أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري، أن دير سانت كاترين والوادي المقدس طوى هو مكان مقدس له طبيعة روحانية خاصة؛ لذا كان ملجأ الأمان لكل زوار العالم منذ القرن السادس الميلادي وحتى قبل إنشاء الدير كان الوادي المقدس طور ملجأ للرهبان طالبين العزلة والسكينة في هذا الموقع المقدس، حيث زارت الوادي الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع الميلادي وبنت للرهبان برج وكنيسة عند شجرة العليقة المقدسة واتجهت من الوادي المقدس طوى إلى القدس ومن وقتها بدأت رحلات التقديس عبر سيناء إلى سانت كاترين ومنه إلى القدس.
ويضيف الدكتور ريحان، أن المقدّسين المسيحيون ساروا على خطى القديسة هيلانة عابرين الوادي المقدس في أمان ومنهم الراهبة إجيريا أو إثيري، التي زارت سيناء بين أعوام 381 – 384م قادمة من أوروبا إلى منطقة الجبل المقدس بسيناء عازمة على اتخاذ نفس الطريق الذي سلكه بني إسرائيل في رحلة الخروج من مصر إلى فلسطين عبر سيناء وتطلق إيثيري تسمية سيناء على مجموعة من الجبال من بينها جبل الشريعة أو جبل سيناء وهو جبل موسى الحالى 2242م فوق مستوى سطح البحر ووصفت صعودها إلى جبل موسى، فقالت إنها وجدت على قمته كنيسة صغيرة، حيث أقيم قداس تلاه توزيع خيرات الله على شكل فواكه من إنتاج منطقة الجبل المقدس.
وجاء بوستوميان، وهو من أهالي ناريون بجنوب فرنسا إلى مصر عام 400م، بعد أن عبر البحر المتوسط في أربعين يومًا إلى الإسكندرية، ثم توجه للقدس عن طريق سيناء.
وكان معه عدة مرافقين ووصف لنا رحلته وجاء القديس أنطونين من إيطاليا إلى الجبل المقدس، وذكر أن عدداً هائلاً من النساك جاءوا لمقابلته ينشدون التراتيل.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن العلاقة بين الرهبان وأهل سيناء قائمة على أساس الجيرة الحسنة والتعاون فيما بينهم فكان أهل سيناء يقومون بأعمال الحراسة وإحضار المؤن للرهبان من ميناء الطور ويأخذوا أجورهم إما نقدًا أو عينًا وقد زار نعوم بك شقير مدير قلم التاريخ بوزارة الحربية بمصر دير سانت كاترين عام 1905م كمندوب من قبل سعادة السردار وذلك لعقد اتفاق بين رهبان الدير وعرب الطور بشأن تأجير جمال لنقل الرهبان وأمتعتهم من مدينة الطور والسويس إلى الدير وبالعكس وتم الإتفاق بين الطرفين على ذلك وكانت توزع على البدو حصص من الخبز والمؤن وما يزال التعاون بين الدير والرهبان حتى الآن فتقوم قبيلة الجبالية بخدمة رهبان الدير داخل الدير وآخرين يقومون بتأجير الإبل للسياح لصعود جبل موسى.
ويرصد الدكتور ريحان المواقف المشرّفة للرهبان عبر التاريخ حيث كان لهم دورًا بطوليًا وقت الحروب الصليبية واحتلال الصليبين للقدس حين عزم بلدوين الأول ملك أورشليم على زيارة الدير عام 1117م وكان يحضر الصليبيون للدير كزوار فقط ولكن الرهبان رفضوا طلب ملك أورشليم خوفًا على شعور الدولة الإسلامية حيث كانوا يعيشون فى ظل سماحتها.
ويوضح الدكتور ريحان أن الدير يقع فى نطاق منطقة آثار جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية ويشهد نهضة علمية ومحافظة على مقتنياته الهامة منذ تسجيله عام 1993 كما ساهمت المنطقة بدور علمى كبير فى تسجيله تراث عالمى باليونسكو عام 2002 وتمت أعمال ترميم شاملة بالديرعام 1986 شملت ترميم الكنائس والمسجد الفاطمى كما قامت بعثة آثار يونانية تحت إشراف المنطقة بأعمال ترميم لبرج القديس جورج بالجدار الشمالى الشرقى عام 2001 وبه قاعة السكيفوفيلاكيون وهو المكان المخصص لحفظ الأغراض الدينية من أيقونات وأوانى مقدسة وثياب مقدسة وتم إعدادها كقاعة عرض دائمة لأيقونات ومقتنيات الدير كما تمت أعمال ترميم فسيفساء التجلى بواسطة بعثة إيطالية وأعمال حفائر جنوب شرق الدير بواسطة بعثة آثار منطقة جنوب سيناء كشفت عن مساكن حراس الدير الذى أرسلهم جستنيان فى القرن السادس الميلادى وأسلموا بعد ذلك وهم قبيلة الجبالية حاليًا كما تم السماح بمعارض خارجية لأيقونات ومخطوطات ومقتنيات الدير لعدة دول شملت اليونان وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وأسبانيا وتتواصل أعمال الترميم والصيانة بصفة دائمة ويزور الدير سياح من كل الجنسيات منهم من يبقى لعدة أيام بفندق الدير ومنهم من يقضى ليلة واحدة يصعد خلالها جبل موسى لرؤية شروق الشمس من أعلى الجبل والتبرك بالمكان المقدس