كان من مدينة مورا ، و اسم ابيه ابيفانيوس وامه تونة , وقد جمعا إلى الغنى الكثير من مخافة الله . ولم يكن لهما ولد يقر أعينهما ويرث غناهما . ولما بلغا سن اليأس تحنن الله عليهما ورزقهما هذا القديس الذى امتلأ بالنعمة الإلهية منذ طفولته. ولما بلغ السن التى تؤهله لتلقى العلم اظهر من النجابة ما دل على إن الروح القدس كان يلهمه من العلم أكثر مما كان يتلقى من المعلم .
ومنذ حداثته وعى كافة تعاليم الكنيسة , فقدم شماسا ثم ترهب فى دير كان ابن عمه رئيسا عليه فعاش عيشة النسك والجهاد والفضيلة حتى رسم قسا وهو فى التاسعة عشرة من عمره . وأعطاه الله موهبة عمل الآيات وشفاء المرضى حتى ليجل عن الوصف ما أجراه من آيات وقدمه من إحسانا وصدقات .. ومنها انه كان بمدينة مورا رجل غنى فقد ثروته حتى احتاج للقوت الضرورى وكان له ثلاث بنات قد جاوزن سن الزواج ولم يزوجهن لسوء حالته فوسوس له الشيطان إن يوجههن للعمل فى أعمال مهينة ولكن الرب كشف للقديس نيقولاوس ما أعتزمه هذا الرجل ، فاخذ من مال أبويه مائة دينار ووضعها فى كيس وتسلل ليلا دون إن يشعر به أحد وألقاها من نافذة منزل الرجل وكانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس وفرح كثيرا واستطاع إن يزوج بهذا المال ابنته الكبرى . وفى ليلة أخرى كرر القديس عمله والقي بكيس ثان من نافذة المنزل وتمكن الرجل من تزويج الابنة الثانية .
إلا إن الرجل اشتاق إن يعرف ذلك المحسن ، فلبث ساهرا يترقب وفى المرة الثالثة حالما شعر بسقوط الكيس اشرع إلى خارج المنزل ليرى من الذى ألقاه ، فعرف انه الآسف الطيب القديس نيقولاوس فخر عند قدميه وشكره كثيرا لأنه أنقذ فتياته من فقر إما هو فلم يقبل منهم إن يشكروه بل أمرهم إن يشكروا الله الذى وضع هذه الفكرة فى قلبه .
رسامته اسقفا
و لما تنيح أسقف مورا ظهر ملاك الرب لرئيس الأساقفة فى حلم واعلمه بان المختار لهذه الرتبة هو نيقولاوس واعلمه بفضائله ولما استيقظ اخبر الأساقفة بما رأى فصدقوا الرؤيا وعلموا أنها من السيد المسيح ، واخذوا القديس ورسموه أسقفا على مورا وبعد قليل ملك دقلديانوس وآثار عبادة الأوثان ولما قبض على جماعة من المؤمنين وسمع بخبر هذا القديس قبض عليه هو أيضا وعذبه كثيرا عدة سنين ، وكان السيد المسيح يقيمه من العذاب سالما ليكون غصنا كبيرا فى شجرة الإيمان ولما ضجر منه دقلديانوس ألقاه فى السجن ، فكان وهو فى السجن يكتب إلى رعيته ويشجعهم ويثبتهم ولم يزل فى السجن إلى إن اهلك الله دقلديانوس ، وأقام قسطنطين الملك البار فاخرج الذين كانوا داخل السجون من المعترفين وكان القديس من بينهم وعاد إلى كرسيه .
غيرته على الإيمان
يقول القديس ميثوديوس Methodius أنه بسبب تعاليم القديس نيقولاوس كان كرسى ميرا هو الوحيد الذى لم يتأثر ببدعة اريوس.
اهتمام القديس بشعبه
من القصص التى تروى عن اهتمام القديس بشعبه أن الحاكم يوستاثيوس Eustathius أخذ رشوة ليحكم على ثلاثة رجال أبرياء بالقتل , وفي وقت تنفيذ الحكم حضر القديس نيقولاوس إلى المكان وبمعجزة شل يد السياف وأطلق سراح الرجال ثم التفت إلى يوستاثيوس وحركه للاعتراف بجريمته وتوبته. وكان حاضرا هذا الحدث ثلاثة من ضباط الإمبراطور كانوا فى طريقهم إلى مهمة رسمية فى فريجية Phrygia، وحين عادوا إلى القسطنطينية حكم عليهم الإمبراطور قسطنطين بالموت بسبب وشاية كاذبة من أحد
الحاقدين .
تذكر الضباط ما سبق أن شاهدوه داخل ميرا من قوة حب وعدالة أسقفها فصلوا إلى الله لكى بشفاعة هذا الأسقف ينجون من الموت. فى تلك الليلة ظهر القديس نيقولاوس للإمبراطور قسطنطين وهدده إن لم يطلق سراح الأبرياء الثلاثة .
فى الصباح ارسل واستدعاهم للتحقيق معهم وحين سمع أنهم تشفعوا بالقديس نيقولاوس الذى ظهر له ، أطلق سراحهم فى الحال وأرسلهم برسالة إليه طالبا منه ألا يهدده بل يصلى من أجل سلام العالم .. ظلت هذه القصة لمدة طويلة من أشهر معجزات القديس نيقولاوس .
سانتا كلوز
بعد نياحة القديس نيقولاس انتشرت سيرته العطرة وعمت أماكن عديدة داخل روسيا وأوربا خاصة ألمانيا وسويسرا وهولندا وكانوا يتبادلون الهدايا فى عيد الميلاد على اسمه , وبدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة.. وجاء اسم ” بابا نويل ” ككلمة فرنسية تعنى اب الميلاد وظن البعض أن موطن ” بابا نويل ” هو السويد وذهب البعض الآخر أن موطنه فنلندا خاصة أن هناك قرية تدعى قرية ” بابا نويل ” يروجون لها سياحيا انها مسقط رأس بابا نويل , ويزورها نحو 75 ألف طفل سنويا ومع اكتشاف أمريكا حمل المهاجرون معهم قديسيهم ومنهم القديس نيقولاوس او سانت نيقولا وتطور الاسم حتى صار سانتا كلوز .
أما الصورة الحديثة ل ” بابا نويل ” فقد ولدت على يد الشاعر الأمريكى كلارك موريس الذى كتب سنة 1823 قصيدة بعنوان ” الليلة التى قبل عيد الميلاد ” يصف فيها هذا الزائر المحبب ليلة عيد الميلاد.
وفي عام 1881، قام الرسام الأمريكى ” توماس نيست ” فى جريدة ” هاربرس ” بإنتاج اول رسم لبابا نويل كما نعرفه اليوم ببدلته الحمراء الجميلة وذقنه البيضاء الطويلة وحذائه الأسود اللامع . ويقال أن ذلك كان ضمن حملة ترويجية لشركة كبرى ربما تكون كوكاكولا , ومن وقتها انتشر ” بابا نويل ” فى ثوبه الجديد ” نيو لوك ” وصار من أشهر الشخصيات التى يحبها الأطفال فى كل أنحاء العالم ومع تغير المكان تخلى ” سانتا كلوز ” عن حماره الذى كان يحمل عليه الهدايا والألعاب ليمتطى زحافة على الجليد يجرها ثمانية غزلان يطلق عليها حيوان ” الرنة ” ذو الشكل المميز .
تروى الحكايات أن ” بابا نويل ” يضع للأطفال الهدايا داخل ” جوارب ” صوفية يضعونها فوق المدفأة في منازلهم حيث كان يتسلل ” بابا نويل ” من خلال فتحة المدفأة حتى لا يراه الأطفال ليلا ويفاجئون بالهدايا فى الصباح فيتملكهم السرور أكثر وأكثر .
وفى مصر انتشر ” بابا نويل ” في الكنائس القبطية في احتفالها برأس السنة الميلادية , وصار رمزا شعبيا للاحتفال بالعام الجديد ونسى الكثيرون انه قديس ومعترف به فى الكنيسة الأولى .. كنيسة القرن الرابع الميلادى .