عقدت مكتبة عرب المحمدي للطفل أمس الأربعاء 20 من الشهر الجاري، تحت رعاية مديرة المكتبة دكتور حنان المنياوى ندوتها الخامسة في سلسلة ندوات تهدف إلي بناء أسرة سليمة وابناء أصحاء نفسيًا وكيفية التعامل مع الابناء وبناء جيل سوى، تحدث خلالها “أ.د/وليد أبو السعود” أستشاري الأمراض النفسية والعصبية وعلاج الإدمان حول تحديد الهدف للابناء والوصول اليه.
وجاءت ندوته في عدة محاور أساسية سعي من خلالها لمعرفة كيفية الوصول لابنائنا ليتمكنوا
من الحظو بأهدافهم، وأهم هذه المحاور هي:
– التناقض الوجداني الذي نمارسه علي ابنائنا.
– الشروط اللازمة لتحميل الطفل فوق طاقته.
– الرقابة الأبوية ،ما بين الإستفهام والإستجواب.
– “التعويض” كحيلة نفسية لا شعورية.
– السلوك التنظيمى والسلوك الإنساني.
– ديكتاتورية الآباء تقتل الأبناء.
– كن صديق طفلك. “الهدنة الأبوية”.
– نظرية الفروق الفردية.
– برنامج للوصول الي الهدف المنشود.
1-التناقض الوجداني:
أشار أ/د. وليد أبو السعود “استشاري الأمراض النفسية والعصبية وعلاج الادمان ” إلي التناقض الوجداني قائلًا أنه: “هو حب/كراهية أوالكرم والبخل والتقبل والنبذ ،الصدق والكذب أي فيما معناه “تزامن” ميول أو إحساسات متعارضة تجاه موضوع بعينه، ويشكل لفرويد في مؤلفاته الأخيرة صفة دائمة لكل دافع، ويتخذ هذا التناقض في حالة الفصام صيغة متطرفة بسبب فقدان الأنا، لوحدته وعجزه عن المصالحة بين المتناقضات.”
وأن التناقض الذاتي ما بين القول والفعل ظاهرة اصبحت جزءًا من واقعنا الاجتماعي نتعايش معه بأية طريقة كانت وهو ما يدل على غياب التناغم والتوازن داخل الانسان وهذه ظاهرة نفسية ولها أبعاد اجتماعية خصوصا أن سلوك الانسان يعكس فكره الشخصي، فالتنافض هو أن تقتنع بالشيء وعكسه سواء كان فعلًا او قولًا يظهر بين الإيجابية والسلبية واتحادهما في التناقض بمعنى قد يكون التناقض للإنسان بالإيجابية وقد يكون بالسلبية.
لهذا نجد تناقضات البشر كثيرة وبطرق مختلفة وبدرجات متفاوتة منها ما نراه ومنها ما هو مخفي الا انه في الفعل والقول نراه واضحًا في أسلوب الحياة لكليهما، والتناقض بمجمله ظاهرة نفسيه لها بُعد اجتماعي يعتمد بدرجه كبيرة على مدى اندماج الفرد مع داخله النفسي او ذاته المنطلقة مع سلوكياته وتتضح جلية في نتاج مواقفه من خلال القناعات النفسية التي يكون منطلقها اما نفسي او اجتماعي او اقتصادي او ديني او سياسي.
وجدير بالذكر أن أهم اسباب التناقض الوجدانى الذي نمارسه علي ابنائنا هي:
1-خلل في التربية الأسرية، من حيث الدلال المفرط أو القسوة والعنف المفرطين، أو الرفاهية الشديدة والفقر المدقع…إلخ
2- فقدان الثقة بالنفس نتيجة عوامل حياتية مؤثرة علي الشخص.
3- عجز في التصريح عن أو التعبير عن الآراء والمبادئ والأفكار بصوت عالٍ ومعلن.
4- عدم قدرته علي التمازج مع الآخرين مما يؤدي بالضرورة للإزدواجية في مواجهة نفسه نتيجة لعدم قناعته ببعض مفاهيم وتعامل حياته.
5- عدم المعرفة الكاملة بقدرته علي التوازن مع مواقف الحياة وأقلها التشكيك بنفسه وعدم استطاعته إدراك التأقلم مع المتناقضات ليكون الناتج تناقضه مع المعطيات للحياة وأولها مع نفسه.
مشيرًا إلي ضرورة التواصل مع الأبناء وسؤالهم عما يروموا أن يكونوا في حياتهم المستقبلية، وضرورة ألا يقابل الأهل هدف ابنائهم مهما رؤوه غير منطقي أو مستحيلًا بالتعنيف أو السخرية، للتمكن من تحقيق السلامة النفسية والاجتماعية للطفل، فمن التناقض البين أن أعامل ابنى علي انه كبير طوال الوقت وأناديه بكلمات “أنت كبير، لا يليق بك هذا” في الوقت الذي أعاقبه وأعنفه علي أنه صغير السن وليس مسئولًا عن تصرفاته.
فيما أشار “د/أبو السعود” في المحور الثاني : ” الشروط اللازمة لتحميل الطفل فوق طاقته” إلي :
1 – لا بد من احتواء الابناء، وإيجاد ميكانيزم “طريقة” واضح للتعامل مع الابناء واحتوائهم.
لافتًا الي أنه باتت توجد الكثير والكثير من الحالات تلجأ فيها الفتيات المراهقات الي الوقوع في حب شخص كبير سنًا كتعويض نفسي عن فقدان الاحتواء في المنزل ومن قبل الوالدين ولا سيما في حال غياب الأب.
2- تحضير المناخ النفسي والاجتماعي المناسب لتربية الطفل، وضرورة ابتعاد الابناء عن المشاحنات والنزاعات الأسرية.
فليس من الممكن أن يستذكر الطفل في ظل وجود خلافات الأهل فإن كان هدفي الأسمى هو تربية ابنائي لا بد أن أعمل علي إعلاء مصلحتهم الشخصية وتهيئة المناخ اللازم لهم.
3 – كلما شعر الإنسان أن هناك من يتحمل المسئولية الأدبية أو النفسية عنه كلما تدلل.
4-أعرفي أنك بحاجة إلى حوارٍ راقٍ عن أهمية العلم والتعليم.
أمام ابنك. 5- كُفي عن بث كراهيتك ومعاناتك مع الدراسة
6- تقبلي بهدوء ثورته علي فروضه المدرسية ورفضه أدائها، وتحدثي معه بهدوء عن شعور الحرج وسط زملائه حين تعاقبه المدرسة وتصفه بالسئ رغم ذكائه وحسن خطه.
7- حاولي تعليمه طرق مختلفة وترك حرية الاختيار له مع عدم تواجدك في مكان مذاكرته.
8- جربي أن تعتمدى عليه حتى تعلميه الاعتماد على نفسه، ويثق بقدراته.
9- ومطلوب منك أن ترفعي يدك عنه وعن مساعدته، وتفسحي له المجال ليقضي مصلحته بنفسه، وتتركيه لينجز بعض أعماله بنفسه، فيقدم أوراقه للمدرسة بنفسه، وتكون أنت معه بمثابة الصاحب، ويعمل واجباته المدرسية بنفسه، وتكون أنت بمثابة الموجه.
10 – الآباء أنفسهم، وخصوصًا الأمهات – هم الذين لا يستطيعون أن يفطموا أنفسهم عن التدخل في شؤون الأطفال، ولا أن ينأوا بأنفسهم عن الاشتراك معهم في قضاء مصالحهم، ولا أن يتركوا لهم الفرصة ليمارسوا حياتهم بأنفسهم، وقد يكون هذا التدخل بسبب حبهم لأبنائهم، أو بقصد حمايتهم، ولكن الواقع هو أنك تعوقه عن أداء دوره، وتسلبه الفرصة التي تجعله يجرب الاعتماد على نفسه، فيكون حبك له حبًا ضارًا، وتكون حمايتك له حماية مؤذية.
فالحماية الزائدة مضرة، ولا تأتي إلا بخلل جسيم في تربية الطفل، لذا عليكي تعزيز السلوك الصحيح لتعزيز اعتماد الطفل علي نفسه، وبعدما يقوم الطفل بعمل ما عليه لا بد أن تثنى عليه وتمدحين سلوكه الصائب منفردًا، وتحكي عن انجازاته وتتفاخري بابنك أو ابنتك.
وأضاف د/وليد أبو السعود في المحور الثالث لندوته :”الرقابة الأبوية ،ما بين الاستفهام والاستجواب.” قائلا:
“يجد كثير من الآباء والأمهات صعوبة في اتباع أسلوب تربوي مثالي في مراقبة أبنائهم، فيضطر بعضهم إلى اتباع أسلوب التجسس، ويتجه آخرون إلى بناء ثقة بينهم للحصول على التفاصيل التي يحتاجون إليها في علاقتهم بأصدقائهم أو زملاء الدراسة، والوقوف على تصرفاتهم عن قرب بما يوفر لهم مساحات من الوضوح والصراحة تساعد الطرفين في الوصول إلى شاطئ الأمان من دون منغصات تحرم الآباء من السيطرة الهادئة على سلوكيات أبنائهم وتوجههم الوجهات السليمة بحيث لا يتضررون من أي ثغرات تربوية.
ولا شك أن مراقبة الأبناء والحرص عليهم واجب لدى كل ولي أمر أسرة، يجب عليه أن يطلع على ما يفعله الأبناء وأن يتابعهم ويراقبهم عن كثب، ليس مراقبة ملحوظة لديهم ولكن من بعيد، خصوصا الذكور منهم كما يجب عليه معرفة أصحابهم وتخصيص وقت معين للخروج معهم، والحرص كل الحرص على الأماكن التي يذهبون إليه قديما آباؤنا لم يشددوا رقابتنا بل اكتفوا بالسؤال عن الصديق الذي نصاحبه ومعرفة أخلاقه، فنجد أن الخطة لمراقبة الأبناء في الماضي هي معرفة صديق الابن، ولكن في عصرنا هذا من الصعب أن تسأل عن صديق أبنائك في المدينة، ولكن نكتفي بأن نضع الثقة بيننا وبينهم وأختبارهم في مواقف لكي نكون مطمئنين على حياتهم خاصة في المراهقة، وان نكون اصدقاء لهم قبل ان نكون آباء فنشاركهم افراحهم واحزانهم فقد مررنا في مثل هذا العمر وحدث لنا ما حدث لهم.
فحينما تغيب رقابة الأسرة تكثر المشكلات في المجتمع، فدائما نسمع عن مشكلات الأبناء والسبب إهمال أبائهم للأمانة التي بين أياديهم، فيجب على كل أب أن يضطلع على أمور ابنه وعلى أصدقائه، وأن يعرف أدق التفاصيل حتى يعرف ما يفعل ابنه، ويشعره بأنه يراقبه ويهتم بمصلحته ولا يظهر له أنه يراقبه في شتى الأمور وكذلك يجب على الأم أن تشارك ابنتها كل أمورها وتطلع عليها لأن هناك أمورا من الصعب أن تفصح البنت عنها لأبيها أو يطلع على مشكلاتها وكل أمورها فالبنت في بيئة اجتماعية مغلقة ما بين البيت والمدرسة وزيارة صاحباتها، فيجب على الأب والأم مراقبة الأبناء بشكل غير مباشر، ولا يتجسسوا عليهم فيفقدوا الاحترام، وتكون كل أمور أبنائهم من ورائهم، ولكن يجب أن يحس الأبناء أن أهاليهم يراقبونهم ويهتمون بأمورهم ويحرصون على مصلحتهم لكي يحذروا من الوقوع في الخطأ، ويكون هناك باب الاستشارة بين ولي الأمر وابنه.
ان السبب الرئيسي في اغلب مشاكل الابناء السلوكية والاخلاقية في مراحل العمر المختلفة هو غياب او تغييب الحوار بين الاب وابنه او البنت وامها، كذلك فكر الآباء الاقصائي والآحادي في التربية هو سبب الانحراف وهو سبب هروب الابناء من المواجهه و المصارحة مع الاباء الاب الذي يقمع حرية التعبير عند ابنه ويصادر حريته الفكرية مما يدفع ابنه الى الجنوح والى السير في الظلام والى البحث عن بدائل منحرفة تعوضه فقدان لغة الحوار والامر ينطبق على الام مع بنتها.
فيما شدد علي ضرورة إعمال ثقافة الحوار ،وتحقيق معناه حتي يمتنع الابناء عن بعض السلوكيات عن قناعة ذاتية، وللتقريب والتوجيه.
حيث إن الرقابة إنما تكون معبرا للحرية حينما تكون في إطارها الصحيح ، ولكن تتحول الرقابة المطبقة والتي يتربى الأولاد من خلالها على أنهم تحت المراقبة إلى أعظم أسباب انحراف الأولاد.
وهنا لا نقلل من أهمية المراقبة الأسرية، ولكننا نشدد ونحذر من اتخاذها سوطاً يحصى من خلاله على الأولاد حركاتهم وأنفاسهم.
هذا وتناول د/أبو السعود في المحور الرابع من الندوة مفهوم التعويض كحيلة دفاعية لا شعورية يتناولها الابناء أثناء تربيتهم فقال:
التعويض هو حيلة دفاعية يلجأ إليها الفرد عندما يعاني من بعض مشاعر النقص والقصور والحرمان في احدى النواحي الحياتية ، وذلك من أجل التغلب على الشعور بالدونية والوصول بالذات إلى الشعور بالتقدير وتخفيف درجة القلق.
ومثال ذلك ما يقوم به الفاشل دراسياً من محاولات متكررة من أجل التفوق في مجال آخر غير التحصيل الدراسي كالمهارات المهنية مثلاً ، فيتغلب بذلك على شعور ذاته بالقصور أو النقص في الجانب التحصيلي
او الذي يعتقد أن شكله قبيح ولن يلقى القبول فيلجأ الى الغناء والشعر او العزف ليحصل على ذلك القبول
او الذي لايستطيع أن يؤدي دورة بالشكل المطلوب في عائلته فيقوم بدور آخر ويحاول ان يبرع فيه لتعويض دورة الاساسي.
فالتعويض هى محاولة الفرد النجاح في ميدان لتعويض فشله أو عجزه الحقيقي أو المتخيل في ميدان آخر مما أشعره بالنقص.
ومن أهم صور التعويض الزائد :
1 – قد يتخذ التعويض الزائد صورا منحرفة كأن يصطنع الفرد أنواع من السلوك السخيف في جذب انتباه الآخرين ، واختلاق قصص كاذبة ومزيفة .
2 – وقد يتخذ صورا عدوانية ، كي يثبت الفرد للناس ، بأنه غير ضعيف ، ولديه من القوة ما يتحدى القانون .
3 – وقد يتخذ صورا من انحطاط الفرد من شأنه أمام الآخرين طمعا أن يمتدحه الناس ، وأن يرففعوا من قدره فإذا به دائم الحديث ، عن نفسه ، بأنه عاجزا لا يصلح لشئ ، ولكن الاستمرار، في حط الفرد لنفسه ، قد يجعله يتهم الآخرين بارتكاب ذنوب لم يرتكبها ، وهنا يكون قد اجتاز منطقة السواء إلى منطقة اعتلال الشخصية.
فيما أكد أنه في حال تمكنت من احتواء ابنك وهو الأمر الذي من المفترض ألا مناص منه ستتمكن بالضرورة من كسبهم علي المستوى الدراسي والأسري، مشيرًا الي أن الحب الذي سيجده ابنائنا فينا لن يجدوه في سوانا معرفًا الحب بأنه سلعة تروج ولا تباع أعطيها لمن أحببت، لذا علي ألا أتركهم فرائس سهلة الصيد من مرضى المجتمع.
5- السلوك التنظيمى والسلوك الإنساني:
في البداية تعريف السلوك هو : الاستجابات التي تصدر عن الفرد نتيجة لاحتكاكه بغيره من الأفراد أو نتيجة لاتصاله بالبيئة الخارجية.
ويتضمن السلوك بهذا المعنى كل ما يصدرعن الفرد من عمل حركي أو تفكير أو كلام أو مشاعر أو انفعالات ويمكن التمييز بين نوعين من سلوك الأفراد : السلوك الفردي والسلوك الاجتماعي
والسلوك الفردي هو السلوك الخاص بفرد معين، أما السلوك الاجتماعي فهو السلوك الذي يتمثل في علاقة الفرد مع غيره من الجماعة، ويهتم علم النفس بالسلوك الفردي بينما يهتم على الاجتماع بالسلوك الاجتماعي
ولذلك فالسلوك التنظيمي هو تفاعل علمي النفس والاجتماع مع علوم أخرى أهمها علوم الإدارة والاقتصاد والسياسة.
ويأتي دورعلم السلوك التنظيمي إنه يساعدك على تفسير السلوك الإنساني والتنبؤ به والسيطرة عليه، وكما جاء في تعريف د/هودجيتس والتمان أن السلوك التنظيمي هو” ذلك الجزء من المعرفة الأكاديمية التي تهتم بوصف وتفهم وتنبؤ وضبط السلوك الإنساني في البيئة التنظيمية. ”
ومن هذا تتلخص أهداف السلوك التنظيمى في ثلاثة أهداف هي:
– التعرف على مسببات السلوك.
– التنبؤ بالسلوك وذلك من خلال معرفة مسببات السلوك
– التوجيه والسيطرة والتحكم في السلوك من خلال التأثير في المسببات
ووفقًا للتعريف السابق فإن القيادة الناجحة في المنزل لا بد أن توائم بين السلوك الإنساني والسلوك التنظيمي ،ولا بد أن يتحلي القادة بالجدية والثبات الانفعالي.
6- ديكتاتورية الآباء تقتل الأبناء:
أشار د/وليد أبو السعود في كلامه إلي أن حوالي 90% من الآباء والأمهات المصريين لديهم ديكتاتورية مطلقة في تربية ابنائهم، ولا يشعرون بأبنائهم واحتياجاته السنية، مما يقتل الطموح والفكر والابداع في شخصية الابناء، ولا سيما حينما يتولي الأبوين تلبية كل احتياجات أبنائهم دونما مشاركتهم أو الايعاز ببعض المسئوليات للابناء.
كما أن استخدام كلمات ك “هو كده” هي خطأ تربوي فادح نتيجة فقد لغة الحوار، أو إعماله بشكل خاطئ –كأن اتخذ علي ابني الدلائل علي خطأه فأنفعل عليه- بين الاباء والابناء فتتحول الأم إلي “الساحرة الشريرة” المتحكمة في حياة ابنائها والمسيطرة علي قراراتهم، وتسقط كمصدر للثقة في عيون ابنائها.
فالقاعدة هي “ابنى خائف اذن أنا فشلت في احتواء ابني”، “ابني يكذب إذن أنا فشلت في احتوائه”
لذا لا بد من الاهتمام بالابناء والدفع بصداقتهم وكسب ثقتهم ونزع القلق والخوف منهم.
والآباء المتسلطين رغم حبهم الغريزي لأبنائهم الا أن السمات الشخصية لهم تغلب عليهم في تربية ومعاملة أبنائهم مما ينعكس سلباً على هؤلاء الأبناء فيضطرب نموهم النفسي وربما الجسدي أيضاً إذ ينمون في جو غير صحي من الناحية النفسية والتربوية وتوضح بأن القسوة في معاملة الأبناء تأخذ أشكالا متعددة منها دوام العقاب وانعدام الثواب في التعامل مع الطفل والمراهق والضرب بأنواعه والحرمان النفسي للطفل من كل أو بعض حقوقه حتى عندما يكبر.
7-كن صديق طفلك(الهدنة الأبوية):
وهنا فرق د/وليد أبو السعود ما بين عدم مفاهيم أهمها العنف والثبات الانفعالي في التعامل مع الابناء وضرورة إعمال هدنة والدية مع الابناء مشددًا علي وجوب إحتوائهم وعدم لفظهم قبلما يتلقفهم المجتمع فينحرف سلوكهم وتتدمر حياتهم، فجاء في تعريف العنف أنه :كما يرى فرويد هو نزعه طبيعيه في الإنسان، وتستند إلى رغبه تدميريه ( ليبيدو سالب) ، وهي تعبر عن نزعة تلقائية لكل كائن عضوي نحو الموت، ويقابلها نزعه طبيعيه أخري نقيضه لها هي نزعة الحياة (نزعة الإيروس)، والتى تدفع الانسان الي الابداع.
أما إيريك فروم فيرى أن العنف ليس سلوك طبيعي أساسي وأن علم النفس الحيواني يؤكد أن الحيوانات لا تكون عنيفة إلا في حالات معينة، وأن العنف في هذه الحالات هو وسيلة وليس غاية..
وفي تعريف ستانلي ميلغرام : فقد قام بإجراء تجربه أطلق عليها اسم (حدود الخضوع للسلطة)، واستخلص منها انه رغم أن هناك نزعه عدوانيه طبيعيه لدى الإنسان، إلا أن الظروف التاريخية و الاجتماعية هي المحدد الأساسي لظهور العنف.
مشيرًا الي التأثير النفسي للعنف علي الأطفال واستخدام الوسائل العنيفة فى تربية الطفل كضربه، وانتهاكه جسديا، يعد من أسوء الطرق التربوية التى يمكن أن يلجأ اليها الأبوين
فهى تساعد على خلق انسان جبان يخشى الإقدام على خطوات فعالة وناجحة فى حياته، كما تخلق لديه نزعة لممارسة العنف على الأشخاص الآخرين المحيطين به.
وتلك الوسيلة تعد من أفشل الوسائل فى تربية الأطفال فهى تفقد تأثيرها بصورة أسرع مما نتخيل.
ففى البداية يتلقى الطفل التهديد بأنه معرض للضرب، ويظل مضطربا وخائفا طوال الفترة التى تسبق هذا الفعل، وبمجرد تلقيه للعقاب، وعلى مرات متتالية تفقد الوسيلة العقابية رهبتها لديه تدريجيا، كما تفقد تأثيرها أيضا.
فيما شدد علي ضرورة الثبات الانفعالي تجاه تصرفات الابناء ومحاولاتهم لإثارة غضب آبائهم، معرفًا الثبات الانفعالي بأنه: هو مرادف للأتزان الانفعالي ونتاج للنضج الانفعالي والثبات الانفعالي
وينسب الي المدرسه الفرويدية مدرسة التحليل النفسي
وهو وسطية بين الهدوء الشديد والغضب الشديد اي بمعني اخر الوسطية في إتخاذ القرارات علي سبيل المثال،
والثبات الانفعالي للإنسان هو أن يكون لديه القدرة على التحكم في انفعالاته فلا تظهر بشده سواءً انفعالات الغضب أو الغيرة أو الفرح أو الحب
ويظهر بدلاً عنها الحلم وكظم الغيظ وعدم الاهتمام بصغائر الأمور ونحو ذلك
وقد يتضح لك المعنى بتوضيح ضده فالثبات الانفعالي عكس الاضطراب الانفعالي
وهذا الاخير حالة تكون فيها ردود الفعل الانفعالية غير مناسبة لمثيرها بالزيادة أو بالنقصان ،
فالخوف الشديد كاستجابة لمثير مخيف حقا لا يعتبر اضطراباً انفعالياً
بل يعتبر استجابة انفعالية عادية و ضرورية للمحافظة على الحياة ،
أما الخوف الشديد من مثير غير مخيف فانه يعتبر اضطراباً انفعالياً .
والثبات الانفعالي سمة يتميز بها من يتصف بقوة الشخصية وبصحة نفسية جيدة،
وتظهر وقت التعامل مع الضغوط و الأزمات
كما يقول ويلسون وأوليري أن التوجيه الذاتى يمكن أن يمارسه الفرد بجهده الفردى، وأن يعدل من سلوكياته الرديئة والسلبية إذا لاحظها وسجلها، وتابع يوميًا تدريباته علي التخلص منها وإبجالها بسلوكيات سوية مرغوبة، وأن يلاحظ مدى قدرته علي النجاح والتغيير، بل وأن يكافئ نفسه معنويًا وماديًا كلما نجح في تحقيق النتيجة المرغوبة.
كما أشار الي وجوب استخدام المحفزات مع الابناء في التعامل لحثهم علي التفوق والعمل علي اهدافهم والوصول اليها، ولكن يجب توخي الحذر من أن يتحول الأمر الي مساومة لتحقيق الغاية، أي أن تصبح المذاكرة في مقابل مادى أو معنوي.
كذلك وضع خطة قريبة المدى وبعيدة المدى للتمكن من نيل الهدف المنشود، ولا مناص من وجود فزاعة للطفل يخافها وإلا نشأ مجرم، كما أن التسامح والتساهل اسلوب تربوي فاسد، فلا تكن لينًا فتعصر ولا صلبًا فتكسر.
كذلك مراعاة أخذ فترات الراحة بين كل عدد ساعات من الماكرة ولكن لا يتخلل هذه الفترة اللعب بالهواتف النقالة أو مشاهدة أفلام الكارتون والتي حذر من الأخيرة بشكل كبير ومن أثرها النفسي والسلوكى والعقلي علي الابناء.
مؤكدًا أن بناء ابن سوى نفسيًا سيكون بالضرورة ناجح ولكن الناجح ليس بالضرورة أن يكون سوى نفسيًا إذ لم يجد ما يحتاجه ويلبي رغباته النفسية داخل بيته واسرته.
كذلك لا بد من تدعيم هدف طفلي واختيار القدوة الصالحة وتدعيم الثقة بالنفس لافتًا إلي أنه لا يحدث النجاح دونما حرمان.
8- نظرية الفروق الفردية:
أشار د/وليد أبو السعود في المحور الثامن لندوته أن الفروق الفردية هي الانحرافات الفردية عن المتوسط الجماعي في الصفات المختلفة.
والانحرافات الفردية عن متوسط الجماعة التي ينتمي إليها الفرد في أي خاصية أو قدر أو سمة
وهي تلك الصفات التي يتميز بها كل إنسان عن غيره من الأفراد سواء كانت تلك الصفة جسمية أم في سلوكه الاجتماعي.
كذلك هي اختلافات بين فرد و آخر في مواصفات و قدرات معينة، كالفروق في القدرات العقلية أو النفسية أو الجسمية بين إنسان و آخر.
ولعل أشهر هذه الفروق تبدو في الصفات الجسمية كالطول والوزن ونغمة الصوت وهيئة الجسم وهذه الفروق الجسمية تطفو على السطح فنشاهدها وهناك أيضا فروق كثيرة في الصفات الإدراكية والانفعالية.
وعن أهم مظاهر الفروق الفردية هي:
تأخذ الفروق في النواحي السلوكية ثلاثة مظاهر هي
أولا: الفروق بين الفرد ونفسه : ويكمن هذا السلوك في أمرين:
– الفروق بين الفرد ونفسه في مراحل نموه المختلفة حيث تحدث سلسلة من التغيرات في الوظائف الجسمية والنفسية من مرحلة لأخرى ونستطيع أن نميز بسهولة الفروق في مختلف جوانب الشخصية خلال هذه المراحل
– الفروق بين الفرد ونفسه في القدرات المختلفة، فقدرات الفرد المختلفة لا تكون واحدة لدى الفرد الواحد، فقد يكون مستوى القدرة اللغوية متوسطة بينما يكون ممتازاً في القدرة العددية، وضعيفاً في القدرة الميكانيكية، وهكذا الحال فيما يتعلق بالسمات الانفعالية مثل الميول والاتجاهات والقيم.
فقد يكون التلميذ ضعيفا في الإعراب و جيدا في القراءة فنركز في تعليمه على إكسابه القدرة الإعرابية، كأن يتم شرح الدرس له وحده في طاولته، وقد نكتفي بتفهيمه جزئية من الدرس تكون هي الأهم أو الأساس في الدرس.
ثانيا: الفروق بين الأفراد في الأداء:
في حياتنا اليومية يسهل أن نلاحظ الاختلاف بين الأطفال في المدارس في مختلف الجوانب في التحصيل والقدرة على المناقشة و في إجاباتهم اللغوية التحريرية وفي قدراتهم الحسابية وفي ميولهم وأساليب نشاطهم المختلفة، كما يمكن ملاحظة هذه الفروق كمًّا وكيفاً بين الكبار الذين يمارسون العمل الواحد.
نفس المثال السابق يمكن حصر مجموعة من التلاميذ الضعاف في الإعراب و تسليط الضوء عليهم. يمكن في حصة الاستدراك أو بعض الكلمات في حصة القراءة و من الأحسن في البداية البدء بكلمات نعرف أنهم قادرون على الإجابة عليها لنكسبهم الثقة اللازمة في أنفسهم.
ثالثا: الفروق بين الجماعات:
قد تختلف جماعة في متوسط الدرجات التي تحصل عليها في اختبار من الاختبارات التحصيلية أو الانفعالية أو العقلية عن جماعة أخرى يظهر هذا جليا في معدلات الأقسام الفصلية أو السنوية أو حتى في المواد.
الخواص العامة للفروق الفردية:
– الفروق الفردية فروق كمية و ليست نوعية. أي أنه لا توجد شخصية لها مميزات لا توجد في شخصية أخرى، و إنما هي فروق في الدرجة.
. – مدى الفروق الفردية أي أنه في الشخص ذاته قد يختلف الاستدلال عن التذكر
– تتوزع الفروق الفردية توزيعا اعتداليا، أي أن غالبية أعضاء المجموعة يتواجدون في منتصف التوزيع التكراري.
وبناءًا عليه فإنه يجب مراعاة الفروق بين طفلك ومن حوله وعدم استخدام الاساليب المثبطة والسخرية والتعنيف والمقارنة بين الاطفال في المعاملة مع طفلك.
هذا فيما أشار ضمنيًا إلي النظرية السلوكية لواطسون ودورها في التربية الطفل.
9- برنامج للوصول للهدف المنشود:
وفي المحور الأخير من الندوة أشار د/وليد في كلامه إلي الخطوات الأخيرة ووضع البرنامج المتكامل للوصول الي الهدف المنشود الذي يسعى اليه طفلك فقال:
1 – لا يوجد نجاح مطلقًا بشكل عشوائي، لذا لا بد من عمل جدول محدد بعدد ساعات للمذاكرة وانهاء الفروض المدرسية.
2- القيام بخطة عمل متوازنة وفقًا لقدرات طفلي .
3- أن اكون قابل للتفاوض والمساوامات الايجابية والتحفيز الايجابي للطفل.
4- الحصول علي فترات راحة حقيقية بين ساعات المذاكرة.
5 –التحلي بالثبات الانفعالي والتدريب عليه في المعاملة مع الابناء.
6 – استخدام الانحراف المعياري كوسيلة لتقييم الطفل في مذاكرته وسلوكياته بشكل اسبوعي وشهري ،ووضع محفز حقيقي مادى او معنوى في حال الوصول للهدف.
7- تدعيم الثقة بالنفس لدى الاطفال.
8 –اعمال الحوار مع الابناء ليعرف كل طرف حقوقه وواجباته.
9- عدم استخدام العنف في التعامل مع الابناء أو الحث علي الاستذكار، فالأمر سيؤدى إلي نتائج عكسية وشخصيات ضعيفة.
10 – كوني صبورة لا مبالية في بعض اللحظات تجاه محاولات إثارة ابنائك لأعصابك ورفضه إنهاء فروضه المدرسية.
11- حددى مصروف يومي ثابت بالاتفاق مع ابنك، ولا تعاقبي الطفل بالحرمان من مصروفه علي الاطلاق.
12- حمليه مسئولية نفسه ومذاكرته.
– تعريف مبسط عن الانحراف المعياري كوسيلة لتقييم الطفل:
الانحراف المعياري، أو بالإنجليزية (Standard deviation): هو أحد أهم المقاييس الإحصائية التي تسمى بـ (مقاييس التشتت)، ويُعَرِّف علماء الإحصاء مقاييس التشتت بأنها: المقاييس التي تستخدم في قياس اختلاف مجموعة من البيانات أو تشتتها، وهذه المقاييس مكمّلة ومتمّمة لمقاييس النّزعة المركزية التي تستخدم في إعطاء القيمة العددية التي تتجمع وتتركز حولها أكثر القيم والمشاهدات، حيث إن مقاييس النزعة المركزية لوحدها غير كافية دائمًا لإعطاء تصور واضح وكامل عن البيانات التي يتم تطبيقها عليها؛ ولذلك يستعمل الاحصائيون مقاييس التشتت إلى جانب مقاييس النزعة المركزية، فمقاييس النزعة المركزية تعطي القيمة الوسطية فقط، أما درجة تباعد البيانات وتشتتها حول هذه القيمة، فإن حسابها يتم عن طريق مقاييس التشتت
ويتم هذا عن طريق رسم بياني من عمودين رأسي وأفقي لعمل تقييم اسبوعي أو شهري للطفل بعدد المواد التى يدرسها ودرجاتها خلال الشهر مع تحديد حافز نهائي في نهاية الشهر، حيث يعمل الانحراف المعياري علي أهداف وتحفيزات بعيدة المدى.