تحسن أداء مصر هذا العام فى مؤشر التنافسية العالمية ، حيث تقدم إلى المركز 116 (من إجمالى 140 دولة) مقابل المركز 119 (من إجمالى 144 دولة) فى العام الماضى ، إذ تقدمت مصر فى ركزتيى المتطلبات الأساسية التى ترجع إلى تحسن البيئة المؤسسية ونوعية البنية التحتية ، فى حين أظهرت مؤشرات البيئة الاقتصادية الكلية بعض التراجع ، كما انخفضت جودة التعليم الأساسى ومؤشرات الصحة ويعود تحسن ركيزة محفزات الكفاءة إلى تحسن الأداء على صعيدى كفاءة سوق المال وكبر حجم السوق كما حدث تحسن طفيف فى أسواق السلع والعمل ، علماً بأن ترتيب مصر لم يتغير فيما يتعلق بركيزة الإبتكار وتطور الأعمال . ويظهرتحسن البيئة المؤسسية فى تعزيز إستقلال القضاء وحقوق الملكية وزيادة القدرة على فض المنازعات التجارية ، أما بالنسبة للبنية التحتية فجاء ترتيب مصر أفضل فيما يتعلق بكفاءة المؤانىء وتوفير الكهرباء. وقد تحسنت كفاءة سوق السلع جراء التدابير المتخذة للحد من الممارسات الإحتكارية وإزالة بعض الحواجز التجارية وتحسن القواعد المنظمة للإستثمار الأجنبى المباشر ، وكلها عوامل تؤثر إيجابياً على جذب الاستثمار الأجنبى المباشر ، كما أظهرت بعض التحسن فيما يتعلق بمستوى التركز فى بعض الأنشطة الاقتصادية ، كما تحسن سوق المال خصوصاً فيما يتعلق بسلامة الفجهاز المصرفى حنباً إلى جنب تحسن حجم السوق المحلية .
تحسن طفيف ومستقر نسبياً
من جانبها أوضحت الدكتورة أمنية حلمى مديرة البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن مؤشر التنافسية العالى لعام (2015 -2016) يشير إلى تحسن أداء الاقتصاد المصرىة لأول مرة منذ عام (2010 – 2011) ، لكنه تحسناً طفيفاً ويُعد مستقراً نسبياً ، حيث سجلت مصر ترتيباً متأخراً فى عدة ركائز فرعية أهمها عجز الموازنة ونوعية التعليم الإبتدائى ونظام التعليم العالى وإتاحة خدمات البحث والتدريب وتكلفة الإرهاب على الأعمال وفاعلية مجالس الإدارات ومشاركة المرأة فى قوة العمل ، منوهة إلى ترتيب مصر المتأخر على المستوى الإقليميى ، حيث سبقتنا كل من الإمارات إلى المركز رقم 17 والكويت إلى المركز 34 والإردن إلى المركز 64 وتونس إلى المركز 92 ولبنان إلى المركز 101 . وأضافت الدكتورة أمنية حلمى فى الورقة البحثية التى أعدتها حول ترتيب فى مؤشر التنافسية أنه بإستطلاع آراء مجتمع الأعمال أتضح أن تطور أداء تنافسية مصر يستلزم عدة إصلاحات يأتى على رأسها استقرار السياسات ورفع كفاءة الجهاز الإدارى للدولة وتيسير الحصول على التمويل ووضع لوائح النقد الأجنبى للحد من التضخم وجعل لوائح العمل أكثر مرونة والعمل على تشجيع القدرة على الإبتكار وغيرها من الإصلاحات .
استهداف معدل نمو يُقدر بـ 7%
وترى الدكتورة نهال المغربل المساعد الأول لوزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى أن النتائج الواردة فى مؤشر التنافسية رغم تقدمها النسبى ، إلا أنها بعيدة عن الآمال المصرية ، مشيرة إلى إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة والتى تحدث عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى داخلياً وخارجياً ، إذ تهدف هذه الإستراتيجية إلى الوصول بترتيب مصر ضمن أول 30 دولة متقدمة ، وذلك بحلول عام 2030 ، بما فى ذلك النهوض بالتنمية البشرية . وأضافت : لتحقيق هذا المستوى تم وضع مجموعة من الأهداف والبرامج ، منها استهداف معدل نمو يُقدر بـ 7% والعمل على تخفيض عجز الموازنة ، والدفع بعدة مبادرات لرفع القدرات الإبتكارية والبحث العلمى لخدمة التطوير فى أغلب المجالات ، وفيما يتعلق بترتيب مصر بالنسبة للبنية الأساسية وكفاءة المؤسسات ، أوضحت الدكتورة نهال المغربل أن هذين المؤشرين ليسا متأخراً ، منوهة أن هناك 29 مليار جنيه موجه للإستثمار فى البنية الأساسية وذلك فى خطة 2015/ 2016 ، والتى ستكون لها مردود كبير فيما يتعلق بتيسير جذب الإستثمارات . واستطردت قائلة : نريد المزيد من الجهد فى مؤشرى الصحة والتعليم رغم ارتفاع المخصصات الموجهه إليهما ، إلا أن أغلبهما تذهب للأجور ، مؤكدة أن استراتيجية 2030 يتم التنسيق لها بالتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدنى .
تطوير السياسة النقدية والمالية
وقال محمد تيمور نائب رئيس مجلس إدارة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية : إن موضوع التنافسية فى غاية الأهمية لمصر خاصة وأننا سنكتمل 90 مليوناً فى ديسمبر القادم ، إلا أننا نستورد حوالى 65% من احتياجاتنا ، فكيف نكون أكثر تركيزاً لكى نصبح جزء من الاقتصاد العالمى ، مشيراً إلى أن مصر لديها شوطاً كبيراً لتطوير السياسة النقدية والمالية وتحويلها إلى حافز للنمو ، والعمل على استعادة مؤشراتنا فى جذب السياحة التى كانت تأتى لنا بـ 13 مليار دولار والآن انخفضت إلى 7 مليارات فقط ، مؤكداً على أهمية تذليل العقبات أمام الاستثمار الأجنبى ، والعمل على إشباع سياسة نقدية مشجعة على الاستثمار ، منوهاً أن الجنيه المصرى ارتفع أمام أغلب العُملات بنسبة 15 % لكنه يُسجل هبوطاً دائم أمام الدولار .
مصر ضمن أفضل 30 دولة فى العالم
وترى الدكتورة عبلة عبد اللطيف رئيس المجلس التخصصى الاقتصادى لرئاسة الجمهورية أن ترتيب مصر فى تقرير التنافسية ليس هو الهدف الرئيسى وإنما الرؤية ترتكز حالياً حول كيفية تصدرنا ضمن أفضل 30 دولة فى العالم ، وأضافت : لدينا مشاكل مزمنة وظروف مصر الاقتصادية لم تؤخذ فى الإعتبار عند إعداد تقريرالتنافسية العالمى ، إلا أننا نحاول الآن تحسين أداء الاقتصاد المصرى كما نحاول أن نكون على الطريق الصحيح بإتباع نموزج تنموى سليم يأخذ فى الإعتبار النواحى الإجتماعية ، مُعتبرة أن تقرير التنافسية هو مجرد مؤشر يركز على بعض النقاط ، لكن ينبغى أن نُزيد عليها مؤشرات أخرى أكثر إنصافاً لطبيعة الاقتصاد المصرى وفى موضوعات كالصناعة والتجارة .
المؤشر أداة تقييمية للعمل
وأشار الدكتور سيف الله فهمى رئيس المجلس الوطنى المصرى للتنافسية إلى إمكانية استخدام تلك المؤشرات من قبل الدولة كأداة تقييمية للعمل ، كما أنها يمكن أن تكون أداء ليتم وضعها أما وزير التعلثلاً ليحدد لنا كيف سيكون ترتيب مصر فى الأعوام القادمة ، مؤكداً أنه يجب التركيز على مؤشر التعليم فى تقرير التنافسية نظراً لأنه من المحددات لمؤشرات أخرى ، وقال: “رغم ذلك نتقهقر في هذا المؤشر سنة وراء سنة ، طبقاً للتقرير ، وجميع دول العالم يشير فيها مؤشر النمو مع مؤشر التنافسية ، كما أنه بدون النظر إلى تنافسية مصر سنظل محلك سر ” وأضاف : فالمغرب ترتيبها هذا العام يقع فى المركز الـ72 ، وهنا علينا أن ندرس كيف وصلت إلى هذا الترتيب مقارنة بمركزنا .
تقرير تنافسى لمحافظات مصر
وقال الدكتور حسام بدراوى رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب سابقاً والرئيس السابق للمجلس الوطنى المصرى للتنافسية : إن التعليم والتدريب يعد جزء هام ضمن مؤشرات التنافسية العالمية ، وبالتالى علينا حل مشاكل التعليم بعقلية تختلف عن تللك التى أسهمت فى إيجاد المشكلة ، مؤكداً أننا فى مصر نمتلك الكثير من الخبرات التراكمية ، مما يجعلنا لا يمكن البدء من الصفر، وإنما وضع خطة وبرامج واضحة المعالم يتم تنفيذها من قبل الحكومات المتعاقبة ، أما فيما يتعلق بالنهوض فى المؤشر العام للتنافسية ، أشار د. بدراوى إلى وجود تصور لإصدار تقرير تنافسى لمحافظات مصر ، كوحدات أصغر لللدولة ككل ، على أن يتم وضع مؤشرات فى مجالات الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات ، وذلك لأن كل محافظة هى نموذج مصغر لمصر ، ويُعد نتاج كل المحافظات هو ناتج مصر فى ترتيب التنافسية العالمية .