في ذكرى دخول العائلة المقدسة مصر أول يونيو يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء أن العائلة المقدسة قطعت بمصر 2000كم ذهابا وإيابا ومكثت بها 3 سنوات و11 شهر وبدأت رحلتها من رفح بشمال سيناء إلى دير المحرق بالقوصية ويستعرض الملامح المعمارية والفنية لدير المحرق آخر محطات الرحلة مستنداً إلى كتاب ” دير جبل قسقام – قدس – تراث” تقديم الأنبا ساويرس أسقف ورئيس الدير ويشمل الرهبنة فى المسيحية وتاريخ الدير عبر العصور والدير والتراث .والمعالم القديمة والحديثة بالدير
كنيسة السيدة العذراء
يوضح الدكتور ريحان أن الكنيسة القديمة بالدير وهى كنيسة السيدة العذراء هى البيت المهجور الذى عاشت فيه العائلة المقدسة وبقى على مساحته كما هو حتى الآن وعندما تحول هذا البيت فى العصر المسيحى المبكر إلى كنيسة تم عمل التقاسيم والحواجز المناسبة لطقس الكنيسة فتم عمل الشرقية وعلى جانبيها حجرتان الشمالية لملابس الكهنة بدون باب يفتح على صحن الكنيسة والجنوبية لخدمة الشماسة وتميز هيكل الكنيسة بمذبح حجرى والمعروف لدى علماء الآثار باستخدامه منذ عصر مبكر وهو الحجر الذى جلس عليه السيد المسيح طبقاً للتقليد
والمذبح على شكل مكعب غير متساوى الأضلاع على سطحه رخامة لها حافة على شكل نصف دائرة وتاريخه 11 ديسمبر 746م وتعتبر الرخامة النصف دائرية من الأشكال النادرة التى تنفرد بها المذابح القبطية الأثرية فى مصر وفكرة النصف دائرة هى تقليد قبطى قديم ظهر فى الأيقونات التى تمثل العشاء الربانى وفيها المائدة على شكل نصف دائرة ويعتبر الهيكل بحجرتيه والمذبح أقدم ما يوجد حالياً بالكنيسة الأثرية ومع تعدد الترميمات أصبحت حوائطه سميكة
أما صحن الكنيسة فقد تغير فى القرن 19م ولم يتبق من القديم إلا الحائط القبلى الممتد فى الخورسين الأول والثانى فقط أما بقية الحوائط فقد أنشئت فى القرن 19م كما يلاحظ أن أبواب الكنيسة قديمة وخصوصاً الباب الأوسط وذلك من طريقة صناعتها ويشهد التاريخ بأن الكنيسة لم تخرب ويجب ترميمها من وقت لآخر لأن حوائطها من الطوب اللبن
ترميمات الكنيسة
ويشير د. ريحان إلى ترميمات الكنيسة الأثرية فى القرن 16م والتى شملت بناء القباب الثلاث أعلى الهيكل وفى القرن 19م تم توسيع الصحن قليلاً وبناء القباب السبع أعلى صحن الكنيسة والمحمولة على حنيات ركنية وأصبح لصحن الكنيسة ثلاثة خوارس وهو نفس التقسيم للكنائس فى القرون الأولى وهو خورس السامعين أى الموعظين قبل العماد وخورس الباكين أو التائبين وخورس المؤمنين وهم المشتركين فى سر الإفخارستيا وتعنى الشكر كما أنشئت الصالة الخارجية يتوسطها عامودان ويغطيها سقف خشبى وفى الثلاثينيات من القرن العشرين وضعت طبقة المصيص الموجودة حالياً داخل الكنيسة وخارجها وبلطت أرضيتها
حامل الأيقونات
وعن أيقونات الدير بالكنيسة القديمة يؤكد د. ريحان وجود حاملان للأيقونات ” إيكونستاسس ” الأول امام الهيكل مباشرة يحجز بينه وبين صحن الكنيسة ويرجع للقرن 16 ، 17م وكما ذكر المؤرخ الكنسى الأنبا يوساب أسقف فوه فى تاريخ البطاركة (1131 – 1145م) هو أول من أوجد فكرة المقاطع الخشبية على الهياكل لأنه لم يكن ثمة مقطع إلا على كنيسة أبى سرجة فقط وهذا الحامل مكون من قطع صغيرة من الخشب هندسية الشكل ومجمعة بطريقة التعشيق فى شكل وحدات زخرفية على هيئة صليب محفور ومطعم بالعاج وأما الحامل الثانى فيقع بجوار الأول ومنقول من كنيسة الأحباش
ومن أقدم الأيقونات بالدير والتى تعود للقرن 18م أيقونة هروب العائلة المقدسة والمرسومة على النسيج ورسمها يوحنا الأرمنى وأيقونة الشهيد مارجرجس الفلسطينى 1794م والأيقونات المركبة على حامل الأيقونات ” إيكونستاسس ” وهى أيقونة السيدة العذراء وأيقونة الصعود وتعودا للقرن 19م وأيقونة السيدة العذراء القروية وأيقونة القمص ميخائيل البحيرى
كنيسة العذراء الجديدة
وتستمر الرحلة مع الدكتور ريحان منوهاً إلى وجود كنيسة جديدة بالدير أنشأها القمص عبد الملاك الأسيوطى رئيس الدير فى أواخر القرن 18م وفى سنة 1878م بدأ القمص ميخائيل الأبوتيجى رئيس الدير فى إنشاء كنيسة جديدة باسم السيدة العذراء على أنقاض كنيسة مارجرجس وانتهى منها سنة 1880م وأطلق على المذبح البحرى اسم يوحنا المعمدان وعلى القبلى مارجرجس على أساس أن المذبح الأوسط هو بالاسم الجديد للكنيسة وهو اسم السيدة العذراء ولكن اسم مارجرجس هو الذى كان سائداً على الألسن والدير كله باسم السيدة العذراء
وأيقونات هذه الكنيسة المثبتة على الإيكونستاسس من الفن البيزنطى الأصيل رسمها فنانان مشهوران فى مدينة أورشليم أواخر القرن 19م وهما نقولا تاودورى الأورشليمى ودمترى جرجس الأورشليمى وهناك أيقونة السيدة العذراء داخل المقصورة من رسم أنسطاسى الرومى القدسى فى القرن 19م
الحصن الأثرى القديم
ويوضح د. ريحان المعالم المعمارية للحصن الأثرى بالدير الذى يعود للقرن السادس أو السابع الميلادى وهو من أصغر الحصون فى الأديرة العامرة الآن وبنيت الحصون داخل الأديرة لحمايتها وكان أولها فى دير أبى مقار وهو أكبرها حجماً بنى فى أواخر القرن الخامس الميلادى فى عهد الملك زينو الذى توفى 491م والحصن هنا قوى البناء له مدخل واحد يؤدى لقنطرة خشبية متحركة ويحوى غرف لإيواء الرهبان وكنيسة باسم الملاك ميخائيل وغرفة للدفن موجودة بين سقف الكنيسة وسطح الحصن ومخابئ للطوارئ وأهمها الموجود أسفل مذبح الكنيسة بالحصن
وارتفاع الحصن 16.57م وقاعدته 10.53م طولاً 10.10م عرضاً والدور الأول على مستوى 5.43م ويحتوى على ممر موضوع على المحور ومغطى بعقود مستعرضة وفى نهايته فجوة وضعت بها الاسطوانة الخشبية التى تستعمل فى إدارة السقالة المتحركة مواجهة للباب وهذا الممر يفتح عليه أربعة أبواب والدور العلوى به كنيسة وغرفة جانبية وأمام باب الكنيسة يستمر السلم لنهاية الحصن وفى أرضية سطح الحصن توجد فتحتان تؤديان للمدفن
ويتابع د. ريحان أن كنيسة الحصن لها مذبح واحد والصحن مقسم إلى قسمين بواسطة عامودين يتوسطهما حاجز خشبى وهما عامودين منقولين من معابد قديمة وبالكنيسة منجلية وهى حامل خشب يوضع عليه كتاب القطمارس الخاص بالقراءات الكنسية تعود للقرن 12م وباب كنيسة الحصن وأبواب الغرف على نفس تصميم أبوب كنيسة السيدة العذراء الأثرية وقد قام بترميم الحصن الشيخ أبو ذكرى بن بو نصر عامل الأشمونين أى الوالى فى عهد الخليفة الفاطمى الحافظ لدين الله 1130 – 1149م والبابا غبريال السابع 1525- 1568م والمعلم إبراهيم الجوهرى أواخر القرن 18م والقمص عبد الملاك الهورى رئيس الدير فى منتص القرن 19م وتم عمل ترميمات قليلة فى القرن العشرين
أسوار الدير
وعن أسوار الدير يوضح د. ريحان أن أسوار الدير القديمة من القرن 19م وهناك أسوار حجرية أقدمها يرجع للعشرينيات من القرن العشرين وقد صممت على شكل أسوار أورشليم وهناك أسوار من الطوب الأحمر والخرسانة المسلحة أنشأها نيافة الأنبا ساويرس عام 1978م بدلا من السور من الطوب اللبن الذى بناه القمص فليمون وكيل الدير فى .الخمسينيات
ويضم الدير كلية إكليريكية ومعهد ديديموس للمرتلين وقصر الضيافة أنشئ عام 1910 فى رئاسة الأنبا باخوميوس الأول أسقف الدير وهو مكان لإقامة رئيس الدير وكبار الزوار وبه مكتبة للمخطوطات علاوة على أربعة مبانى بالدير مخصصة لإقامة الزوار وهى مبنى الديوان وكان مخصصاً لإدارة شئون الدير وأنشئ فى رئاسة القمص تادرس أسعد 1930 – 1936 والمبنى الملاصق لبوابة الدير الثانية وعمارتان جديدتان لاستضافة الزوار
طافوس الرهبان
ويضم الدير طافوس الرهبان” مدافن ” وكان الرهبان يدفنون بالجبل شمال وغرب الدير حتى القرن العشرين حين أنشأ القمص تادرس أسعد مدفناً للرهبان ثم صار دفن الرهبان المتنيحين بعد ذلك فى المدفن الذى يقع خلف كنيسة السيدة العذراء الجديدة ويضم خدمات مثل صهريج للمياه العذبة وماكينة رفع مياه وتوليد كهرباء وفرن بلدى ومخزن للغلال وحظيرة للحيوانات وورش نجارة وحدادة ولحام ومكتبة لبيع الكتب والأيقونات والصور وحديقة وساحة للاحتفالات الدينية وقاعة فيديو