يعرض حاليا على خشبة مسرح كنيسة مارمرقس بشبرا و على مدار اسبوعين عرض خاص لمسرحية ” سكة السلامة ” للكاتب سعد الدين وهبة و لكن بطريقة مختلفة تقدم من خلال سيناريو جديد و هادف يصور فيه الصراع القائم بين العلم و الجهل فى مواجهة الخوف الذى يضفيه الارهاب الاعمى حيث اشاعة الفوضى و عدم الاستقرار داخل المجتمع الذى نعيشه و هو ما يفرض ضرورة الوقوف كيد واحدة ضد ذلك العدوان الغاشم الذى يحاول فرض سيطرته بالسلاح و اراقة الدماء .
يستمتع المشاهدين بالعرض الذى يقدم على مدار الساعة لمسرحية ” سكة السلامة ” و التى تعود احداثها الى ضل مجموعة تضم شخصيات مختلفة تمثل طوائف المجتمع , للطريق فى سكة سفر بسبب احدهم لتضييع احلام الكثيرين ممن كانوا معهم فى الطريق و منهم المحامى و الصحفى و الفنانة المشهورة و البلطجى و غيرهم و لعل خيال المؤلف عمل على اضافة ملامح جديدة للسيناريو باضافة شخصية مواطن امريكى ضمن المفقودين لاضفاء المرح و الاستمتاع بالمشاهدة من خلال سرده عن كونه مواطن امريكى و كيفية تمتعه بمميزات تختلف عن اى مواطن آخر له موضحا ان حكومته لن تهدأ لما حدث بكونها حكومة تعتنى برعاياها الرعاية الكاملة هو ما يوضحه ” اثبات الشخصية الخاص به بان الحكومة الامريكية تضمن لحامله كافة الحقوق القانونية و السلامة .. و هذا ما اوضحه مشهد اهتمام وسائل الاعلام المختلفة بالمواطن الامريكى و تصوير المسألة على انها عملية اختطاف و تهيييج الرأى العام من اجل رجوع و سلامة ذلك المواطن الامريكى فى المقابل عدم التطرق للمواطنين المصريين و عدم ذكرهم فى محاولة من المؤلف لاضفاء بعض الاسقاطات بعدم ذكر اهمية للمواطنين المصريين و هو اضاف جو من المرح بالسخرية من الاوضاع المؤسفة التى نعايشها .
و امام الواقع الاليم الذى يعايشه ابطال المسرحية , اضطرت كل شخصية تحكى عن حلمها و خوفها من مصيرها المجهول و الانتظار للموت فى كل لحظة ليتأتى سائق النجاه يحيي داخلهم الامل داخل كل شخص منهم بوجود مكان يسع شخص واحد فقط يمكنه العودة بصحبة ذلك السائق لنجد كافة الشخصيات تتصارع و تحاول اقناع السائق بانه الاحق و الاولى للرجوع و لكل منهم وجهه نظره فالامريكى يرى ان حكومته لن تهدأ و انه برجوعه سيحاول مساعدة الاخرين لانقاذهم . اما الصحفى يرى رجوعه ذو اهمية لنشره مقاله الصحفى لاثارة الرأى العام و تحريك المسئولين و الفنانة لاستكمال مشوارها الفنى و غيرها من الطموحات و الاحلام و الامال , ليضطر هنا السائق الاستماع لكل شخصية على حدى لمعرفه ظروفه فى محاولة للمفاضلة فيما بينهم لتعاندهم الظروف مرة أخرى بتعطل السيارة ليضاف اليهم السائق ليلاقى ذات المصير المحتوم دون انقاذ احد .
وجاء خيال المؤلف يتضح فى رسم ملامح جديدة على السيناريو المتعارف عليه ليمزج الواقع المعاش بالقصة المطروحة المتعارف عليها ليطرح نهاية مختلفة عن المسرحية الاساسية كى تحاكى واقعنا الحالى بظهور الشخصية المحورية التى تمثل الارهاب الاعمى حيث تجسيد شخصية البدوى الذى يريد قتلهم و استباحة دمائهم من خلال ترويعهم و ارهابهم تحت تهديد السلاح .. و هنا يأتى دور الصحفى الشاب فى تشجيعهم على مواجهته دون الخوف و التوحيد كيد واحدة و كأنه الصراع بين العلم و الجهل , و لا شك انه ما بين ذلك الصراع راح ضحايا ابرياء منهم شخصية الصحفى الذى استشهد بدم بارد على يد الارهاب الاثم و الغاشم لكونه وقف ضد الطغيان و ضد الهيمنة و السيطرة من اجل تحرير المجموعة المختطفة من ايدى الشخص البدوى , فكانت النتيجة ازهاق حياته مقابل تحريرهم , و لعل هذا اسقاط اخر ربما قصد المؤلف التلويح لروح الشهيد الحسينى أبو ضيف الذى اريق دمائه من اجل تحرير الوطن من قبضة الاخوان و فرض سيطرتهم على الوطن لتنتهى القصة بانتصار العلم على الارهاب بتوحدهم ضد البدوى مثلما يحدث فى واقعنا الحالى بانتصار الشعب على قوى الظلام باستثناء ما يحدث من عمليات ارهابية بين الحين و الاخر كضريبة لتطهير المجتمع من سمومه .
عرض ” سكة السلامة ” مأخوذ عن المسرحية الشهيرة التى تحمل نفس الاسم للكاتب المصرى سعد الدين وهبة , و لقد تألقت بها على المسرح كوكبة من عمالقة المسرح المصرى عند تقديمها فى مهرجان المسرح للجميع فى اواخر التسعينيات . من المميز فى هذه المسرحية أنها تحمل أفكار فنية صالحة لكافة الاوقات مثل الرحلة الشخصية لكشف الذات و الكارثة التى تضعك فى مفترق الطرق و ارتباط المصير بمصير أخرين .
” سكة السلامة أو سكة الندامة ” هو تعبير مصرى أصيل يستخدمه المصرى عندما يتحدث عن الاختيارات .. عن الاختيارات تتحدث المسرحية .. عن اختيار البقاء أو الرحيل , عن اختيار ان تتبنى رأيا حرا و عن اختيار القناع المناسب .. و عن الاختيارات .. للوطن عندنا يكون فى مفترق طرق .
يذكر ان تأسيس فريق تمثيل كنيسة مارمرقس للدراما عام 1970, و لقد نقل الجيل الاول للفريق حب المسرح و كيفية تقديم الفن بكافة قواعده داخل الكنيسة دون الاخلال لابما لها من قداسة .
يؤمن الفريق بوطنية الكنيسة المصرية و ان الكنيسة من خزائن الهوية المصرية , لذا يقدم مسرحا يتخطى حدود الكنيسة و لكن يحمل مبادئها أينما ذهب .. يؤمن الفريق بان المسرح يستطيع تغيير الكثير من خلال طرح الافكار و المفاهيم الكبيرة فى أطر جمالية تلمس أرقى ما بالنفس الانسانية لتسمو بها , و من خلال الصراع الكامن خلف الحدث الذى ” يشخصه ” الممثلون يجد المشاهد نفسه على الخشبة حيث يحاسبها و يعاتبها لتتغير و ترقى .
لا يقدم الفريق ” مسرحا دينيا كنسيا ” تقليديا كما المتعارف عليه من ” تمثيل ” يتم تنفيذه على خشبة المسرح و يحمل الكثير من الوعظ المباشر , ان الفريق يقدم ذات الرسائل و لكن فى قالب فنى محترف حيث يعطى الفرصة للمشاهد ان يفكر و يستخلص كل لنفسه رسالته الخاصة لذا نجد ان الفريق قدم ما يزيد عن 20 من روايات و مسرحيات الادب العالمى و التى يتم اعدادها من قبل ورشة اعداد النص الى جانب بعض الاعمال من تأليف أعضاء الفريق . و تتم معالجة النص العالمى لتناسب العرض داخل الكنيسة دون ما يقلل من قيمته الادبية أو يخل بالدراما .
ينتمى الفريق الى منهج الفنان الروسى ” قسطنطين ستانسلافسكى ” المعروف بمنهج الصدق فى التمثيل , يطور أعضاء الفريق امكاناتهم عن طريق القراءة الحرة و الدراسة الاكاديمية للبعض و التدريب المستمر للكل لصقل حرفية الاعضاء لذا تعقد ورش اعداد ممثل خلال الشتاء حيث تقدم مسرحيات من فصل واحد من اعمال أدباء مصريين و عالميون مثل توفيق الحكيم و ألفريد فرج و سعد الدين وهبه و على سالم .
يقدم الفريق عرضا سنويا فى أكتوبر من كل عام سواء كان عرضا جديدا أو من ” ريبرتوار ” الفريق و تتنوع عروض الفريق بين المسرح التعبيرى الكلاسيكى و التجريبى و تقدم العروض بالعربية الفصحى و العامية المصرية .
نال الفريق جوائز عدة مثل جائزة احسن مخرج و جائزة لجنة التحكيم الخاصة عام 2007 فى مهرجان فرق الدراما المتحدة – المركز الثقافى الكاثوليكى المصرى عن مسرحية الرحاية . ايضا نال عدة جوائز فى مسابقات عديدة للهواة .
الجدير بالذكر من أهم أعمال الفريق : الناس اللى فى السما السابعة سقط الشيطان فى بابل ( عن مسرحية تحمل ذات الاسم للكاتب فريدريش دورينمات ) , المسيح يصلب من جديد ( نيقوس كازنتزاكس ) 1973 – 1987 , الملك لير ( وليم شكسبير ) 1978 و 1985 و 1988 و 2003 , رجل لكل العصور عام 1993 , أبيض و اسود – تنوعات على أوتار هملت ( وليم شكسبير ) عام 1995 و 1996 و 2001 و 2012 , أستئناف عن ” الكلاب تنبح القمر ” للكاتب د . عبد الغفور مكاوى 2000 , ماكبث ( وليم شكسبير ) 2006 , مركب بلا صياد ( أليخاندرو كاسونا ) 2002 , فى ليلة قمرية عن ” سيدة الفجر ” للكاتب الاسبانى ألخاندرو كاسونا 2008 , زيارة السيدة العجوز ( فريدريش دورينمات ) عام 1986 و 1991 و 1997 و 2007 , الرحاية ( ملحمة مصرية غنائية عن ” كرسى الاعتراف ” عام 2005 و 2007 و 2009 , تفاحة ادم عن مسرحية ” مهاجر برسبان ” للكاتب اللبنانى جورج شحادة عام 2009 .