بعد تعاقب العديد من الحكومات : إجراءات جديدة لإقالة المصانع المتعثرة
تأسيس شركة برأس مال 7 مليار جنيه للمصانع المتعثرة
مصانع للأسمدة والأسمنت متوقفة واستثماراتها تتجاوز 15 مليار دولار
آزمة المصانع المتعثرة تهدد بتشريد 250ألف عامل
ملف المصانع المتعثرة، تتداوله حكومة تلوالأخرى ولكن حل الآزمة لم يرى النور نتيجة الأحداث المتلاحقة التى صاحبت الثورتين، المتمثلة فى إضرابات العمال والمطالب الفئوية، والتى استمرت لمدد طويلة، حتى تسببت فى فقد العديد من المصانع دورها الانتاجى، وتأزم موقفها المالى وفى النهاية أضير العامل ، وترتبط هذه الآزمة بالأساس بالتعثر المالى، فهناك مصانع توقفت بالفعل قبل الاضطرابات السياسية التى تشهدها مصر نتيجة لمشكلات فى الإدارة والركود الذى أصاب الأسواق وعدم قدرة تلك المصانع على تحمل الضغوط،ليظل آلاف المصانع المتعثرة ومئات الآلاف من العمالة الماهرة فى الشارع لينضموا إلى طابور البطالة، ومليارات الاستثمارات المعطلة ، فما الحلول التى يمكن طرحها لعودة هذه المصانع إلى قاطرة الاقتصاد، والتى يمكنها أن تستعيد الكثير من العمالة، التى لا تجد مكانا لها بعد الاغلاق، لذلك تهتم “وطنى” بتسليط الضوء على هذا الملف لأهميته .
حل نهائي للمصانع المتعثرة
أعلن المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة: أن المصانع المتعثرة والمتوقفة يبلغ عددها 871 مصنعاً، منها 27 متعثر فعلياً مع البنوك، و 80 مصنعاً لأسباب غير بنكية مثل مشاكل مع جهات أخرى، إلى جانب 107 مصانع غير متعثرة غير أنها تحتاج لتمويل , مشيرا الى أن الوزارة في طريقها لوضع حل نهائي للمصانع المتعثرة وفق إجراءات محددة، تشمل تشكيل صندوق يدار من خلال شركات التمويل.
تذليل العقبات وحلول جذرىة
من جانبه أكد طارق عامر محافظ البنك المركزى أنه تم تأسيس شركة برأس مال 7 مليار جنيه للمصانع المتعثرة ، لتذليل العقبات من أمام طريق تشغيلها وانتشالها من عثراتها، وأن وضع البنوك المصرية جيد ، والبنك المركزى استطاع أن يوفى بكل الالتزامات وسداد الديون للأجانب ، موضحا أن حجم القروض للقطاع الخاص بلغ 88 مليار جنيه.
مساندة المصانع المتعثرة
من ناحية أخرى صرحت الدكتورة عبلة عبد اللطيف رئيس مجلس التنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية: بإنه يتم حالياً إنشاء صندوق لمساندة المصانع المتعثرة بالتعاون مع وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري ، بالتعاون مع مركز تحديث الصناعة الذى يهتم بإيجاد حل جزرى لهذه المشكلة فى إطار توجه الدولة لتحسين أداء الاقتصاد المصرى بكافة قطاعاته كما نحاول أن نكون على الطريق الصحيح بإتباع نموزج تنموى سليم .
تعصف بالمصانع
وقال محمد زكي السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية: إن مبلغ الـ150 مليون جنيه الذي أعلنته الحكومة لدعم المصانع المتعثرة غير كاف، ولكنه خطوة أولى فى طريق حل الازمة ، وأضاف السويدي: أن مركز تحديث الصناعة هو الذي سيتولى الإشراف على صندوق دعم المصانع المتعثرة، وأكد رئيس اتحاد الصناعات ، إعلان محافظ البنك المركزي، طارق عامر، إتاحة نحو 6,8 مليار جنيه، لحل مشكلات المصانع المتعثرة خلال الفترة المقبلة خطوة جيدة. وأشار السويدي، إلى أن محافظ البنك المركزي تعهد معه، بتوفير سيولة مالية أخرى للقطاع الصناعي، وللاستيراد خلال المرحلة المقبلة، مشددًا على أن أهمية الاجتماع الذي عقده الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرا مع نحو 35 رجل أعمال، تكمن في إزالة المخاوف التي انتابت المستثمرين، وحثهم على ضرورة مواصلة ضخ مزيد من الاستثمارات الجديدة بالسوق المصرية، وإتاحة العديد من فرص العمل الجديدة خلال الفترة المقبلة.
وأكد السويدي على عدم إمكانية تدقيق الأرقام إلى اختلاف مفهوم التعثر لدى أصحاب المصانع،موضحًا أن هناك مصانع متعثرة، وأخرى تفاقمت أوضاعها ،مشيراإلى أن الوزارة تتفاوض مع عدة جهات أخرى للمساهمة فى تمويل الصندوق لرفع رأسماله.
وأضاف: قطاع الصناعة مر بأزمات، كادت تعصف بشريحة كبيرة من المصانع الصغيرة والمتوسطة، فأكثر من 4 سنوات منذ 2011 ، فى عدم الاستقرار الأمنى والسياسى، وتراجع المؤشرات الاقتصادية، التى كانت كانت سبباً فى معاناة للقطاع الصناعى ، والتى نتج عنها تعثرعدد كبير من المصانع، وصل إلى أكثر من 900 مصنع حتى الآن، والتى أعلنت بشكل رسمى عن تعثرها ، مطالبا الحكومة والبنك المركزى بضرورة العمل خلال الفترة المقبلة على حل مشكلة المصانع المغلقة والعمل على معالجة ظاهرة الطاقات المتعطلة فى العديد من المصانع بمختلف المدن الصناعية.
وأضاف: إن الاتحاد ينسق مع البنك المركزى للوصول لحلول سريعة للمصانع المتوقفة، فالظروف الصعبة التى تواجه القطاع تتطلب مزيدا من الجهد والتعاون من أجل إصلاح أوضاع الاقتصاد المترهلة ، ويرى السويدى أن هناك ضرورة لقيام الحكومة بإصدار برامج جديدة لمساندة الصناعة المصرية، مع تطبيق حظر استيراد السلع التى لها بديل محلى، وزيادة دعم المصدرين وتوفير المزيد من الأراضى الصناعية، بالإضافة إلى حث البنوك على التمويل والعمل على خفض نسبة الاقراض للنشاط الصناعى.
47 مصنع كمرحلة أولى
أكد المهندس أحمد طه المدير التنفيذي لمركز تحديث الصناعة والمسئول عن ملف المصانع المتعثرة: أن الحكومة بصدد إنشاء “صندوق لحل مشاكل المصانع المتعثرة ” وبتمويل من عدة جهات،منها ” صندوق تحيا مصر” ، مشيراإلى أن إدارته سوف تكون من خلال شركات متخصصة ،وقال: إن عدد المصانع المتعثرة وفقا لإحصاءات التي قام بها المركز منذ نحو عام ونصف بلغت 870 مصنع متعثر على مستوى المناطق الصناعية ، مشيراً إلى أن هذا الرقم لم يعد دقيقا الأمر الذي يستدعي معه عمل حصر جديد خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أنه سيتم الإعلان عن صندوق حل مشاكل المصانع المتعثرة خلال الأيام المقبلة، متوقعا أن يتم العمل كمرحلة أولى مع 47 مصنعا متعثرا، وأن الإعلان عن هذا الصندوق بارقة أمل للمشاكل المتعثرة ، مشيرا إلى أن المالية خصصت 150 مليون جنيه تودع بهذا الصندوق. وأوضح أن التمويل الذى خصصته الحكومات السابقة بقيمة 500 مليون جنيه، لتعويم المصانع المتعثرة، لم يتم توجيهه إلى المصانع المتعثرة نتيجة عدم وضع آليات لصرف تلك المبالغ. وقال: إن الأرقام المتداولة حول عدد المصانع المتعثرة غيردقيقة، وان الوزارة ممثلة فى مركز تحديث الصناعة قامت بنشر أربعة إعلانات كان أخرها فى شهر أكتوبر عام 2013 تدعو المصانع المتعثرة للتقدم لدراسة حالاتها والمساعدة على حلها وان إجمالى من تقدموا نحو 920 حالة فقط وتمت دراسة هذه الحالات من قبل لجان متخصصة فنيا وتم إنشاء إدارة مالية لتقوم بعمل تقييم مالى لموازنة هذه الشركات .
وأضاف: خلصت الدارسات الميدانية والفنية لهذه الحالات إلى أن المصانع التى ينطبق عليها تعريف مصنع متعثر طبقا للشروط التى وضعناها ل (35 )مصنعا متعثرا فقط يعمل بها قرابة (4500 )عامل باستثمارات نحو( 900 ) مليون جنيه يحتاجون قرابة( 200 ) مليون جنيه بمتوسط خمس ملايين جنيه لكل مصنع عبارة عن قروض وليست منحا، موضحا أن بعض هذه الحالات بعد الانتهاء من دراستها الفنية رفضوا تقديم الملف المالى والموازنة، وباقى المتقدمين لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم إما مصانع قطاع أعمال أو شركات تجارية أو شركات سياحية وفنادق ومزارع.
وأكد أن هناك عدد من المصانع مغلقة منذ عشرات السنين ومصانع خالية عبارة عن هناجر ومنها مصانع لها قضايا منظورة بالمحاكم منذ عشرات السنين، ومنها من لديه مشاكل مصرفية.
الإغراق المتعمد
ومن جانبه أكد محمد البهي عضو اتحاد الصناعات ورئيس لجنة الضرائب بالاتحاد:
أن أبرز المعوقات التى أدت إلى تعثر المصانع هو ضرب الفواتير واتساع حجم الاقتصاد غير الرسمى، نتيجة الإجراءات المشددة التى تفرضها الجهات المعنية من أجل إصدار تراخيص تشغيل للمصانع، وارتفاع أسعار الدولار، مؤكداإن أسباب تعثر المصانع جاءت خارج إرادة رجال الأعمال منها الركود الاقتصادى خلال السنوات الماضية، والإغراق المتعمد من الأسواق الخارجية بمنتجات منخفضة الأسعار رديئة المواصفات، وارتفاع أسعار الخامات ، ووقف التصدير فى عدد كبير من المصانع.
وأكد البهى أن ضخ هذه الأموال فى المصانع المتعثرة والمتوقفة سيؤدى إلى إحياء هذه الأصول، كما سيؤدى إلى تشغيل حجم كبير من العمالة، كما سيؤدى إلى دخول خزينة الدولة أموال من الضرائب، فضلاعن زيادة فاتورة الصادرات بأكثر من 30%.
وأضاف: إنه طبقا لآخر بيانات لدى الاتحاد حصل عليها من جمعيات المستثمرين بالمدن الصناعية عدد المصانع المتعثرة وصل إلى قرابة 7000 مصنع كان يعمل بها قرابة مليونى عامل حياتهم توقفت تماما وهذا اثر بالسلب على الاقتصاد من عدة جوانب منها ضياع رسوم الضرائب والجمارك على الدولة وعملة أجنبية من الصادرات وسيولة فى الأسواق وقدرة شرائية، وتوقف استثمارات تقدر بنحو 35 مليار جنيه متوقفة عن العمل.
وأوضح أن أسباب التعثر،منها المالى متمثل فى عدم القدرة على الحصول على قروض لشراء خامات ومستلزمات إنتاج ومعدات، وأن السياسات المالية للبنوك تتعارض مع ما يصدره البنك المركزى من تعليمات، أى وضع العملاء المتعثرين فى قوائم سوداء لمدة 5 سنوات فقط وعند انتهاء هذه المدة للمتعثر الملتزم يجب التعامل معه بشكل عادي، إلا أن البنوك تتعسف فى إقراضه ويعامل معاملة غاية السوء من قبل لجان الجدارة المالية بالبنوك.
ويطالب البهى بتمويل الصندوق المزمع انشاءه بما لا يقل عن 3 مليارات دولار من المنح والمساعدات الأجنبية ، وذلك لإقالة هذه المصانع المتعثرة ، على أن يدار طبقا لقانون خاص به تحت إدارة مجموعة محترفة من الخبراء يقومون بتقييم الأصول المتعثرة والفرص الواعدة لتلك المصانع ويتم إقراضها بأسلوب المشاركة بحيث يخرج الصندوق بعد عدة سنوات محملا بأرباح كبيرة يعاد ضخها فى مصانع متعثرة أخرى بما يطلق عليه القرض الدوار.
العدد غير محدد
أكد المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين على أهمية مساندة الدولة فى المرحلة الحالية بحانب المصانع المتعثرة ، وذلك فى إطار دعمها المستثمرين الجادين الذين تعثروا بسبب الظروف الاقتصادية خلال السنوات الـ5 الماضية ، وذلك بعد التوصل لأسباب توقفها وطرق علاقها المختلفة حتى تعود للإنتاج من أخرى ، وأضاف إن عدد هذه المصانع غير محدد إلا أن وزير التجارة الصناعة قد أعلن أنها فى حدود 871 مصنعاً ، منوهاً أن إعادة تشغيل العمالة المتوقفة هى من أولويات إعادة تشغيل هذه المصانع . كما يرى المهندس “صبور” أن هناك ضرورة كبيرة لزيادة مساهمة البنوك خلال الفترة القادمة فى تمويل المصانع والشركات المتعثرة وغيرها حتى يستعيد الاقتصاد المصرى عافيته وتعود معدلات النمو والإنتاج إلى الإرتفاع مرة أخرى ، والتى بدورها تنعكس ايجابياً على الأجور وخفض العجز والتشغيل . وأوضح رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين أنه خلال اللقاء الأخير بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ومجموعة من رجال الأعمال تم عرض أهم المشاكل التى تواجه الصناعة المصرية منها فرض ضريبة عقارية على المصانع وارتفاع أسعار الأراضى الصناعية بصفة عامة .
مشاكل مُلحة بالصناعة
من جانيه أكد الدكتور شريف الجبلى رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات أن من أهم المشاكل والمعوقات التى تواجه الصناعة المصرية فى الوقت الحالى هى مشكلة المصانع المتعثرة واستثماراتها المتوقفة ، مشيراً إلى وجود عدة مشاكل ملحة بقطاع الصناعة ولابد من حلها ، منها مصانع الأسمدة والأسمنت المتوقفة بسبب عدم وجود الغاز ، على الرغم من أن حجم استثماراتها يتجاوز الـ 15 مليار دولار ، منوهاً أنه يتم توجيه الغاز الطبيعى لمحطات الكهرباء والمنازل وقطعه بالشهور عن المصانع .
وطالب بالإسراع بمبادرة إنشاء صندوق خاص لدعم المصانع المتعثرة، كما أوصى بمؤتمر أخبار اليوم الذى عقد مؤخراً بإعباره رئيس لجنة الصناعة بالعمل على إيقاف تحصيل ضريبة المبيعات على المعدات الصناعية غير الدستوري تشجيعاً للصناعة المصرية ، وضرورة إعادة طرح قانون العمل الذي ينظم علاقة العامل بصاحب العمل على المجتمع الصناعي للمناقشة ووضع ضوابط وآليات تنظم علاقة العامل بصاحب العمل، مما سيكون له بالغ الأثر على الصناعة المصرية .
مضيفاً أن منظومة التدريب الصناعى تحتاج إلى إعادة تقيمها من جديد ، فضلاً عن أهمية إعداد قانون العمل بشكل يوضح طبيعة العلاقة بين صاحب العمل والعامل ، مشدداً على ضرورة إتباع الأساليب الكفيلة بحماية الصناعة المصرية والعمل على إدخالها فى نطاق التنافسية العالمية .
إعفاءها من الضرائب
وأكدت الدكتورة سامية حسين رئيسة مصلحة الضرائب العقارية:
أنه سيتم إصدار تعليمات تنفيذية لمأموريات الضرائب العقارية لوضع آلية لإعفاء المصانع المتعثرة من سداد الضريبة العقارية، حيث تقوم اللجنة ببحث الحالات المعروضة بشكل فردي وإعفاء الحالات التي يثبت استحقاقها للإعفاء وتوضيح أسس احتساب الضريبة.
وطالبت وضع آلية لإعفاء أراضي المصانع الفضاء غير المستغلة من الضريبة العقارية،
مؤكدة أنه يمكن تقديم طلب إلى مأمورية الضرائب التابع لها المصنع مؤيدًا بالمستندات اللازمة لإثبات أن تلك الأراضي غير مستغلة، وسوف تقوم المأمورية بإجراء المعاينات اللازمة وإعفاء المساحات التي يتضح أنها غير مستغلة ، واقترحت تشكيل لجان متخصصة بمأموريات الضرائب العقارية للنظر في حل الشكاوي لكي يتم تقليص المشكلات التي يتم تحويلها إلى لجان الطعن والحد من الأعباء التي تتكبدها المصانع بسبب الإجراءات المعقدة بلجان الطعن.
تشريد 250 ألف عامل
وقال عبد الغني سعيد القيادي العمالي: إنه تم أغلق أربعة آلاف و650 مصنعًا وشركة، وفصل وتشريد 250 ألف عامل في كل المجالات المهنية إلى الشارع،وذلك عقب ثورة 25يناير بدون صرف أي مستحقات اجتماعية لهم، بعد إغلاق مصانعهم، مطالبًا الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة تشغيل المصانع المغلقة لصناعة كل ما يتم استيراده من الخارج من أجل الحفاظ على قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، والحد من البطالة.