الكرسى بها حوالى قرنين من الزمان ، وقد دفن بها العديد من البطاركة فى القرن 11 ، والقرن 12 ولاتزال توجد صورهم بالكنيسة .
جامع عمرو بن العاص
اما جامع عمرو بن العاص فقد اختار موقعه فى منتصف مدينة الفسطاط ، ووقد أستوحيت هندسته من الجامع النبوي في المدينة المنوره ويسمى المسجد ب”مسجد الفتح” و”المسجد العتيق “و”تاج الجوامع” ، ويتكون المسجد من مدخل رئيسي بارز يقع فى الجهة الغربية للجامع الذي يتكون من صحن كبير مكشوف تحيط به أربعة أروقة ذات سقوف خشبية بسيطة ، أما المحراب الرئيسى فتعلوه لوحة كتب عليها بماء الذهب أبيات شعر تعطى معنى ترميم المسجد وصاحب هذا الترميم، وسنة بناء الإيوان وافتتاحه عام 1212 م.
معبد بن عذرا اليهودى
ويكتمل مجمع الأديان بوجود معبد بن عذرا اليهودى الذى يعد واحد من أكبر المعابد اليهودية وأهمها، وخصوصا مع تولي الحكومة المصرية له بالرعاية وترميمه، وتحويله لأثر ومزار سياحي. ونظرا لاحتواء مكتبته على نفائس الكتب والدوريات اليهودية التي تؤرخ لوجود طائفة اليهود في مصر ، وسمي المعبد بهذا الاسم نسبة إلى “”عزرا الكاتب ” أحد أجلاء أحبار اليهود، والمعبد مكون من طابقين شأن عدد كبير من المعابد والمحافل اليهودية، الأول يستخدم للمصلين من الرجال والثاني لصلاة السيدات، ويحوي صفين من الأعمدة الرخامية ذات التيجان البديعة، وينقسم إلى ثلاثة أقسام، أكبرهم هو الأوسط الذي تعلوه فتحة الإنارة والتهوية وفي وسطه منصة الوعظ وحولها مقاعد المصلين، والهيكل في الجانب الشرقي، ويحوي تابوت العهد ولفائف التوراة ، و لا زال هناك إقبال كبير على زيارة المعبد من مختلف سياح العالم، على اختلاف دياناتهم واتجاهاتهم، لما له من قيمة جمالية، وتاريخية.