وأضاف، خلال منتدى حوار الثقافات، الذي اختتمت فعالياته، الجمعة: “نحن فى لحظة يوجد بها عنف، باشكاله المختلفة، فإحصائيات المركز القومي للبحوث تؤكد ارتفاع العنف الأسري والاجتماعي في العقود الاخيرة، فضلا عن العنف الدينى، فمنذ منتصف السبعينات، انتشرت الموجات ارهابية، والتى نتجت عن فهم خاطئ للدين”.
وتابع النمنم: “أن عنف مجموعات “المتأسلمين”، ظهر نتيجة تراكمات اجتماعية وسياسية، وتراكمات فى الفهم للوصول للنصوص الدينية، وفي الشهور الأخيرة هناك بعض مظاهر الاحتدام الطائفي، في المنيا وبعض المحافظات، على الرغم من أن واحدة من ايجابيات ثورة 25 يناير، انها قضت على موجات الفتنة الطائفية عندما رأينا في ميدان التحرير لحظات انصهار ما بين كل ابناء المصريين، ورأينا المسيحين المصريين خرجوا من نطاق الكنيسة الى حضن الدولة المصرية.”
واستكمل: “مصر في الأربعينات عاشت نفس المواجهة وآخر سنوات الملك فارق رغم انه كان النظام ضعيف، لكنه نجح فى مواجهة الظاهرة، وهو الأمر نفسه فى عام 54 ، حيث كان النظام السياسي هش جدا، إلا أن الدولة تمكنت من مواجهة التنظيمات الإرهابية، وحاليا كل يوم وزارة الداخلية والقوات المسلحة تواجه التنظيمات الشرسة.”
واضاف وزير الثقافة: “حتى نتغلب على العنف، لابد أن نتخذ خطوات هامة، لأن لدينا مشكلة ثقافية وتعليمية كبري، فهناك ضرورة الى تطوير التعليم الأزهري، والذي ينافس بقوة التعليم المدنى، ولابد من إعادة النظر في كل ما يتم تدريسه للأطفال، ولابد من عودة إرسال البعثات العلمية فى العلوم الانسانية بالجامعات المصرية لأنه من توقف الجامعات المصرية إرسال بعثات للخارج واصبحنا فى عزلة تاريخية عن العلوم الانسانة العالمية، ونعيش على تراث الاجيال السابقة من الباحثين.
وقال الوزير: “إن تجربة الصراع الثقافي في الثمانينات أحدث فجوة واسعة بين ما هو مدني وما هو ديني، وعلينا أن نستعين بتجربة الأربعينات عندما شغل المثقفون والكتاب انفسهم بالفقه الإسلامي، وقدموا فيها الكثير مثل الدكتور طه حسين “الفتنة الكبري”، ومحمد حسين هيكل “حياة محمد”، “فى منزل الوحي”، العقاد واحمد امين”، ولكن مع الأسف الشديد فى العقود الأخيرة لم يحافظ المتعلمين على هذه المعادلة، وحدث تباعد شديد أدى الى صراعات وسوء فهم نعيشه وتم استغلاله من جماعات التيارات الدينية المتشددة، وانا اعتبر انهم جميعا ينبعوا من شجرة واحدة.”
واكد وزير الثقافة حلمي النمنم أن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، حول تجديد الخطاب الدينى، لابد أن يقترن بالتطبيق العملي، وليس التجديد النظري فقط، ففي الثمانينات، عندما تم اتخاذ قرار دخول الفتاة المصرية الجامعة، كان نوعا من التجديد، ودخول المرأة العمل، تجديد، وعندما فتح العمل السياسي للمرأة كنابة وزيرة، كان تجديدا ، لكن هذه الحال تراجعت.
واختتم كلامه قائلا ” صحيح فى عنف وجرائم لكن ليس هذه هى المرة الاولى التى عاشتها مصر، ففي خلال ثورة 19، كان هناك من يطالب بالاستقلال والدستور، و كانت هناك ريا وسكينة، و عشرات العصابات الشبيهة بها، نحن نمر بفترة صعبة، لكن الشعب والدولة المصرية قادرة على ان يتغلب عليها”.
فيما قال الدكتور عمار علي حسن: “لم يشغل البشر، بعد الله والحب، أكثر من العنف، فقد صاحب وجود الانسان منذ بدأ الخليقة، وورأينا صراع القبائل وصراع الدول على المواد الخام وطرق التجار، فضلا عن صراع الطبقات، وهناك صراع الهوية الدينية، والذي يعد أشد الصراعات فتكا، على الرغم من أن الله عندما انزل الادديان، انزلها لاسعاد البشر ونشر المحبة والسكينة.”
واضاف: الاضرابات والمظاهرات والحرب تعد نوعا من أنواع العنف، لهذا فإن العنف ليس شرا خالصا فإذا كان هناك عنف مدمر يجب تجنبه، فإن قليل من العنف يأتى بالعدالة.
وتابع: “لايمكن أن نتحدث عن مواجهة العنف الاجتماعي قبل الحديث عن تعسف السلطة، لان هذا العنف، ينتج عن قرارات السلطة ، وفى الوقت نفسه لا يمكن ان نتحدث عن مجتمع بلا عنف ، فالمدينة الفاضلة خيال ، لهذا فان الحديث لابد ان يدور حول “مجتمع قليل العنف”،
واستكمل عمار علي حسن القضاء على العنف لن يكون مرة واحدة، وانما بالتدرج والزحف حتى نحقق مجتمع السكينة، ولا يجوز أن نقول أن هذا المجتمع عنيف، فهذه مسألة نسبية، ولابد من الاستفادة من الخبرات الانسانية فى مواجهة العنف، مع التأكيد أن مخاصمة العلم غاية فى الخطورة.”
واختتم كلامه قائلا: “مواجهة العنف ليس مسئولية الشرطة والقوات المسلحة وحدها، وانما لابد من مشاركة خبراء التعليم والفلاسفة والمجتمع المدنى والإحزاب، فلكل منهم دور، حتى نستطيع حشد كل الامكانات مع التأكيد أن قوة الدفع الراغبة فى التغيير للأفضل لن تتوقف وأن العودة الى الماضي مستحيلة.”