الأنبا مكاريوس : اقامنا القداسات وسط حطام الموقع المحترق
المستشار ايهاب رمزى : الحق يتولد من خلال القانون
اللواء محمود عفيفى : فى طريقنا لحل الأزمة
بعدما قام مجموعة من الأشخاص بإشعال النيران بمقر إقامة الصلاة كنيسة السيدة العذراء بقرية الإسماعيلية البحرية فى فجر الخميس 12 مايو الجارى …. يواجه أقباط هذه القرية مشكلة الصلاة وإقامة الشعائر الدينية فى العراء بعد إحتراق الخيمة الثابتة التى كانوا يصلون بداخلها ،خاصة وأن أقرب كنيسة للقرية تبعد عدة كيلومترات عنها ،وبالرغم من وجود كنيسة مبنية ومجهزة منذ عام 2009 على مسافة عدة أمتار قليلة من هذا المكان الا انها مغلقةلدواع امنية وعدم اثارة مشاعر الأخوة والجيران المسلمين بالقرية !
تساؤلات عديدة وتبعيات لما حدث بعد الحريق بقرية الاسماعيلية البحرية بالمنيا نحاول ان نطرحها في هذا التحقيق:
الكنيسة مقامة في مكان مؤقت عبارة عن خيمة كبيرة يصلي فيها الأقباط ويعقدون كافة إجتماعاتهم منذ أكثر من عام، وذلك بمعرفة الجهات الأمنية والمسئولين المحليين وحراسة المسلمين، ويخدمها كاهن مخصص لها هو القس يوناثان عادل، لحين أن تسمح الجهات الأمنية بفتح الكنيسة والتي بنيت في سنة ٢٠٠٩، وما تزال مغلقة حتى الآن.
وبعد نشوب الحريق بساعات قليلة أصدر نيافة الأنبا مكاريوس، الأسقف العام للمنيا وأبوقرقاص، بياناً حول إشعال بعض الأشخاص النيران بمقر إقامة الصلاة كنيسة السيدة العذراء بقرية الإسماعيلية البحرية، وأكد فى البيان على ثقته فى سرعة تحرك الأجهزة الأمنية لضبط المتهمين وتقديمهم للعدالة.
وجاء نص البيان كالتالى : تعرضت كنيسة السيدة العذراء بقرية الإسماعيلية البحرية، والتى تبعد 6 كيلومترات شمال مدينة المنيا، فى الثانية من صباح اليوم الخميس، لهجوم من قبل بعض الأشخاص، والذين أشعلوا النار فيها والتى أتت على آخرها”.
وأوضح البيان أن الكنيسة مقامة فى مكان مؤقت عبارة عن خيمة كبيرة يصلى فيها الأقباط ويعقدون كافة اجتماعاتهم منذ أكثر من عام، بمعرفة الجهات الأمنية والمسئولين المحليين وحراسة المسلمين، ويخدمها كاهن مخصص لها هو القس يوناثان عادل، لحين سماح الجهات الأمنية بفتح الكنيسة، والتى بنيت عام 2009، ولا تزال مغلقة حتى الآن، ونقوم الآن بالتنسيق مع الجهات الأمنية لعلاج الموقف لتجنب تفاقم الأحداث، لاسيما أن أقباط ومسلمى القرية يعيشون فى ود وتعاون.
الكنيسة مجهزة بجوار الموقع المحترق ..؟!!
تحدثنا الى نيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام للمنيا وأبوقرقاص ،فقال : هناك تعاون من قبل الجهات الامنية بمحافظة المنيا ، حيث انهم قاموا بالقبض على الجناة والذين قاموا باشعال النيران فى موقع الصلاة بقرية الاسماعيلية بعد نشوب الحريق بأقل من 48 ساعة،والجناة ليس لديهم اى انتماءات سياسية ولكنهم فعلوا ذلك بعد نشوب خلافات بينهم وبين خفير المكان .
وأضاف نيافة الأنبا مكاريوس قائلا : الصلوات تم استئنافها منذ صباح اليوم التالى للحريق حيث تم اقامة القداس الالهى صباح يوم الجمعة فى حطام المكان المحترق وترأس الصلاة القس يوناثان عادل ، بالاضافة الى اتمام مراسم صلاة الاكليل ايضا فى نفس المكان ، كما قمت بالصلاة للقداس الالهى يوم الحد الماضى أنا ومعى لفيف من الاباء الكهنة وحضور كبير لشعب الكنيسة حوالى 500 شخص فى حطام الحريق و فى ظل حرارة الشمس الشديدة فى ذلك اليوم .
وأوضح الأنبا مكاريوس أنه منذ اكثر من سنة ويتم صلاة المسيحين بقرية الاسماعيلية فى خيمة ثابتة وهى التى تم حرقها فجر يوم 12 مايو الجارى ،وهناك مبنى كنيسة متكامل على بعد عدة خطوات قليلة من هذه الخيمة الثابتة ولكنها مغلقة ..؟!!
كما أشاد نيافة الانبا مكاريوس بالدور الذى قامت به أجهزة الدولة في محافظة المنيا بعد نشوب الحريق ،حيث أن الأجهزة المعنية تبذل جهدا كبيرا من أجل الخروج من الأزمة، كما ان قداسة البابا الأنبا تاوضروس الثاني، يتابع أمر حريق المقر الكنسي بقرية الإسماعيلية التابعة لمركز المنيا بإهتمام بالغ.
كما قدم الانبا مكاريوس الشكر للشعب على ما أظهروه من المحبة وضبط النفس والغفران لمن أساءوا إليهم، وكيف أنهم سلكوا تعاليم المسيحية “يباركون ولا يلعنوا ولا يجازوا أحد عن شر بشر، بل يغلبون الشر بالخير”، كما قرر الأهالي التنازل عن كافة حقوقهم المدنية فيما فقدوه من ممتلكات سواء الخاصة بالكنيسة أو منزل من طالته النيران.
و شكر نيافة الأنبا مكاريوس جميع أهالي القرية من المسلمين والذين أبدوا أسفهم الشديد لما حدث واستعدادهم من جهة أخرى للتعويض عما فقد، ايضا شكرهم على سعيهم الدؤوب لدى الأجهزة المعنية من أجل افتتاح الكنيستين المغلقتين.
ومن جهة أخرى أوضح نيافة الانبا مكاريوس المسيحيين بالقرية بأن أجهزة الدولة في المحافظة تولي الأمر إهتماماً كبيرا،بالاضافة الى ان هناك جهات كثيرة من مصر وخارجها قد أجرت إتصالات بالمطرانية للوقوف على التفاصيل وابدت تعاطفها.
كما أكد نيافته على ان العائلات المسلمة فى محيط الكنيسة وموقع الصلاة الذى تم حرقه تساندنا.
الكنيسة مغلقة منذ 2012 ..؟!!
قرية الاسماعيلية التي تبعد عن مركز المنيا بحوالي 6 كيلو متر تقريبا التابعة لمجلس قروي البرجاية بها مكان يصلي به الاقباط باسم كنيسة السيدة العذراء مريم ويخدمها كاهن مخصص لها هو القس يوناثان عادل، لحين أن تسمح الجهات الأمنية بفتح الكنيسة والتي بنيت في سنة ٢٠٠٩، وما تزال مغلقة حتى الآن تعود احداث الخلافات علي المكان الي فبراير 2012 عندما وقعت اشتباكات طائفية بين اقباط ومسلمي القرية بسبب افتتاحها رسميا ككنيسة داخل القرية وتجمهر المئات من الشباب والصبية حول المبني متهمين المسيحيين بتحويل المبني لكنيسة وفتحه بغرض الصلاة فيه دون ترخيص وفور تدخل قوات الامن للحيلولة بين الجانبين التزم الاهالي الصمت رغم ان اقرب مكان يمكن الصلاة به يبعد 7 كيلو متر عن القرية وبعد ذلك تم تشكيل لجنة وقاموا بالموافقة على تخصيص قطعة أرض لأقباط القرية للصلاة فيه، كمكان مؤقت ،ولكن استمر هذا الوضع لأكثر من عام دون اى جديد .
وئام بين المسلمين والمسيحيين
حاولنا أن نقترب من المشكلة أكثر وتحدثنا الى أحد مسيحيين القرية – رفض ذكر الأسم- وقال: فكرة إنشاء خيمة للصلاة فيها جاءت بعد أن قام المسيحيين فى القرية ببناء كنيسة تسمى كنيسة العذراء مريم والشهيد أبسخرون القلينى بالقرية،وكان بداية بنائها بالقرية عام 2006 وأستمر حتى عام 2009 وحاولنا لمدة سنوات وحتى الأن من الحصول على ترخيص لها ولكن كل المحاولات باءت بالفشل،وقمنا بإفتتاح الكنيسة عام 2011 وعندما دخل كاهن القرية للصلاة داخلها فى اليوم الأول حضر الأمن الى الكنيسة ومنع الكاهن من الصلاة وقام بإغلاق الكنيسة بحجة دواعى أمنية فى حين أن هناك حالة وئام شديد بين المسلمين والمسيحيين بالقرية ولايوجد اى إعتراض من قبل المسلمين على إفتتاح الكنيسة ولانعلم السبب لغلق الأمن للكنيسة !.
وأضاف: شيخ القرية ويدعى “إبراهيم أبو الحسينى” قام فى شهر ديسمبر 2015 بكتابة خطاب أكد فيه على عدم وجود أى مشاكل لدى مسلمين القرية من إفتتاح الكنيسة وقام بالتوقيع على الخطاب خمسة وعشرون فرد من كبار مسلمين القرية وتم إثبات هويتهم بالرقم القومى فى الخطاب،وطالبوا فيه بإفتتاح الكنيسة المغلقة وتم تسليم الخطاب للأمن والى الأن لم نتلقى رد من الأمن على الخطاب.
وأشار الى انه نظراً لأن عدد المسيحيين فى القرية يصل الى 1000 فرد تقريباً وأقرب كنيسة لنا هى كنيسة بقرية صفط اللبن والتى تبعد 4 كيلو متر تقريباً ونتعرض كمسيحيين الى مضايقات وإعتداءات فى الشوارع أثناء ذهبنا الى الكنائس خارج القرية فكرنا كمسلمين ومسيحيين بإقامة خيمة على قطعة أرض مملوكة لقبطى بالقرية مساحتها 100 متر للصلاة داخلها،وأبلغنا الأمن بذلك وكان بداية الصلاة داخل الخيمة بداية عام 2015 وأقمنا داخلها كل الشعائر الدينية حتى هذه اللحظة وبعد أن تم حرقها نصلى فى العراء لأنه ليس لدينا بديل أخر .
قرار عاجل
وأوضح عزت إبراهيم مدير المركز المصرى لحقوق الإنسان بالمنيا: هناك علامات إستفهام فى عدم إقامة الشعائر الدينية فى كنيسة العذراء والشهيد أبسخرون القلينى وغلق الكنيسة رغم عدم إعتراض مسلمين القرية على إفتتاحها وصلاة المسيحيين فى خيمة،وأشار: بعد حادث حرق الخيمة فى ظل الحرائق التى تشهدها مصر فى الفترة الأخيرة والتى يقوم المسيحيين فى القرية بإقامة الصلوات والطقوس الدينية داخلها سواء أفراح أو الصلاة على الموتى أو الإجتماعت أوالقداسات فليس هناك بديل إلا أن يصدر قرار عاجل بفتح الكنيسة.
وتابع إبراهيم: فى حالات غلق الكنائس لدواعى أمنية يكون هناك مشاكل فى القرية بين المسلمين والمسيحيين تحول دون أفتتاح الكنيسة وغلقها ولكن كنيسة قرية الإسماعيلية البحرية حالتها مختلفة فالمسلمين فى القرية ليس لديهم مانع بل يطالبون بإفتتاحها ولكن الأمن هو الذى قام بإغلاقها،خاصة وأن المسيحيين الأن فى القرية يصلون فى العراء فى درجة حرارة مرتفعة للغاية.
وطالب مدير المركز المصرى لحقوق الإنسان بالمنيا قائلاً: لابد من سرعة إصدار قانون بناء وترميم الكنائس فى أقرب وقت لأنه سيكون سبباً فى حل أزمات كثيرة تواجهها الكنائس منذ سبعبنات القرن الماضى سواء كنائس مغلقة أو كنائس تحتاج الى توسع أو مناطق ليس بها كنائس فى الوقت الذى تزايد فيه عدد المسيحيين ويحتاجون فيه لمثل هذا القانون لحل مشاكل العديد والعديد من الكنائس فى مصر.
الحق والقانون
وعلق د. ايهاب رمزى أستاذ القانون والبرلمانى السابق على مشكلة كنيسة قرية الإسماعيلية البحرية وأشار: “الحق يتولد من خلال القانون” وبالتالى فإن صدور قانون بناء وترميم الكنائس بنصوص بها سهولة ويسرسيساهم كثيراً فى حل مثل هذه المشكلات التى تعانى منها الكنائس،وتابع:المشكلة ليس فى صدور القانون ولكنها تكمن فى نصوص القانون الذى يخرج عليها حيث أنه من الممكن أن يصدر القانون بنصوص مجحفة ومتعسفة تكون بها مساحات تعرقل عمليات البناء والترميم للكنائس،وطالب البرلمان بسرعة صدور قانون بناء وترميم الكنائس بنصوص تحل جميع المشكلات التى تعانى منها الكنائس.
تعقيب الأجهزة الأمنية
لقد تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن المنيا ، من تحديد هوية مرتكبي حريق الخيمة التابعة للكنيسة بقرية الإسماعيلية البحرية بمركز المنيا وجارى التحقيق مع المتهمين، و تم تحديد هوية منفذي الحريق وضبطهم وهم محمد. م .ع 24سنة سائق ، ورمضان. م. أ 18سنة فلاح مقيمان بنفس القرية. وقد كشفت تحريات فريق البحث الجنائي إن المتهمان ليس لهما اى انتماءات سياسية ، وانهما قام بفعلتهم إنتقاما من خفير الحراسة لسابقة خلافات معه ويدعى” إبراهيم شحاتة عطية “خفير نظامي المكلف بحراسة المقر الكنسى
قال اللواء محمود عفيفى مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن المنيا ,أن المشكلة ترجع الى رفض عددا من أهالى القرية المسلمين لفتح الكنيسة وليست لاى اسباب أخرى , معللا أن تعداد القرية حوالى ستة الاف نسمة منهم 80% من المسلمين .
وحول الإجراءات القادمة الخاصة بفتح الكنيسة المغلقة قال اللواء عفيفى أن القضية مسألة وقت وأن الأمور ستأخذ وضعها الطبيعى وفى القريب سيتم فتح الكنيسة مرة أخرى للصلاة وإقامة الشعائر الدينية بعد التفاوض مع الطرف الاخر الرافض لفتح الكنيسة .
و فى هذا الصدد أكد الدكتور منير مجاهد رئيس مجموعة مصريين ضد التمييز على أحقية المواطنيين فى ممارسة شعائرهم الدينية وأن الدولة هى المسؤول الاول والاخير فى نشر مفهوم المواطنة ,واحترام سيادة القانون وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الانسانية للمواطنين .
واشار مجاهد الى ان هناك كنائس كثيرة حاصلة على تراخيص ولم تبنى او تفتح حتى الان .
وطالب مجاهد بسرعة الانتهاء من قانون بناء دور العباد الذى من المقرر الانتهاء منه مؤخرا بالبرلمان فهو الخطوة الأولى فى حل المشكلة بشكل عام
وأضاف مجاهد : ان ما يحدث فيما يتعلق ببناء الكنائس او اعادة فتح الكنائس المغلقة للصلاة شىء متناقض مع روح الدستور وروح العدالة والمساواة والمواطنة ،المفروض اى مواطن له حق ممارسة الشعائر الدينية الخاصة به .ودورنا حاليا هو مواصلة الضغط على مجلس النواب ،وتقديم تصوراتنا فى الاشياء التى نريدها فى هذا القانون لتسهسل الاجراءات .
ولكن فى ذات الوقت القانون فى حد ذاته ليس هو الحل فقط بل يجب ان يكون هناك إعمال للقانون الذى نطمح فى إصداره . وأؤكد مرة أخرى كل هذا ليس مبررا لمسألة اغلاق بعض الكنائس حتى الان – بحجة الدواعى الامنية – لكنها تحتاج المزيد من الجهد لاعادة فتح الكنائس المغلقة للصلاة ،والسعى لبناء كنائس جديدة. كما أطلب بتفعيل القانون وتفعيل مبدىء المواطنة والمساواة بين جميع المواطنين وهذا حق للجميع .”