تعتبر أزمة خفض الصين لعملتها المحلية “اليوان” ذات تأثير على الاقتصاد العالمي الذى سيكون بلا خطوط دفاعية حال تعرضه لأزمات أخرى، وفقا لما حذر منه خبراء اقتصاديون فصحيفة ” تليجراف” البريطانية نشرت عن ستيفن كينج كبير المستشارين الاقتصاديين في بنك “إتش إس بي سي” الإنجليزي قوله إنه ومنذ الأزمة المالية العالمية، اتخذت بكين، وبدرجة أمن أي دولة أخرى، مزيدا من الإجراءات الرامية إلى” تحفيز النمو الاقتصادي العالمي”، لكنها قد لا تتحرك مجددا كي تحافظ على توازن الاقتصاد العالمي.وتجيء تصريحات كينج في الوقت الذي ذكرت فيه وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني أن تراجع النمو الصيني يعد واحدا من أكبر المخاطر التي تقوض الاقتصاد العالمي هذا العام.
وتوقعت “موديز” أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 6.8% هذا العام، في أعقاب سنوات من النمو الزائد 7%، وتوقعت الوكالة أيضا أن يتباطأ النمو إلى ما نسبته 6% سنويا بحلول نهاية العقد الجاري، مشيرة إلى أن التراجع سيتم إدارته فقط “بفضل الدعم القوي للسياسات الاقتصادية.”
وكان بنك الشعب الصيني “البنك المركزي الصيني” اتجه مؤخراً -على غير المتوقع- إلى خفض سعر اليوان، الذي يُعرف أيضا بـ”الرينمينبي”، ما أدى إلى حدوث هزة في أسواق المال العالمية ،كما قيام الصين مؤخراً بالخفض المفاجيء في سعر “اليوان” لم يسهم سوى في زيادة حدة المخاوف من وضعها الاقتصادي وكذا التأثير المحتمل على باقي الاقتصادات العالمية.كانت الصين خفضت سعر اليوان بنسبة 2% تقريبا في يوم واحد، تلته عمليتا خفض في يومين متتاليين في قيمة العملة.
وتوقت وكالة ” موديز” للتصنيف الائتماني أن يتوقف نمو الاقتصاد العالمي خلال العامين الحالي والمقبل في الوقت الذي يواجه فيه مخاطر من التباطؤ الذي تشهده الصين واحتمالية رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية والتهديدات الناجمة عن إمكانية خروج اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة “اليورو”.وتوقعت “موديز” كذلك أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء في مجموعة الـ20 إلى ما نسبته 2.7% هذا العام، بانخفاض من 2.9% في 2014، مشيرة إلى أن نمو تلك الدول سيسجل ارتفاعا طفيفا فقط إلى 3% في العام 2016.توقعت مصادر من مجال المال البريطاني، أمس، أن تتواصل هزات الاقتصاد الصيني، خلال العام الجاري، التي ربما تتحول تدريجياً إلى أزمة مال عالمية جديدة، تتسارع عجلة تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية، ويلاحظ أن الصين ذات أثر كبير في تحريك الطلب على السلع الأولية، خاصة النفط. وتعتبر الصين ثاني أكبر مستورد للنفط بعد الولايات المتحدة، حيث تفوق وارداتها يومياً 6 ملايين برميل، معظمها من خامات المنطقة العربية. والمشكلة التي تواجه الطلب النفطي منذ مدة أن اضطراب السوق الصيني ينعكس بشكل مباشر على الأسواق الناشئة الأخرى في آسيا، كما يؤثر على معدلات النمو في أميركا التي تعد عملياً منذ النصف الثاني العام الماضي ماكينة الدفع الحقيقية للنمو. ويلاحظ أن المستثمرين يهربون حالياً من الأسواق الناشئة، حيث قدرت مصادر بريطانية أن ترليون دولار خرجت من أسواق آسيا وأميركا اللاتينية خلال الـ 13 شهراً الماضية .
من ناحية أخرى قلص الدولار مكاسبه أمام الين واليورو يوم الأربعاء بعد نزول أسواق الأسهم الصينية والأوروبية رغم إجراءات التيسير التي اتخذتها بكين مع قلق معظم المستثمرين بشأن توقعات الاقتصاد العالمي،حيث أكد محللون ان موجة البيع التي شهدتها الأسواق العالمية في الآونة الأخيرة ساهمت في ارتفاع حدة التقلبات كثيراً ولم يتضح بعد ما إن كان مجلس الإحتياطي الإتحادي (البنك المركزي الأمريكي) سيقدم على تشديد سياسته النقدية. علاوة على ذلك تزداد ضبابية توقعات . من هذا المنطلق لم يستبعد خبراء الاقتصاد حدوث مزيد من التراجعات في الأسهم الأميركية خلال العام الجاري.
في هذا الصدد، يرى الاقتصادي الأميركي، توم دي مارك، أن الأسهم الصينية ستشهد المزيد من الاهتزازات خلال العام الجاري، حتى يكتمل “انفجار الفقاعة” وتصل أسعار الأسهم الصينية إلى القاع بفقدانها 14% من قيمتها السوقية، أي أن المؤشر المجمع للأسهم الصينية سينخفض إلى 3200 نقطة. ومنذ الفتح الجزئي لشراء الأسهم الصينية عبر نافذة سوق هونغ كونغ، ضخ المستثمرون الأميركيون مليارات الدولارات في الأسهم الصينية، كما تستثمر الشركات الأميركية والأوروبية بكثافة في التصنيع بالأسواق الصينية. وبالتالي فإن مخاطر انزلاق السوق الصينية تقلق الساسة ورجال المال في أنحاء العالم، لأن تباطؤ الاقتصاد الصيني أو احتمالات حدوث انهيار في سوق الأسهم، سيكون كارثة على الشركات الأميركية والأوروبية التي تعتمد بشكل كبير على السوق الصينية. أما على صعيد العملة فإن إنهيار اليوان سيعني عملياً إغراق الأسواق العالمية بالسلع الصينية الرخيصة جداً، وهو ما يعني قتل دورة انتعاش الاقتصاد الأميركي وعودة أوروبا للكساد الاقتصادي الكبير.