“ضريبة القيمة المُضافة ” سمعنا كثيراً عن الدول التى سبقتنا فى تطبيقها وعلى رأسها فرنسا رائدة تطبيقها عام 1954، كما تحدث عنها العديد من الخبراء المصريين بأنها تُعد الأفضل من حيث وحدة تطبيقها عالمياً فى كافة المجالات ولذلك فأنها تتسم بالثبات فى أسلوب الحساب على كافة الممولين ، كما أكد لنا البعض أنه لو أقدمت مصرعلى تطبيقها فهذا سوف يُساعدنا على جذب الكثير من الاستثمارات بفضل أن أغلب المستثمرين حول العالم يعرفون جيداً هذا النظام ويتعاملون به منذ سنوات طويلة ، وبالتالى فتطبيق “ضريبة القيمة المُضافة” فى مصر سيكون إحدى نقاط جذب المستثمرين لأنه يثق فى هذا النظام .. لكن أخرين يرون أن نجاح تطبيق هذه الضريبة يتوقف على حُسن أختيارالتوقيت لتطبيقه ، فضلاً عنما يلزمة من الوقت الكافي لشرح مزايا وعيوبه على كافة فئات الممولين .
ومؤخراً أكد هاني قدرى وزير المالية خلال مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي على أهمية تطبيق ضريبة القيمة المضافة ، مُشيراً أنها دخلت مراحل التطبيق الفعلى لكنها بشكل جزئى ، وأضاف : إن التطبيق الكامل سيحد من التشوه الحالى في نظام الضرائب على المبيعات ويرى وزير المالية أنه يجب تغيير منهجية المنظومة الضريبية، حيث لا تتجاوز نسبة الضرائب 14% من موارد الدولة، منوهاً أنه بدون إيرادات قناة السويس ستكون النسبة 8% فقط، لذلك يجب تغيير المنظومة لسد الفجوات الاقتصادية وزيادة تمويل المشروعات القومية والمستدامة .
سيناريوهين للمستقبل
من ناحية أخرى طرح المركز المصرى للدراسات الاقتصادية تساؤلاً من خلال سلسلة ” ماذا لو ” تتعلق بسيناريوهين مختلفين لتطبيق ضريبة القيمة المضافة من عدمه بعنوان : “ماذا لو طبقت مصر ضريبة القيمة المضافة عوضاً عن الضريبة العامة على المبيعات؟”
حيث يفترض السيناريو الأول أن تطبق الحكومة ضريبة القيمة المضافة على نحو يتسم بالشفافية والعدالة ، مما يترتب عليه اتساع القاعدة الضريبية ،مما يؤدي إلى زيادة الإيرادات الحكومية بمقدار 30 مليار جنيه في خلال العام المالي 2015/ 2016 .
وأوضحت السلسلة أن ذلك يساعد على ارتفاع أسعار السلع والخدمات غير الأساسية لمرة واحدة مع توقعات بارتفاع التضخم بنسبة 2.6% .. و يتم تقنين أوضاع جزء مهم من القطاع غير الرسمي من خلال تسهيل عمليات الفوترة وحوافز الرد الضريبي ، لكن سيتم تجنب الازدواج الضريبي، ومن ثم تشجيع المزيد من الإمتثال الضريبي .
بينما جاء الإفتراض الثانى بعدم تطبيق الحكومة ضريبة القيمة المضافة وتعزز بدلاً من ذلك الضريبة العامة على المبيعات المطبقة حالياً ، بحيث تؤدي الإصلاحات التشريعية في الضريبة العامة على المبيعات إلى زيادة طفيفة في الإيرادات الضريبية من خلال تقديم حوافز للممولين الممتثلين وتوقيع غرامات أكثر صرامة على المتهربين من الضرائب . وتكون التوقعات التضخمية محدودة ، وبالتالى يستمر القطاع غير الرسمي والاقتصاد النقدي في الإتساع ، مما يؤدي عدم توحيد المعدلات الضريبية على السلع والخدمات المختلفة إلى تعقد الإدارة الضريبية .
ونوه المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن ذلك جاء استناداً إلى تصريحات صحفية أدلى بها وزير المالية الدكتور هاني دميان .
إيرادات ضخمة للحكومة
من جانها أكدت الدكتورة أمنية حلمى المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن ضريبة القيمة المضافة التى تتسم بجودة التصميم والتطبيق تساعد على تحقيق إيرادات ضخمة للحكومة لكن قد تحدث ضغوط تضخمية خاصة فى بداية تطبيقها ، لذلك تنصح بأهمية اختيار توقيت التطبيق بل الإبتعاد عن الفترة الحالية لما تشهده من موجة فى أرتفاع الأسعار لأسباب أخرى متعددة ، وأضافت: إن التحول من الضريبة العامة إلى الضريبة المضافة سيساعد على زيادة الإيرادات لسد العجز المتزايد للموازنة العامة والتى بلغت 240 مليار جنيه بما يوازى 14% من الناتج المحلي ، مشيرة إلى أن ذلك سيزيد من تعزيز الكفاءة الإنتاجية وتشجيع الصادرات وزيادة الإيرادات، وسيوفر المزيد من الإيرادات العامة بجانب أنها ستساعد على الحد من التهرب الضريبي وزيادة الحصيلة الضريبة . وأوضحت د.” حلمى ” أنه منذ 50 سنة مضت لم تكن ضريبة القيمة معروفة خارج فرنسا وتطبق الآن فى فى أكثر من 150 دولة .واستطردت قائلة : يمكن أن تشكل ضريبة القيمة المضافة المسردة على المدخلات حافزاً للقطاع غير الرسمى لتقنين أوضاعها ، إذ يجب أن تهدف استراتيجية التنفيذ إلى ضمان أن لا تدفع مزيد من الشركات إلى الإنضمام للقطاع غير الرسمى بل تكون هذه الضريبة حافزاً لها على الإنضمام للقطاع الرسمى .
وأشار حازم حسن الخبير المحاسبى المعروف “حازم حسن وشركاءه” إلى أن أول مرحلة لتطوير منظمة الضريبة بدأت عام 2005 والخاص بالضريبة الموحدة على الدخل والتي أحدثت نقلة نوعية للضريبة على الدخل وانعكس النجاح على زيادة الحصيلة الضريبة ، وأضاف : إن تطبيق ضريبة القيمة المضافة سيكون علامة من كلامات التحضر الضريبى أمام المستثمرين من كل دول العالم ،و بداية لمرحلة جديدة من تحديث منظومة الضرائب المصرية من الضريبة ، مؤكداً أن تطبيقها ليس جديداً على مصر، ولكن المطلوب تطبيقها بشكل كامل وشامل على كل السلع والمبيعات .
من جهته أكد الدكتور على لطفى رئيس وزراء مصر الأسبق على أهمية أختيار توقيت التطبيق من جانب متخذى القرار ، منوهاً إلى ضرورة شرح مزايا تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الاقتصاد القومى والمواطنين معاً خاصة فى ظل ارتفاع حصيلة الضرائب مع تطبيها كما هو متوقع الأمر الذى قد يجعل المواطنين مُتخوفين من تطبيقها .
الإنتقال الآمن من ضريبة المبيعات
فى حين طالبت جمعية خبراء الضرائب المصرية، بإقرار سعر مناسب وموحد للضريبة على القيمة المضافة سواء على السلع أو الخدمات، واقترحت أن لا يتجاوز 10% حتى لا تتضاعف الآثار التضخمية للضريبة وتتسبب فى زيادات كبيرة للأسعار، كما طالبت بإعادة النظر فى تحديد تاريخ استحقاق الضريبة المقرر حالياً لأنه يتسبب فى زيادة أعباء الضريبة على المكلف دون مبرر.
وأكد المحاسب القانونى أشرف عبد الغنى، رئيس الجمعية على ضرورة مراعاة مشروع القانون بعدد من الآليات لضمان الانتقال الآمن من ضريبة المبيعات إلى مفهوم الضريبة على القيمة المضافة، داعيا إلى دراسة إمكانية تطبيق الفحص بالعينة أسوة بقانون الضرائب العامة رقم 91 لسنه 2005.
مٌقترحاً إعادة النظر فى المواعيد القانونية لتقديم الإقرارات حتى لا تتضاعف الأعباء الإدارية على الجهاز الضريبى، وأيضاً تسمح بتوافر السيولة المناسبة للشركات لسداد التزاماتها الضريبية دون تأخير، كما طالب بوضع الآليات القانونية الواضحة والمحددة التى تضمن تفعيل نظام رد الضريبة وتنهى مشكلات التأخير فى عمليات الرد للمستحقات سواء بسبب تعقيدات إجرائية أو بيروقراطية.
وبحسب “ويكيبديا” فإن الضريبة على القيمة المضافة value added tax)) ظهرت للمرة الأولى سنة 1954 في فرنسا باقتراح من موريس لوريه الذي وضع قواعدها الرئيسية سنة 1953، وكان ظهور نظام الضريبة على القيمة المضافة ولا يزال مثيرا لإهتمام أهل السياسة وأصحاب القرار ولقد انصب اهتمامهم ودارت حواراتهم وأحيانا مساجلاتهم حول آثار هذه الضريبة، يعتقد كثيرون أنها أفضل من قوانين ضريبة المبيعات الثابتة المنتشرة، إلا أنها محط نزاع مع كثير من الحركات الشعبية والمنظمات الحقوقية لكونها عبئاً على صغار المنتجين والكسبة وطريقة لحصر أرباحهم وإنقاصها ومساعدة لكبريات الشركات ذات كميات الإنتاج الضخمة.