تصاعدت وتيرة الأحداث في ضوء الأعمال الارهابية التي شهدتها العاصمة البلجيكية بروكسل، وتوقفت شبكات المترو والحافلات عن العمل في بروكسل، وأخليت المطارات والمحطات في بلجيكا، وألغيت الكثير من الرحلات الجوية، ووصلت الفوضى إلى قسم من وسائل النقل الأوروبية بعد أن تسببت الأعمال الإرهابية في دفع السلطات البلجيكية خاصة والدول الأوروبية عامة إلى تشديد التدابير الأمنية في كل مكان تقريبا.
وقتل 36 شخصًا على الأقل وجرح عشرات آخرون في هجمات وقعت في مطار بروكسل الدولي ومحطة مترو في ساعة الذروة في العاصمة البلجيكية بروكسل مما أدى لحالة من التأهب الأمني في أنحاء أوروبا الغربية ووقف بعض التنقلات عبر الحدود.
وتبنى تنظيم “داعش” المسئولية عن هذه الهجمات ، وذلك في خبر نشرته وكالة أعماق التابعة للتنظيم.
في حين أعلنت النيابة الفدرالية البلجيكية أن عبوة ناسفة تحوي مسامير، إضافة إلى مواد كيميائية وراية لتنظيم “الدولة الاسلامية” عثر عليها خلال عمليات دهم جرت في بروكسل إثر التفجيرات الأخيرة، وقالت النيابة إن “عمليات الدهم التي تمت في شايربيك “منطقة بروكسل” أدت إلى العثور على عبوة ناسفة تحوي مسامير، وعثر المحققون أيضا على مواد كيميائية وراية لتنظيم الدولة الإسلامية“.
ويري محللون أن بلجيكا لم تكن ضمن الدول التي يستهدفها تنظيم الدولة الاسلامية داعش، إلا ان حملات الاعتقال التي شنتها مؤخرا للكشف عن المتورطين في احداث باريس الأخيرة التي وقعت في نوفمبر الماضي، ربما أدت إلى قيام التنظيم بتكليف عناصر غير معروفة للأجهزة الأمنية بشن هذه العمليات.
من جانبها أصدرت شرطة بروكسل مذكرة اعتقال بحق رجل يشتبه بضلوعه في التفجيرات ، وأكد المدعي الفيديرالي البلجيكي فريدريك فان لو إن الرجل الملاحق يعتقد أنه رافق الانتحاريين.
ونشرت الشرطة صورة على موقع تويتر لرجل يسحب عربة للحقائب في مطار سافنتيم ببروكسل، تحتها سؤال كتب باللغة الفرنسية جاء فيه: “من يعرف هذا الرجل؟“
وقال المدعي فريديريك فان لو أن “عمليات دهم مختلفة تجري في أماكن عدة في البلاد ويتم الاستماع أيضا إلى العديد من الشهود”.
وشددت جميع الحكومات الأوروبية تقريبا، تدابيرها المتخذة لمكافحة الإرهاب، وزادت وسائل الحماية لبعض المواقع، مثل محطات القطارات والمطارات والمحطات النووية.
وفي بروكسل، أعلنت إدارة شركة ستيب للنقل المشترك على موقعها في تويتر، أن “كل فروع شبكتنا قد أقفلت في الوقت الراهن“.
واغلق مطار بروكسل- زافنتم الدولي، حيث وقعت الانفجارات صباح اليوم، أما كبرى محطات المدينة فقد أقفلت أيضا حتى إشعار آخر. وأثرت هذه الاعتداءات التي وقعت في بلجيكا، على كل أنحاء أوروبا.
وأدى إغلاق مطار بروكسل إلى إلغاء أو تحويل أكثر من ألف رحلة، كما يتبين من تعداد أجرته وكالة فرانس برس. والطائرات التي كانت متوجهة الى بروكسل لحظة وقوع الانفجارات، طلب منها التوجه إلى شارلوروا (بلجيكا) وماستريخت في هولندا أو إلى أمستردام.
وعلى صعيد القطارات، توقفت رحلات تاليس (باريس- بروكسل- أمستردام- كولونيا) على كل الأراضي البلجيكية، أما القطارات التي كانت تقوم برحلات إلى البلدان المجاورة، فقد عادت أدراجها، كما ذكرت المجموعة لوكالة فرانس برس. وتوقف أيضا قطار يوروستار الذي يقوم برحلات بين بروكسل ولندن، في الاتجاهين، والقطارات التي كانت تقوم برحلات توقفت في مدينة ليل الفرنسية.
وعلى غرار فرنسا وألمانيا، شددت هولندا عمليات التفتيش والمراقبة على حدودها مع بلجيكا. ففي لندن وباريس وفرانكفورت وكوبنهاغن وبراغ، شددت السلطات من التدابير الأمنية في المطارات ومحطات القطار ومحطات المترو.
وفي برشلونة، سيرت الشرطة الكاتالونية الإقليمية، دوريات لعناصر شرطة مكافحة الشغب ووحدات من الكلاب المدربة.
وفي فرنسا، قرر وزير الداخلية برنار كازنيف نشر 1600 شرطي ودركي إضافي. ولتعزيز الأمن في وسائل النقل المشترك، ستسمح السلطات بالوصول إلى الأماكن العامة لوسائل النقل، “للأشخاص المزودين ببطاقة سفر أو بطاقة هوية فقط” وستتخذ “تدابير مراقبة وتفتيش منهجية“.
من جانبه نصح رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي “بعدم السفر إلى بروكسل”، تحدث عن “تعزيز الدوريات في المطارات وفي بعض المحطات، ولاسيما تلك التي تعبرها القطارات الدولية“.
ودعا عدد كبير من رؤساء الحكومات إلى اجتماعات طارئة بعد اعتداءات بروكسل، كرئيسة الوزراء البولندية بياتا زيدلو ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، اللذين قد يتخذان تدابير إضافية.
من جانبه قال فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألمانية الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا: “أدين هجمات بروكسل بأقصى لهجة ممكنة، إنها تستهدف قلب أوروبا وتوجه بخستها الإجرامية للناس العزل“.
أكد شتاينماير “أوروبا تقف في هذه الساعات العصيبة متكاتفة مع بعضها البعض، فبروكسل ليست وحدها، باستطاعة أصدقائنا البلجيك أن يراهنوا على دعمنا”، معتبرا أن أوروبا تواجه الإرهاب بشكل مشترك، وعبر عن تعازيه للشعب البلجيكي ولأهالي الضحايا.
أوضح شتاينماير أن الخارجية الألمانية شكلت فريق أزمة لمتابعة الأحداث في بروكسل والتنسيق مع السلطات البلجيكية ونصحت المواطنين الألمان الموجودين حاليا في بروكسل بالتزام أقصى درجات الحيطة والحذر.
وتباينت ردود الفعل حول هذا الحادث الاليم من مختلف دول العالم، وأدان الرئيس الأمريكي باراك أوباما الهجمات الإرهابية ، وأكد بقوله على هامش زيارته لكوبا “يجب أن نقف معاً بغض النظر عن جنسيتنا أو عرقنا أو ديننا لمكافحة آفة الإرهاب، ونستطيع هزيمة من يهددون سلامة وأمن الناس في جميع أنحاء العالم وسنهزمهم“.
في حين قال رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك إن التكتل سوف يساعد “بلجيكا وأوروبا ككل على مكافحة تهديد الإرهاب الذي نواجهه جميعاً“.
بينما أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أن “أوروبا كلها مستهدفة من خلال اعتداءات بروكسل، مضيفاً أن على أوروبا “اتخاذ كل الإجراءات الضرورية إزاء خطورة التهديد“.
كذلك اعتبر رئيس الحكومة التشيكي بوجوسلاف سوبوتكا هذه الهجمات بمثابة “اعتداء على القيم الجوهرية للديمقراطية والحرية، معبراً عن تعازيه لأهالي الضحايا الأبرياء.
على الجانب الاخر لم يستبعد الخبير الألماني في قضايا الإرهاب جيدو شتاينبيرج وقوف شركاء المتهم الرئيسي في هجمات باريس، صلاح عبد السلام ، وراء تفجيرات بروكسل الدامية.
أكد أن السلطات البلجيكية والفرنسية كانت في رحلة بحث مستمرة عن صانعي قنابل هاربين، حضروا المتفجرات المستخدمة في هجمات باريس شهر نوفمبر الماضي، إلى الآن لم يتسن للسلطات القبض عليهم. ولتفادي تكرار وقوع هجمات مماثلة، فمن الضروري القبض عليهم، وهذه هي ستكون المهمة الرئيسية لقوات الأمن البلجيكية في الأسابيع القادمة.
شدد خبير الإرهاب الدولي على أن بلجيكا تحتضن أكبر مجموعة من الجهاديين الأوروبيين، الذين انضموا إلى تنظيم “داعش” في سوريا ، ولدى بلجيكا العديد من المشاكل في مواجهة الإرهاب، كما تعرضت فرنسا هي الأخرى لهجمات إرهابية، بيد أن مؤسسات الأمن هناك قوية ومتماسكة، لكن الأمر مختلف في بلجيكا، إذ أن مؤسسات الدولة لا تعمل بشكل جيد.
بينما أوضح إلمر تيفيسن، الخبير في الجماعات الإرهابية أن أجهزة الأمن الألمانية قد أجرت عدة اجتماعات لتبادل المعلومات، خاصة وأن بعض المتهمين والمخططين لهجمات باريس، كانوا قد قضوا ليلة في سبتمبر الماضي في أحد الفنادق الألمانية بصحبة صلاح عبد السلام، الذي تم إلقاء القبض عليه يوم الجمعة من قبل السلطات البلجيكية. وذلك بعد مرورهم من هنغاريا والنمسا وألمانيا.
تساءل الخبير الألماني بقوله ” هل هناك إرهابيين آخرين جاؤوا عبر هنغاريا ثم النمسا وألمانيا، وشاركوا في الهجمات التي عاشتها بروكسل اليوم؟”.