يعد الاسكواش من أقدم الألعاب الفردية في مصر، حيث عرفها المصريون من خلال الإنجليز إبَّان الاحتلال البريطاني لمصر، حيث توجد أقدم ملاعب اسكواش في القارة الأفريقية فىي كل من نادي الجزيرة والمعادي واسبورتنج، ولا تزال مصر حتى اليوم – إضافة إلى باكستان – من أعظم الدول في تلك الرياضة.
لكن على الرغم من كثرة عدد أبطال لعبة الاسكواش المصريين وتمثيلهم لبلدهم في كل أنحاء العالم، إلا أنهم يفتقدون الاهتمام الإعلامي بهم ولبطولاتهم وإنجازاتهم المشرفة حول العالم.
“وطني نت” حاورت الكابتن عمر البرلسي، أحد أبطالنا السابقين في اللعبة ومدير أكاديمية البرلسي للاسكواش، والذي حدثنا باستفاضة عن اللعبة وعن أبطالها والصعوبات التي تواجهها.
· هناك ملاحظة بأن رياضة الإسكواش يخرج منها ابطال يمثلون مصر ويحققون نتائج متميزه، فما السر في ذلك؟
هناك عدة مقومات وراء هذا التميز أولها أن الإسكواش في مصر لعبة قديمة جداًّ؛ فمصر تعد من الدول المؤسسة للاتحاد الدولي للاسكواش وهناك ملاعب في مصر ترجع إلى مائة عام في أندية الجزيرة و المعادي بالقاهرة، وسبورتنج بالإسكندرية ، فالاسكواش في مصر دخل مع الإنجليز لأنه في الأساس لعبة إنجليزية ودخلت البلاد التي كان بها احتلال إنجليزي؛ لذلك فإن الإسكواش كان لعبة شعبية في مصر، كذلك الحال في باكستان والهند وأستراليا وفي كل المستعمرات الإنجليزية، كما أنها في إنجلترا هي من أقوى الألعاب هناك.
أيضا هناك أجيال كثيرة تميزوا في الاسكواش، وهو ما جعلهم يسلمون احترافية اللعبة للأجيال الجديدة، والآن يوجد العديد من الأبطال الذين يقومون بتدريب الأجيال الجديدة وينقلون لهم خبراتهم، أيضاً فإن إقامة بطولات دولية كثيرة داخل مصر كانت من المقومات الرئيسية لدعم اللاعبين، الذين يشاهدون أبطالاً على مستوى عالٍ على أرض بلدهم.. فهم يشاهدون أمامهم المحترفين وهم يقومون بالتدريب فيستفيدون منهم.. فنقل الخبرات والمهارات من الأبطال أثناء فترة التدريب جزء كبير من التعليم، ونقل المهارات لهم وهذا يعطيهم الدفعة والأمل في أن يكونوا أبطالاً عالميين.
ماهو تصنيف مصر على مستوى العالم؟
الأولى على العالم بدون منافس.. فنحن نتصدر أبطال الاسكواش في العالم ومصر تتصدر البطولات العالمية في كل الأعمار، لدرجة أن النهائي ينتهي في كثير من البطولات بنهاية مصرية خالصة، وفي أوقات أخرى نجد الثلاثة مراكز الأولى من نصيب مصر ولاعبيها في الرجال والسيدات.. كما أن التصنيف الذي يتم تجديده كل شهر يتصدره مصريون، ولدينا دائماً حوالي ٢٥٪ تواجد مصري ضمن التصنيف العالمي كل شهر.
إلى أي مدى تعتقد أن لعبة الاسكواش من الرياضات الشهيدة؟
هي بالفعل رياضة شهيدة إعلامياًّ، فنحن نجد أن كرة القدم تأخذ تغطية إعلامية واهتمام أكثر من أي رياضة أخرى، لكن مع ذلك فإن لعبة الاسكواش تعد بالنسبة للألعاب الفردية الأخرى من أكثر الألعاب الفردية “شعبية” في مصر،وأكثرها شهرة أيضاً.
ولكن لماذا يطلقون على لعبة الاسكواش لعبة الصفوة؟
هذا الأمر مرتبط بالجانب الاقتصادي، لأن الاسكواش لعبة مكلفة جداً.. فملاعب الاسكواش تتكلف الكثير في بنائها، كما أنه من الصعب تواجدها في أي مكان، فنحن نجدها فقط في الأندية الخاصة ذات المستوي الاجتماعي العالي، كما أن الاسكواش يحتاج معدات معينة مثل المضرب وهو أيضاً مكلف وسعره باهظ نوعاً ما، كما يحتاج الاسكواش إلى حذاء خاص وملابس معينة، بالإضافة إلى ذلك أن كرة الاسكواش ايضا غالية.. لذا لا يمكن لأي شخص ممارسة الاسكواش في أي مكان مع أصدقائه، فضلاً عن أن كل لاعب لابد أن يكون معه أدواته الخاصة بعكس لعبة كرة القدم مثلاً والتي لا تتطلب سوى كرة واحدة فقط يلعب بها فريق بأكمله ،وبوجه عام فإن ألعاب المضرب مكلفة ولا يمارسها عامة الشعب.
ما هي أبرز المشاكل والمعوقات التي تواجه اتحاد الاسكواش في مصر؟
المشاكل تنقسم إلى جزءين، الأول مرتبط بالشق الاقتصادي.. فالميزانية الخاصة بالاتحاد ضعيفة جداًّ، لكن هناك ميزة أن لدينا كم كبير جداً من الأبطال العالميين مميزون جداًّ وفي نفس الوقت لا يوجد تمويل كاف لهم، فنحن لدينا 50 لاعب مصري عالمي متميز فإذا احتاج كل لاعب مبلغ 10 آلاف جنيه للسفر مرة واحدة فقط في العام فهذا يعني أننا نحتاج حوالي 500 ألف جنيه لهم جميعاً وهذا في مرة واحدة وهناك أعداد كثيرة جداًّ، لذا لو أراد الاتحاد إرسال بعثة مكونة من ٤٠ لاعباً من مختلف الأعمار بنين وبنات إلى بطولة مثل إنجلترا المفتوحة للناشئين – وهي أكبر بطولة للناشئين – فهذا يعني تكلفة عالية جداً على الاتحاد بمبالغ مهولة، لذا نحن نحتاج تمويلاً سواء من وزارة الشباب والرياضة، أو شركات أو مؤسسات وهذه مشكلة أساسية تواجهنا.
أما الجزء الآخر فهو ضعف الاهتمام الإعلامي بهذه الرياضات وأنا هنا لا ألقي العبء على الإعلام ولكن على الاتحادات والقائمين على اللعبة لأنهم لا يرسلون أخبارالاتحاد، ونتائج المباريات والبطولات إلى وسائل الإعلام، ولا يسعون إلى تعريف أبطال اللعبة إلى الجمهور، ولابد من بذل مجهود خاصة مع ألعاب ليست شعبية، وعليه فعلى كل اتحاد لعبة شهيدة أن يكون لديه قائمة بالصحفيين والإعلاميين، وبعد كل بطولة يتم عمل نشرة بكل تفاصيل المباريات والبطولات وهكذا ويرسلها لهم لعمل التغطية اللازمة.
وأضاف البرلسي أن قوة الاسكواش في مصر تكمن في اللاعبين وليس في الاتحاد أو الوزارة فالاتحادات عامة ضعيفة جداًّ من الناحية الإدارية والإعلامية لضعف الإمكانيات المادية وضعف الإمكانيات البشرية، فهي تتبع الحكومة ومرتبطة بمؤهلات معينة ومرتبات معينة، فليس هناك متحدث رسمي أو مسئول إعلامي كما نرى في اتحادات الدول الأوروبية والأجنبية بشكل عام والتي تهتم بالتسويق الرياضي.
ما مدى مساندة الدولة لهذه الرياضة خصوصاً في فترة نظام الرئيس الأسبق مبارك حيث تردد أن اتحاد الاسكواش كانت له الأولوية عن باقي الاتحادات الرياضية الشهيدة نظراً لممارسة الرئيس الأسبق للعبة؟
هذه الصورة بالفعل حقيقية ووقت التسعينيات كان وقتاً ذهبياًّ لرياضة الاسكواش في مصر، فالاسكواش حاز اهتماماً كبيراً ورعاية أكبر وتمويلاً من الدولة – أكثر من الآن – وأنا شخصياً أستطيع عقد المقارنة الفعلية فقد كنت لاعباً وبطلاً عالمياًّ في فترة التسعينيات، وكان هناك بطولات دولية تقام في مصر، وكان يوجد رعاة اكثر للبطولات ورعاة للاعبين وهو ما ساهم في خروج الكثير من اللاعبين، فقد كنت محظوظاً لأنني عاصرت هذه الفترة كناشئ وبعد ذلك محترفاً حيث استضافت مصر في هذا التوقيت بطولات دولية مثل بطولة الأهرام وكانت الملاعب تقام عند سفح الهرم، وبطولة في الغردقة كما كانت الأندية أيضاً تقيم بطولات دولية مثل نادي هليوبوليس ونادي الجزيرة والنادي الأهلي كل عام، وكانت تقام ما لا يقل عن خمس بطولات دولية، هذا غير أن التليفزيون المصري الرسمي كان يذيع هذه البطولات على الهواء مباشرة وعبر القنوات الأرضية وهو غير متاح الآن ، فقد تقام بطولات ولا نشعر بها وبالطبع فإن اهتمام الدولة وإذاعة البطولات يعد مرجعاً للأجيال الجديدة للتعرف على ابطال بلدهم وايضاً يكتسبون خبرات الأجيال السابقة من خلال مشاهدة هذه البطولات… كما ان اهتمام الدولة بالاسكواش ساهم في تعريف الناس باللعبة واهتمامهم بها، اضافة الى ان الإذاعة التليفزيونية على القنوات الرسمية للدولة ساهم في جلب التمويل بشكل كبير اكثر من التغطية الصحفية وعلى القنوات المتخصصة…
فعندما حصلنا على بطولة كأس العالم عام 99 كانت في إستاد القاهرة وحضرها كل من جمال مبارك وزكريا عزمي ، وبغض النظر عن التوجهات السياسية فإن وجودهما كان يعد تشجيعا لكل اللاعبين وقتذاك وتدعيما لهم كما يعني ايضا تغطية إعلامية اكثر وبالتالي تمويل اكبر وهكذاا.. لكن الان يوجد صعوبات اكثر رغم وجود لاعبين اكثر…
وتابع ” لكن هناك تغيير في الثلاثة شهور الماضية – بعد الركود التام فى كل مناحى الحياة بعد ثورة يناير- و مع بداية الاستقرار واهتمام الرئيس السيسي بالرياضة واستقباله أبطال العالم للناشئين والناشئات مثل حبيبة محمد التي فازت ببطولة العالم للناشئات وفريق الناشئين تحت ١٩ سنة وقبل ذلك كان ابطال الرياضة ضمن فريق الحملة الرئاسية الخاصة به، وكان من ضمنهم رامي عاشور وأنور الشربيني، كما يتردد ان مصر سوف تنظم بطوله العالم للناشئين والناشئات في شهر يوليو من العام المقبل، لذا نأمل ان تستقر وتعود رياضة الاسكواش لزهوتها في مصر مرة اخري”
ما هو دور وزارة الشباب والرياضة فى تدعيم لعبة الاسكواش؟
يتمثل دورها في الدعم المادي المباشر، فموازنة الاتحاد الأساسية تأتي من خلال الوزارة خاصة أنه لا يوجد شركات راعية .. فعقود الرعاية التي حصل عليها الاتحاد خلال العامين الماضيين كانت بسيطة جداًّ …كما أن الجهاز الفني للمنتخب يحصل على راتبه من الوزارة ولكن هذا الأمر يعد معرقلا نتيجة البيروقراطية التي تنتهج ، فهذا الوضع غير سليم ويزيد من تعقيد الإجراءات في كل شيء، لكن ليس هناك بديل آخر فلا يوجد التمويل الكافي الذي يساعد في عملية الاستقلال عن الاتحاد ولذا من الأفضل ألا تعتمد لعبة الاسكواش على دعم الدولة ولابد ان تعتمد على التمويل الخاص بعقود رعاية كبيرة جدا خصوصا اننا نمتك أفضل اللاعبين على مستوى العالم.
وماذا عن تمويل ورعاية رجال الأعمال للاعبي الاسكواش؟
دعم رجل الأعمال يعد الحل الأنسب، ففي فترة التسعينيات مثلا كان هناك المهندس ابراهيم كامل والدكتور أحمد بهجت والمهندس نجيب ساويرس الذي ظل يرعى عمرو شبانة لمدة ٨ سنوات، لكن هذا الامر مرتبط بالشق الإعلامي أيضا فاللاعب الذي يحصل على اهتمام إعلامي اوسع يلتف حوله رجال الأعمال والشركات والرعاة، واعتقد انه من واجب رجال الاعمال القيام بهذا الدور للنهوض بالرياضات الشهيدة في مصر .
كم عدد ممارسي رياضة الاسكواش في مصر الان؟
عدد المسجلين في الاتحاد والذين يلعبون في البطولات حوالي 1500 لاعب ويعد هذا العدد بسيط جدا بالنسبة للنتائج وهناك عدد كبير من الممارسين لكنهم غير مسجلين بالاتحاد وعددهم لا يقل عن ٥ آلاف لاعب وهذا عدد ضئيل ايضا لأننا نجد مثلا في إنجلترا هناك نصف مليون ممارس للعبة ويرجع هذا التفاوت إلى ثقافة الرياضة في مصر لأن نسبة الذين يمارسون الرياضة – عامة في مصر- ضئيلة جداً جداً بالنسبة للدول الأخرى.
ماهي المقومات التي يمكن أن تساعد في الارتقاء بلعبه الإسكواش في مصر؟
نحن نحتاج الى كثير من الملاعب ، فلدينا أزمة في هذا الشق ومشكلتي حتى في الأكاديمية هو عدم توفر أماكن لاستيعاب أعداد اكثر.
ماذا عن لعبة الاسكواش في أقاليم مصر؟
عدد الأندية الموجودة بمصر عامة قليل جداً، كما ان ملاعب الاسكواش قليلة أيضا ونجد في الاسكندرية ملعبين فقط وكذلك الحال فى طنطا على الرغم من أن لديهم عدد كبير جدا من اللاعبين ولديهم أبطال العالم للناشئين، كما نجد فى المحلة ملعبين والمنصورة بها ملعبين، وعلى الدولة توفير الملاعب في كل أنحاء الجمهورية لأنه جزء من دورها في تنمية الرياضة.
تجربتك كمدير فني في منتخب مصر للاسكواش؟
يمكن تقسيم هذا التجربة إلى اكثر من جزء اول شيء انه شرف كبير لي ان أقوم بتدريب منتخب يحمل اسم مصر خاصة في لعبة الاسكواش وليس أى منتخب بل أقوي منتخب اسكواش في العالم …والامر الآخر أن المنتخب يضم لاعبين مميزين جميعهم علي درجة كبيرة من الالتزام وثقافة الفوز وهذا امر مختلف .
كيف بدأت فكرة إنشاء أكاديمية متخصصة للأسكواش؟
بدأنا منذ 2005 بعد أن أعتزلت وكان عمرى وقتها 29 عاماً بعد إصابة بالركبة وكان أمامى العمل كمدرب فى أندية ولكننى فضلت العمل بمفردى وفقا لنظام خاص بي وقواعد منظمة لعملى فانا لا أحب البيروقراطية، و قررت إنشاء عمل خاص أديره بالطريقة الإدارية والمالية التى أراها من وجهة نظرى بشكل كامل… وكانت أكاديمية البرلسى وهى أول أكاديمية للناشئين فى مصر والشرق الأوسط ، فقد كان لدى هدف أن تكون الأكاديمية هى أكبر أكاديمية في العالم خلال 5 سنوات لكن هذا الحلم تحقق فقط خلال عامين ونصف واصبح لدينا أكبر قاعدة ممارسين للاسكواش فى العالم وتجاوزنا ألف لاعب منتظمين ضمن جداول تدريب، حيث تستقبل الأكاديمية معسكرات من كل دول العالم للتدريب خلال أسبوعين أو ربما شهر لأنهم يعلمون أن مصر هى قبلة الاسكواش فى العالم. أيضاً نقوم بتدريب الناشئين من سن 4 سنوات وحتى 16 سنة وبعد ذلك يتجهون للبطولات ولدينا 5 فروع بالقاهرة وأكثر من أربعين مدرب وهو عدد كبير كما أن الأكاديمية هى التى تقوم بتدريب المدربين.. كما تعد الأكاديمية هى الوحيدة التى تمتلك منهج فنى خاص بالأكاديمية مقسم لمستويات كل مستوى له التدريبات الخاصة به ومدربيها، كما يوجد مهارات متدرجة فى كل مستوى وبعد الانتهاء من المنهج او المستوى يتم عمل تقييم للانتقال للمستوى الأعلى وهكذا كل ثلاثة أشهر حتى يصلوا إلى مستوى المنافسات.
ما هى المهارات التى تتطلبها لعبة الاسكواش لأى فرد؟
الاسكواش لا تحتاج مهارات خاصة، لكنها تحتاج اللياقة البدنية الطبيعية وألا يكون هناك مشاكل بالجسم مثل تقوس الساقين أو مشاكل بالقلب أو أمراض مزمنة مثل السكر أو مشاكل فى الظهر، لكن الأنسان الطبيعى يستطيع ممارسة اللعبة بدون أى مشاكل.
ما هى رؤيتك لقانون الرياضة المنتظر؟
كان هناك قانون جديد خاص بالرياضة مطروح للمناقشة منذ حوالى 10 سنوات وكنت عضواً فى لجنة الاحتراف وكان علينا كتابة توصيات لتطوير قانون الرياضة حتى تسهل للاعبين المحترفين السفر وممارسة اللعبة وإزالة المعوقات وكان دورى هو تمثيل عن الألعاب الفردية، واجتمعنا وتمت كتابة التوصيات والمعوقات التي تواجه المحترفين، لكن للأسف لم يؤخذ بها ولازالت المعوقات التي كانت تواجهني كمحترف منذ سنوات هي نفسها تلك المعوقات التي تواجه محترفي هذه الأيام مثل تصاريح أداء الخدمة العسكرية والتجنيد، وأموال تمويل الألعاب لابد ان تكون معفية من الضرائب وهكذا…
لذلك لابد أن تكون اللجنة المسؤلة عن تعديل قانون الرياضة متخصصة ، فلا يعقل ان تكون مكونة – جميعها – من لاعبي كرة قدم فقط لأنهم بعيدون عن الالعاب الفردية والمطلوب أن تكون لجنة متوازنة.